حزب الله يُحرج الأنظمة العربية ويدغدغ مشاعر الشعوب: الشيعة والسنّة ضد اسرائيل

عندما تأسس حزب الله وضع نصب عينيه تحرير فلسطين، لذلك لم يكن بوارد الجلوس والتفرج على ما يجري اليوم في غزّة من مخطط لقبعها وتهجير ساكنيها الى مصر والأردن، وبالتالي إنهاء حركة المقاومة الفلسطينية التي تشكل حركة حماس الركن الأساسي فيها، ولكن بالنسبة الى الحزب فإنّ معركة تحرير فلسطين لا تقع على عاتقه لوحده، بل على عاتق كل الأمة العربيّة، أيّ الشعوب تحديداً.

بالنسبة الى الحزب يكفي أن تتحرك الشعوب العربيّة للضغط على حكوماتها لتحريك مياه القضية الفلسطينية، وهو يعوّل على هذا الأمر كثيراً، ولو أنّ البعض ينظر الى التظاهرات والتحركات الشعبية والاعتصامات على أنها لزوم ما لا يلزم، ويعتبر البعض الآخر أن التحركات المدنية لا تقل أهمية عن التحركات العسكريّة.

لذلك على هامش العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هناك مؤشّر لا يقل أهمية من المفترض التدقيق به، بعد إنتهائه، بالنسبة للنظرة إلى “حزب الله” داخل الدول العربية، لا سيما داخل البيئات السنّية تحديداً، على إعتبار أن هناك تحولاً في الموقف بدأ يظهر في التحركات الشعبية القائمة في أكثر من دولة.

من هنا أيضاً يمكن قراءة قيام “قوات الفجر” التابعة للجماعة الإسلاميّة في لبنان، أو على الأقل فرع منها، بالتدخّل عند الحدود الجنوبيّة، وبالتنسيق مع الحزب بالتأكيد، اضافة الى مشاركة سرايا المقاومة في المعركة، فهذه العمليات على تواضعها تقدّم صورة بأن الصراع مع الاسرائيلي ليس صراعاً شيعياً وحسب، بل عربياً، وكما أن الحزب معني به كذلك البقية من سنّة ومسيحيين، خاصة بعد أن تعرّض “حزب الله” في السنوات الماضية الى نكسة في هذا المجال، انطلاقاً من الحرب في سوريا، وتصويره بأنه حزب شيعي يُريد التخلص من السنّة، وتبنّي هذه السرديّة من قبل العديد من الأنظمة العربيّة التي صنّفته إرهابياً.

منذ بداية عملية “طوفان الأقصى”، خصوصاً مع بروز دور الحزب في الجبهة الجنوبية، بدأت بعض التظاهرات العربيّة تشهد دعوات إلى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بقصف تل أبيب، فالبنسبة إلى تلك الجماهير تبدو أن الجبهة الجنوبية هي الوحيدة التي تقوم بعمل مفيد من الناحية العسكريّة، على الأقل لناحية إشغال إسرائيل ومنعها من التفرغ لجبهة غزة، مع ما يعينه ذلك من تعزيز نقاط قوّة فصائل المقاومة الفلسطينية، الى جانب المقاومة الشيعية في العراق الى الحوثيين في اليمن، وهذه الأمور تطرح تساؤلات لدى العرب، فهل هذا هو الحزب الذي يحارب السنّة في سوريا!.

إن تحرك حزب الله يرفع أسهمه في العالم العربي من جديد، ويُحرج الحكومات العربيّة التي ترفع شعار العداء له لأنّه ضد السنّة في سوريا، بينما في فلسطين لا يوجد شيعة، بل سنّة، فأين الأنظمة العربية من هؤلاء؟.

عملياً، كان من الممكن لتل أبيب أن تذهب سريعاً إلى معركة شاملة في قطاع غزّة، براً وبحراً وجواً، لكن منذ اليوم الثاني لعمليّة “طوفان الأقصى” وضع “حزب الله” المنطقة أمام حسابات معقّدة، تكمن بأنّ الجبهة الجنوبيّة لن تبقى هادئة، وبالتالي وضع أمام اسرائيل خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها، لا سيما أنّ الداعم الأول لها، أيّ الولايات المتحدة الأميركية، تدعو اسرائيل لأخذ هذا الأمر بعين الإعتبار وتفاديه، لذلك وبعيداً عن كل الأسباب التي ترفعها اسرائيل لتبرير تأخّر الغزو البري، الذي أصبح بحسب مصادر متابعة مطلب المقاومة الفلسطينيّة، هناك سبب أساسي يتمثل بالقلق الاسرائيلي من الهزيمة داخل غزّة، أو توسع رقعة الحرب مع لبنان.وكالة النشرة الالكترونية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *