الشيخ شعبان شارك في مؤتمر الشهادة المنعقد في ماليزيا

شارك الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي فضيلة الشيخ بلال سعيد شعبان في مؤتمر الشهادة الذي يعقد سنوياً في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وذلك عبر الفضاء الإلكتروني، حيث كان الحديث الشريف “قُولُوا لا إِلَه إلا اللّه تُفلِحُوا”، فلماذا لا يُفلح أهل “لا إله إلا اللّه اليوم”؟ يمثّل عنواناً لجلسات المؤتمر ومساحة فكرية لكلمات المشاركين من مختلف أنحاء العالم.

وفي ما يلي، نصّ كلمة الشيخ بلال سعيد شعبان:

– الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد.

يقول سيدنا رسول اللّه محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه وسلّم : “أفضل الذّكر لا إِله إلا اللّه”.

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “فاعلم أنّه لا إله إلا اللّه”.

الإيمان بلا إله إلا اللّه، يجب أن يكون إيماناً قوليّاً وقلبيّاً، وتطبيقيّاً أيضاً، “فالإيمان معرفة بالقلب وقول باللّسان وعمل بالأركان”، “والإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل”.

لذلك فمداومة الذّكر اللساني لشعار التوحيد غايته التجديد الدائم للايمان واعادة توجيه دائمة لبوصلة القلب صوب الواحد الديان فيتحول القول الى علم والعلم الى ايمان ويقين واليقين الى عمل، فإذا بقي شعارُ التّوحيد شعاراً قوليّاً، دون تطبيق عمليّ لمقتضى “لا إِلَه إلا اللّه”، فإذْ ذاك لا يتحقّق الفلاح،

وعليه، يجب العمل بمقتضيات لا إِلَه إلا اللّه، ونحن في الغالب الأعمّ، نؤكّد على الذّكر القوليّ والقلبيّ لكلمة التّوحيد “لا إِلَه إلا اللّه” دون تجلّياتها العمليّة، فلا إله إلا اللّه، نفي وإثبات، نفيٌ للآلهة المزعومة، وإثباتٌ للألوهيّة، للّه وحدهُ دون سواه.

فاللّه سبحانه هو المُحيي والمُميت، وهو القابض والباسط، والمُعطي والمانع، ويجب العمل بمقتضى هذا الايمان..

فالبعضُ مثلا يأخذ من شّهادة “لا إِلَه إلا اللّه” الرُّقية الشرعية، وهي تُبرِئ بإذن اللّه، ولكنّه يترك تجلّياتها التطبيقيّة العمليّة، فالشّهادة بالوحدانيّة هي مشروع حياة متكامل، ينتظم معها الحكمَ والسّياسةَ والاقتصادَ،وهي كما تضعُ أسس العلاقات الدوليّة والإقليميّة والمحليّة،كذلك تشمل تنظيم العلاقات المُجتمعيّة والأسريّة والفرديّة.

فنحنُ مثلا عندما نترك السُّلطة بيدِ الفسقةِ والجَوَرة، والعملاء من الحكّام، ونساندُهم، ونقف إلى جانبهم، بدعوى “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله” مع أنّ اللّه تعالى يقول: “إِنِ الحكمُ إلّا للّه، أمر ألا تعبدوا إلّا إيّاه”.نحن عندها لا نعمل بمقتضى لا اله الا الله …

نقول “لا إله إلا اللّه” بألسنتنا، ولكنّنا نتّخذ هوى النفس آلهةً تأمرنا وتنهانا …وقد نقول لا اله الا الله لكن العصبية القبليّة والعشائريّة اوالقوميّة،هي التي تتحكم بأهوائنا وتحكم تصرفاتنا، فنتعبّد بطاعتها، مع أنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: “وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ”.

سُوِّقَ للكثير من المسلمين أنّ مجرّد ذكر “لا إله إلا اللّه” دون تجلّياتها العمليّة، يُدخل الجنّة، علماً أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في الحديث الذي رواه الطبراني في الكبير: ” لا يُقبَلُ إيمانٌ بِلا عَمَلٍ ولا عملٌ بلا إيمَانٍ”.

ولمّا نزل قول اللّه تعالى: “وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقرَبِين”  فهمَ أبو جهل فحوى “لا إله إلا الله” وأدرك أنّها هدمٌ لنظامهم الجاهليّ الّذي يقوم على الظّلم والسّلب والاستعباد، والاسترزاق على حساب الأصنام والأوثان والآلهة المزعومة.

وكان عليه الصّلاة والسّلام يسير في سوقِ ذي المجازِ ويخاطبُ النّاسَ: قولوا “لا إله إلا اللّه تفلحوا”، وأبو لهبٍ يتبعهُ ويرميهِ بالحجارة، وهو يقول: لا تطيعوهُ فإنّه كذّاب.

فقال الأخنسُ لأبي جهل : يا أبا الحكم، أخبرني عن محمّد، أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنّه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرك، يسمع كلامنا؟

فقال أبو جهل: ويحك! واللّه إنّ محمداً لصادقٌ، وما كذب محمّد قطّ، ولكن إذا ذهب بنو قُصَيِّ باللّواء والحجابة والسّقاية والنّبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟

أبو جهل كان يفهم حقيقة “لا إله إلا اللّه” فالإسلام ينتزع الرّاية والولاية والسّقاية والرّعاية، من أهل الجَور والظّلم، والكثير منّا لا يدرك كُنهها وعظمتها، فاكتفوا باتخاذها، زينةً في الدّور والقصور، وحُلِيّاً على الصّدور، وشواهدَ للقبور.

بينما إن آمنا بها وعملنا بمقتضاها تكون نورا على نور للدُّور والصّدور والقبور، وتكون نورا لنا في حياتنا الدُنيَا ويوم النّشور.

أيّها الكرام

“لا إِلَه إلا اللّه” لا تُبقي جائعاً أو فقيراً أو مظلوماً

“لا إِلَه إلا اللّه” تمسحُ كلّ أشكال الظّلم والقهر.

“لا إِلَه إلا اللّه” تمنع كل أشكال التألّه والتّسلّط على خلق اللّه.

“لا إِلَه إلا اللّه” تحقنُ الدّماء، وتصونُ الأعراض، وتحصّنُ الأموال.

“لا إِلَه إلا اللّه”، توحيدٌ للّه وتوحيدٌ لعباد اللّه.

فحتّى لا تشهد علينا “لا إِلَه إلا اللّه” يوم القيامة بدلَ أنْ تشهد لنا، لا بدّ من تعهُّدها إيماناً وقولاً وعملاً، فيتحقّق وعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو القائل: “قولوا لا إله إلا اللّه تُفلحوا”.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *