ألقى الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي كلمته في الجلسة الثانية لمؤتمر اتّحاد العلماء والمدارس الإسلامية المنعقد في دياربكر في تركيا.
فرأى فضيلته أنّ عظمة دعوة الإسلام التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لكونها دعوة عالمية للبشرية جمعاء، قال تعالى “وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا” وعندما تتعدّد الأعراق والألسن والألوان، يكون ذلك من الأدلة على عظم هذه الدعوة وانتشارها، وذلك مصداقاً للحديث الشريف “ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار” وهذا التعدّد من آيات الله عز وجل وهو القائل “ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم” فاختلاف الألسن والألوان هو دليل صحة وعافية وهذا من آياته سبحانه، مع التأكيد على أن هذا التعدّد لا يقتضي التفاضل مطلقاً، فالتفاضل يكون بالتقوى، كما قال صلى الله عليه وسلم “لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح” فكلّ أعراقنا تفضّل الله تبارك وتعالى عليها بحمل مشروع الدين العظيم.
وأضاف فضيلته:
*العرب من لدن رسول الله إلى الأئمة والخلفاء الراشدين أسّسوا لدولة إسلامية إنسانية عالمية، أطاحت بدولتي الفرس والروم، أطاحت بكسرى وقيصر، فأقاموا العدل بين الناس ومنعوا القتل والسلب والعدوان ووأد الممات.
*وكان للبربر في غرب إفريقيا شرف عبور جبل طارق وتأسيس أجمل وأعرق حضارة هناك في بلاد الأندلس، مع القائد الفاتح طارق بن زياد رضي الله عنه.
*وكان للمماليك دور في تشييد حضارة شهدت لها الأمة وهي ماثلة للعيان حتى هذه الأيام، ها هي طرابلس شاهدة على كل تلك الحضارة المساجد والخانات والحمامات والمكتبات ودور العبادة، كل ذلك يشهد لتلك الحضارة العريقة.
*ثمّ حمل الترك العثمانيون أمانة الإسلام، وبقيت لسنوات وسنوات، وحّدت السلطنة خلالها عالمنا العربي والإسلامي، لتنتشر على أوسع بقعة جغرافية، فكنا نسير من شرق الأرض إلى غربها، من موريتانيا إلى الأستانة إلى اسنطنبول دون أن يسألك أحد عن هويتك أو عن دينك أو عن مذهبك أو عن عرقك، وعندما أراد الصهاينة اليهود أن يقيموا دولة لهم وأن يقايضوا السلطان عبد الحميد ديون السلطنة العثمانية بأرض فلسطين، منع ذلك. وقال لهم “إن أرض فلسطين ليست ملك آبائي إنها ملك الأمة ولأن أقطّع بالمبضع خير لي من أن أرى أرض الإسلام تقطّع”.
*وقبلهم كان الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي جمع شتات الأمة، انطلق من عمق العراق ليصنع ملحمة حطّين استعاد خلالها القدس إلى حظيرة الأمة، فما أحوجنا اليوم إلى حطّين جديدة، تجتمع الأمة من خلالها بكل أطيافها من أجل أن تستعيد العزّة والكرامة، وعندما يذكر صلاح الدين لا نملك إلا أن نقف إجلالاً واحتراماً لهذه الشخصية التاريخية، فعندنا نزور الشام في كل مرة، نقصد ضريح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، فنحن لا نستشعر أيّ حال من أحوال الفرق والاختلاف في ما بيننا.
*أيضاً نتوقّف عند قول الله تبارك في علاه “وإن تتولّوا يستبدل قوماً غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم” ونقرأ تفسير ابن كثير، عندما سأل الصحابة سيّد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم، قالوا” ومن غيرنا يا رسول الله؟ ” قال “ومن غير سلمان وقومه؟ لو كان الدين بالثّريا لنالهُ رجال من فارس” وإذّاك تكتمل الخريطة الإنسانية لتدرك عمق الأخوّة الّتي تربطنا جميعاً في ما بيننا.

