في العام 2000، بدأت زراعة الزعفران في لبنان لكن على شكل مبادرات فردية لم تواكبها أو تتابعها مؤسّسات فظلّت زراعة متواضعة. وبعد مرور نحو 23 سنة، تتصدّى جمعية “مؤسسة جهاد البناء الإنمائية” لإدارة هذه الزراعة وتشجيعها في لبنان، وللغاية أطلقت مشروعًا نموذجيًا واعدًا ضمّته إلى سلسلة مشاريعها التنموية السابقة، ومدّت يد العون للمزارعين الراغبين في زراعة هذه النبتة الثمينة وإنتاجها.
يوصف الزعفران بأّنه “الذهب الأحمر” نظرًا إلى مردوده المالي الكبير، كونه يُعدّ من أغلى التوابل في العالم؛ بل ربما هو الأغلى، وينتمي إلى فصيلة السوسنيات، وهو أحد أصناف النباتات الطبية والعطرية.
وللإطّلاع على المشروع الذي أطلقته مؤسّسة جهاد البناء، أجرى موقع “العهد” الإخباري حديثًا مفصّلًا مع مدير مديرية الجنوب في المؤسسة، مسؤول ملف النباتات الطبية والعطرية فيها المهندس قاسم حسن، والذي أوضح أن: “هذا المشروع بدأ بإجراء دراسة مفصّلة على بعض المناطق شملت: مستوى الارتفاع عن سطح البحر، نوع التربة وخصوبتها، مروية أو غير مروية، وبيّنت هذه الدراسة أنّ هناك مناطق صالحة لزراعة الزعفران، الذي يدخل في قطاع الزراعات الطبية والعطرية، والتي تشجّع عليها “جهاد البناء”، لما لها من جدوى اقتصادية جيدة وكبيرة”.
وقال حسن: “هناك تجارب فردية لزراعة الزعفران في لبنان، ولاسيّما في البقاع وبعض المناطق الجنوبية.. نحن نريد توسيع هذه الزراعة أكثر عبر تشجيعها، ولذلك أحضرنا خبيرًا بزراعة الزعفران من إيران، وقمنا معه بجولة على مناطق مختارة في الجنوب والبقاع والشمال وجبل لبنان، وحدّدنا المناطق المناسبة لهذه الزراعة، وهي مناطق تقع على ارتفاع ما بين 500 إلى 1000 متر عن سطح البحر”. وأشار الى أنّ: “المشروع أُطلق ضمن شروط خاضعة لظروف تتعلّق بطبيعة الأرض وخصوبتها وقابليتها لهذه الزراعة”، وتابع:” اخترنا له 50 مزارعًا وكلّ ذلك بالتنسيق والتعاون مع التعاونيات الزراعية والبلديات والمندوبين الزراعيين لمؤسسة جهاد البناء في القرى والبلدات”.
مؤسسة جهاد البناء استقدمت 3500 كلغ من بصيلات الزعفران وزّعتها على المزارعين المختارين، وهؤلاء سيزرعون ما مجموع مساحته 25 دنمًا من الأراضي المناسبة. وأكّد “حسن” أنّ المؤسسة أجرت دورات تدريبية وإرشادية للمزارعين حول كيفية زراعة الزعفران، والعناية به وحصاده وتجفيفه، على أن يتابعهم مهندسون من “جهاد البناء”، مشيرًا إلى أنّ اختيار هؤلاء المزارعين بُني على معطيات منها أنّه مقيم مستقر في أرضه، يملك أرض مناسبة، لديه خبرة بالزراعة، وقادر على العمل والمتابعة.
ولفت “حسن” إلى أنّ زراعة بصيلات الزعفران تكون بين شهري أيلول وتشرين الأول، وتبقى البصيلات في الأرض لمدة خمس سنوات لتتكاثر وتزداد إنتاجيتها ليكون بمقدور المؤسسة توسيع المشروع في السنوات المقبل، مشيرًا إلى أنّ مردود هذه الزراعة يرتفع تدريجيًا، من سنة إلى أخرى، يبدأ خفيفًا في السنة الأولى، ويعطي انتاجًا اقتصاديًا في السنة الثالثة وما بعدها.
“حسن” شدّد على أن مؤسسة جهاد البناء ستواكب المزارعين وتتابعهم فنيًا حتى الإنتاج والتسويق، وقال في هذا السياق: “يتضمن المشروع دورات تدريبية وإرشادية بالتعاون مع الإخوة الإيرانيين، وسيكون لدينا مركز للتوضيب والتعليب وتعاونية تسويقية من 50 شخصًا تعمل بالتسويق الإلكتروني والمباشر”. وأضاف: “هذا المشروع هو عبارة عن زراعة جديدة في لبنان، وهو من ضمن سلسلة مشاريع تنفذها مؤسسة جهاد البناء في إطار مشروع تنمية المناطق الزراعية ونأمل أن ينجح هذه المشروع ويحقق دخلًا ومردودًا وفيرًا”.
وخلص المهندس قاسم حسن إلى أنّ مشروع زراعة الزعفران هو مشروع واعد، وسوقه واعد، خاتمًا: “بدأنا بـ25 دونمًا و50 مزارعًا على أمل أن تزيد المساحة إلى 50 دونمًا.. هذا مشروع نموذجي نأمل بعد 5 سنوات أن يكون لدينا ما لا يقلّ عن 100 مزارع منتجًا في هذا المشروع”.زكريا حجازي / المنار