نظّمت لجنة الدعوة في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، لقاء علمائياً موسّعاً في بيروت دعماً لصمود غزّة ومقاومتها، واستنكاراً للمجازر الوحشية الّتي يرتكبها العدو الصهيوني بحقّ أهلنا في القطاع.
الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال سعيد شعبان اعتبر في كلمته أنّ ما يجري في غزة يشعرنا وكأنّ القرآن يتنزل في مثل هذه الأيام، وهذا جليّ بمختلف الآيات والأحاديث النبويّة، فاللّه سبحانه قال “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” لمّا نزل القرآن الكريم لم يكن هناك دولة للكيان الغاصب كان الروم يحكمون هذه البلاد، ثم ينطلق القرآن ليقول “وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا” ويقول أيضاً “فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ”… إذاً القرآن يقول ستكون للهيود دولة وستكون هناك معركة وسيكون هناك عباد لله عزّ وجلّ أولي بأس شديد ينطلقون من الأرض المباركة، ثم يحدّد الله موقع وكيفية المواجهة “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ” منذ عقود كان يقول لنا المربّي الشيخ أكرم خضر، رحمه الله، أنّ القرى المحصّنة المستوطنات، والجدر هي الجدر المعدنية أي الدبابات والآليات، فلم يكن وقتها هناك جدر كجدار الفصل العنصري، وهذا من إعجاز الله سبحانه، الله يخاطبنا جميعاً بأنّنا نقترب شيئاً فشيئاً من وعد الآخرة، ها هي الجدر وجدت من جديد من أجل أن تحدّد شكل المعركة، “فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ” والجوس هو الدّخول عبر الباب لكي تقتحم داراً داراً وشارعاً فشارعاً… المشهد تحدّد بشكل كلّيّ في كيفية الدّخول وفي الحصون، ثم يبعث الله عباداً أولي بأس شديد، وورد في آية أخرى “إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ” وسّد الله تبارك وتعالى مهمّة إطفاء نار بني إسرائيل التي عمّ دخانها الأرض إلى شعب الجبّارين إلى الشّعب الفلسطيني، أمّا من يقف إلى جانب هذا الشّعب فهو كما يقول دعاء النبي عليه الصلاة والسلام “اللهمّ بارك لنا في شامنا اللهمّ بارك لنا في يمننا”… وهذا من حيث التطبيق الفعليّ العمليّ بلاد الشام وفلسطين والعراق واليمن، باختصار إنّها الشعوب المستضعفة، فالفلسطيني في الداخل في الضفة في 48 وفي مناطق الـ67 وفي الخط الأخضر والقدس وغزة، وفي الانتشار، وإلى جانبه تقف شعوب بلاد الشام والعراق واليمن، لذلك الآية تقول “وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم” وفي الحديث قال الصحابة رضي الله عنهم “ومن غيرنا يا رسول الله. قال ومن غير سلمان وقومه، لو كان الدّين في الثّريا لناله رجالٌ من فارس” هنا ندرك كيف ولد محور المقاومة. نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم تحدّث أيضاً عن الرايات السّود التي تخرج من خراسان وتبقى شامخة لترفع بعد ذلك في القدس… وصلنا إلى كلّ وعد قرآنيّ وبقي أمرٌ واحدٌ ننتظره وهو “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”.
وأضاف فضيلته “كثيراً ما عقدت مؤتمرات الوحدة الإسلامية وهي مفيدة ولكن الوحدة العملية هي الأجمل عندما يمتزج الدم… يخرج من يقول لك أين حزب الله اليوم؟ حزب الله ارتقى منه أكثر من 70 شهيداً، حزب الله سلاح وصواريخ كورنيت وبركان وضرب أبراج تجسس، حزب الله حرب على حدود مع فلسطين المحتلة طولها أكثر من 120 كلم، شهداء ودماء ومسيّرات… كان الواجب أن يسأل هؤلاء أين جيوش العرب؟ كانت مسؤوليتنا كشعوب أن نطالب ملوكاً ورؤساء يعتلون سدّة الحكم بالذّود عن حياض الأمّة، أما اليوم فباتت مطالبة هؤلاء وكل الجيوش العربية أو أين مجلس الأمن أو الأمم المتحدة بمثابة سبّة وشتيمة وكلاماً بذيئاً لا يجب أن ننطق به، فالحقيقة أن قمّة عاجلة استنثائية بل وطارئة -تعقد متى؟ بعد 39 يوماً من قتل الأبرياء وارتكاب المجازر في غزة- هي قمم تحاول سلب النصر وسرقة انتصارنا على طريقة ما أعقب حرب 73 التي استعيدت خلالها القنيطرة وسيناء بالإعلان عما سمّي بعد ذلك كامب ديفيد، وبالتالي وبعد أن شعر العرب أنّ هناك نصراً من الله وفتحاً قريباً، كان الالتفاف على الانتصار باتفاقية سلام مزعوم، واليوم محاولة جديدة عبر خلاصة القمة العربية “حلّ الدولتين” في محاولة خبيثة لسرقة الانتصار”.
وتابع شعبان “لا تفتحوا مجالس عزاء لأطفالنا لشيوخنا لنسائنا لدمائنا، من يسلّط الضوء على كل تلك المشاهد لا يسلّطه حزناً علينا وإنّما من أجل التثبيط وبثّ الإحباط، ليحمّل المسؤولية لطوفان الأقصى للمقاومين، والجواب على من يفعل مثل ذلك دعوته لتأمّل نتائج الحروب البينية التي حصلت مؤخّراً والتي ذهب في محصّلتها مئات الآلاف بل الملايين من القتلى والجرحى والضحايا وكل ذلك داخل الأمة، فالغريب أن نجد من ينسى كل ما مضى ثم نراه يتأسف على الضحايا منتقداً متهماً طوفان الأقصى… اليوم لقد سال الدم في المحراب الصحيح حيث إنّ من قاموا بهذه العملية لم يدركوا حجم الانتصار الذي سيحصلونه، فطوفان الأقصى كان مصداقاً لقوله تعالى “فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى” كان الهدف زيادة أعداد الأسرى الصهاينة لدى المقاومة، لتحرير الآلاف من الأسرى الفلسطينيين، الهدف ضرب كتيبة غزة في الكيان الصهيوني، فكان الفوز العظيم بالسيطرة على كل المستوطنات، وحصل انهيار كلي في 7 تشرين الأول 2023 لتأتي حاملات الطائرات والبارجات سراعاً إلى شواطئنا، دول عربية ودول غربية ورؤساء وملوك وحكام هرعوا إلى إسرائيل لينقذوها، ما جرى غير مسبوق إلا في معركة خيبر لذلك نحن نعيش أياماً مصيرية… صورتان تجلّتا في معركة بدر تحدّث عنهما القرآن الكريم ها هما تترجمان اليوم: المثبّطون أهل النفاق ومنهم أصحاب تيجان ومنهم أصحاب عمائم “وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا” والصورة الأخرى لمن رأى كل هذه التحشدات، الصورة الأخرى هي لأهل الدين والإيمان أمثالكم وأمثال المجاهدين في غزة الذين يقولون في مواجهة جاهلية العرب والعجم والكفر والاستكبار “وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ” والفريق الآخر “وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا”. منهم من ينتظر أن يقضي نحبه، فالرجال هم الذين يقضون نحبهم وينطلقون إلى الله عزّ وجلّ، وهناك من ينتظر ليرتقي إلى الله تبارك في علاه… نحن مشاريع شهادة دمهم هناك صنع الرأي العام العالمي من جديد، دمهم هناك دفع الناس إلى اقتحام الكونغرس، دمهم من دفع الملايين للخروج في تظاهرات في مختلف الدول الغربية”.
وختم فضيلته “كل الناس في طرابلس في لبنان وفي مختلف دولنا العربية والإسلامية يتواصلون معنا يطلبون المشاركة في الجهاد ضدّ الصهاينة عبر بوابة لبنان… لذلك نحن لا نؤمن بالحدود المصطنعة ولا بالخطوط الحمراء أو الخضراء … سندوس على كل تلك الحدود لننطلق في رحلة العودة، الطريق مشخّصة معلومة من الحدود، من بين أيادي إخوتنا المجاهدين المقاومين في حزب الله، لننطلق صوب الخالصة كريات شمونة عكا حيفا يافا الناصرة لنقف هناك عند بيت لحم، عند كنيسة القيامة حيث ولد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام، لنصل بعد ذلك إلى الأقصى حيث نمنّي أنفسنا أن نجتمع في قيام ليلة القدر في المسجد الأقصى عمّا قريب، الوحدة العملية الحقيقية تحققت في اجتماعنا اليوم، في اجتماع كل الشعوب المستضعفة في اجتماع كل مذاهبنا وأطيافنا ومكوّناتنا”.