شعبان في مؤتمر متلقى العلماء الثامن “ترشيد الصّحوة الإسلامية”: للتفريق بين عالم الهداية وعالم الغواية

بدعوة من اتّحاد العلماء والمدارس الإسلاميّة في ديار بكر-تركيا، حضر الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشّيخ بلال سعيد شعبان مؤتمر “ملتقى العلماء الثّامن”، والّذي عقد تحت عنوان “ترشيد الصّحوة الإسلاميّة”.

وقد شارك في المؤتمر الذي عقد في جلسات أربع حشدٌ كبيرٌ من علماء المسلمين، من تركيا والعراق وإيران ولبنان وسوريا، وفلسطين ومصر والسودان وقطر، ودول أخرى.

الشيخ شعبان ألقى كلمة في المؤتمر استهلّها بتوجيه الشّكر للإخوة في اتّحاد العلماء، على هذه الدّعوة الكريمة الّتي تجمع العلماء من مختلف البلدان، لنتجاوز سايكس-بيكو ليلتقي الفلسطيني مع العراقي مع اللبناني مع السوري مع التركي والكردي، لأنّ الله عزّ وجلّ يقول “إنّما المؤمنون إخوة”… فنسأل الله تعالى أن يمنّ علينا بهذه الأخوّة لكي تثمر تحريراً للقدس والأقصى وفلسطين.

وأضاف فضيلته “لا بدّ من فهمٍ ووعيٍ سياسيٍّ يحمله كلّ رجال الدّين كلّ العلماء، لأنّ الطّغيان يأتي غالباً من بوّابة العلماء، وأمّتنا تتوق إلى الدّين وإلى استعادة العلماء لدورهم. والعلماء نوعان: علماء هداية وعلماء غواية. فعالِم الهداية هو الّذي يدلّك على ما تلتقي به مع أخيك المسلم، فيما عالِم الغواية هو الّذي يدلّك على كلّ ما تختلفان فيه. وهنا يكون الطّغيان فيستخدم علماء السّلطان ويأتي واحدهم ليبرّر لذاته ولنفسه بعد ذلك. أحد الكتّاب يقول “هناك ثلاثيّة (السّلطان والعلماء والإعلام) فعندما يبصق العالِم على عشيرته وعلى قومه، يأتي دور الإعلام ليقول لك بأنّها تمطر، ويأتي دور العالِم ليقول لك بأنّه مطر مقدّس”. وعليه يجب أن نتنبّه لهذا الدّور الخطير، فأحياناً عندما لا يكون هناك وعيٌ سياسيٌّ قرآنيٌّ، تختلف الرّؤية ويتداخل الموضوع ليتحوّل الأمر إلى اشتباك داخليّ. القرآن الكريم يحدّد الولاء والعداء، فيقول “إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون”، ثمّ يتحدّث عن العداء فيقول “لتجدنّ أشدّ النّاس عداوة للّذين آمنوا اليهود والّذين أشركوا” حدّد الله سبحانه من هو العدوّ ومن هو الوليّ، لهذا من لا يفهم الاصطفاف القرآنيّ سينطلق في اصطفافات قوميّة أو مذهبيّة تفرّق الأمّة فيكون بأسها في ما بينها. لذلك يجب أن يكون هناك ثقافة سياسيّة قرآنيّة، حتّى ينأى العلماء عن الكلام الحقّ الّذي يُراد به الباطل”.

وتابع فضيلته “عندما لم تستطع قوى الغرب وقوى الكفر العالميّ أن تضرب السّلطنة العثمانيّة استنجدوا بوعّاظ السّلاطين، فدعوا من مكة المكرّمة من مهد الإسلام إلى الانقضاض على السّلطنة العثمانيّة تحت شعارين اثنين: “الأئمّة من قريش والعربيّ يجب أن يحكم العربيّ”، والشّعار الثّأني “يجب تطهير الجزيرة من الشّرك والبدع والقبوريّين”. فجاءوا بعد ذلك بالإنكليز والفرنسيّين وأخرجوا أحفاد السّلاطين من الجزيرة العربية، وقاتلنا بأيدينا السّلطنة فتقسّمت بعد ذلك بلادنا من خلال سايكس-بيكو وغيرها إلى دويلات مختلفة في ما بينها. وكلّ ذلك بفرْية علِمَها أم لم يعلمها الشّريف حسين أو الملك عبد الله أم لا”.

ورأى شعبان أنّ ما يجري اليوم هو أنّ التاريخ يعيد نفسه، فتجد أنّ هناك ما يشبه الحرب العالميّة الثّالثة بدعوى هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشّريف أو لا يجوز؟! فحدث على خلفيّة هذا تفجير لمسجدين في باكستان خلال احتفال المتصوّفة بالذّكرى، وسقط مئات القتلى والجرحى. إنّك لترى اليوم الكثير من وعّاظ السّلاطين ينطلقون في دائرة التّضليل وهذا دورهم، ومن ذلك ذهابهم باتّجاه تحريم الاحتفال بذكرى المولد، ولكنّنا لا نجدهم يتحدّثون عن عدم جواز تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ الغاصب، ولا أحد منهم في كلّ تلك الدّول ينبس ببنت شفة.

وشدّد شعبان على ضرورة العمل على تثقيف أهلنا طلابنا وشعوبنا والتأكيد على أنّ الغاية الأساسيّة هي كما ورد في سورة الإسراء، الانطلاق صوب القدس المحتلّة، فلنقل لهم فتحها عمر رضي الله عنه، حررها صلاح الدين، حافظ عليها السّلطان عبد الحميد. فأين يجب أن نكون نحن اليوم؟ يجب أن نقول لشباب أمّتنا “كنْ صلاحاً، كنْ عمرَ، كنْ خالداً، كنْ عبد الحميد، ولكنْ مهما تبدّلت موازين القوى إيّاك إيّاك أن تحيدَ عن درب بيت المقدس”.

ودعا شعبان مسؤولي الاتحاد إلى عقد مؤتمر في لبنان، وأن يكون البند الأوّل التّوجّه إلى الحدود المصطنعة مع فلسطين المحتلّة، لتشاهدوا بأمّ العين الطّريق الّتي ستعبرّ بها جحافلكم… أنتم أحفاد صلاح الدّين ستدخلون إلى الأقصى والقدس وفلسطين من جديد إن شاء الله. فسندخل عرباً وتركاً وفرساً وأكراداً وبلوش، سندخل من كلّ البوّابات، فيجب أن تستطلعوا هذا الطّريق من أجل أن نصل بعد ذلك إلى العزّة والكرامة الّتي تحدّث عنها رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، عندما قال “لا تقوم السّاعة حتّى يقاتل المسلمون اليهود … ثمّ يقول “حتى يقول الحجر والشّجر يا مسلم يا عبد الله…” وفي الآية الكريمة “فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا” نحن يجب أن نفوز بشرف هذه التّوصية وبالعبوديّة لله… اللّهُمّ اجعلنا إمّا مستشهدين عند أسوار الأقصى وإمّا منتصرين نرفع “راية لا إله إلا الله محمّد رسول الله” عاليةً خفّاقةً في سماء الأقصى والقدس والوجود، وما ذلك على الله بعزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *