تصعيد أمريكي ارتداداته على النظامين الإماراتي والسعودي!

صحيفة الثورة اليمنية – رئيس التحرير عبدالرحمن الأهنومي

تزدحم عناوين التصعيد العدواني الأخير في فضائيات السعودية والإمارات المأخوذ بالنشوة والفانتازيا، وتتجدد عناوين أخبار الغارات والقصف في مخيلة المهزومين اللاهثين وراء وعود الشيطان الأكبر وأمنياته في تحقيق أي انتصار ولو كان متواضعاً في اللحظة الأخيرة، فيركبون مجدداً سرج هزائمهم وأكاذيبهم على أمل تحقيق ما يعيدون به الأنفاس تعويضاً عما فقدوه وخسروه في الحرب التي باتت برسم أبطالنا في كل الجبهات، وستكون نهايتها لصالح الشعب اليمني العظيم بعون الله وتوفيقه.

رفع منسوب العربدة العدوانية في أجواء المدن اليمنية بالتزامن مع تقهقر حشود المرتزقة والعملاء في جبهات مارب والساحل الغربي لا ينفصل عن مخرجات اجتماعات البحرين والخطابات التي سمعناها من هناك، ولا عن المحاولات الأمريكية لتجميل الصورة المهزومة والمكسورة في أفغانستان بقصد ترميمها في الحرب العدوانية على اليمن وتحقيق أي إنجاز ولو كان ضئيلاً، ولا تنفصل أيضاً عن استماتة منظومة العدوان بكلها حول خسارتها لمارب وخلق مشهد بعيد عنها، ومحاولة تطويق التداعيات السياسية والاستراتيجية لانتصار الشعب اليمني في هذه المعركة بهدف تثبيت تموضعات جديدة للمرتزقة والعملاء وخلق بؤر جديدة مستدامة بدلاً عن مأرب.

تحرير مدينة مأرب سيَحْدث وسيسجل اليمنيون انتصاراً عظيماً بحجم يفيض عن كل ما يقال في التحليلات والخطابات، باعتبار ذلك نقطة تحول في مسار مواجهة العدوان الأمريكي التحالفي ، هذا الإنجاز المستحق لن تؤثر فيه عربدة منفلتة ولن تعدل فيه عدوانية متأصلة داخل تحالف العدوان ، ولن يكون تحرير مارب انعطافاً ميدانياً فحسب، بل إنجازا يرسم آفاقاً جديدة سياسياً واستراتيجياً ويقلبَ المعادلات، ويضع حداً كبيراً لهؤلاء المجرمين المعتدين.

لا يحتاج التصعيد العدواني وهيستيريا الغارات الوحشية التي استهدفت خلال الأيام الماضية المدنيين في صنعاء والحديدة وصعدة ومارب من الجهد لإثبات أن أمر التصعيد صدر من الأصلاء لا من الوكلاء في العدوان على اليمن، تحديدا من الإدارة الأمريكية التي من الواضح أنها رفعت من منسوب شهيتها لمزيد من القتل والتدمير، وقد جاء التصعيد بعد لقاءات وزير الدفاع الأمريكي وتصريحاته التي ألقاها في المنامة أراد من خلالها تطمين الأتباع في المنطقة ، وبمزيد من التهديدات الموجهة ضد إيران في السياق السياسي والإعلامي ، وبمزيد من التصعيد العسكري وتشديد الحصار على اليمن في السياق العسكري، بما في ذلك إعادة صفقات الأسلحة إلى السعودية التي كان بايدن قد أعلن وقفها وإنهاءها.

وعلى ضوء التقارير الواردة فإن الإدارة الأمريكية قد أعادت تفعيل دوائر التسخين والتصعيد إلى سابق عهدها، زيارة وزير الحرب الأمريكي للمنطقة، وصول المبعوث ليندر كينغ إلى عدن، تصعيد الغارات الجوية ، فتح الجبهات غرباً وشرقاً ومن الجنوب بحشود المرتزقة الذين ينفق عليهم النظامان الإماراتي والسعودي، تصعيد نبرة التصريحات الأمريكية والتهديدات الفارغة ، إعادة تسيير صفقات السلاح ، كلها رسائل تحشيد لتصعيد العدوان على اليمن.

وفي سياق ذلك، قامت الإدارة الأمريكية بإعادة تدوير الزوايا والأدوار والمهام بين السعوديين والإماراتيين، إذ أعادت تفعيل مشاركة الطائرات الإماراتية في القصف الجوي وسجلت الأيام الماضية مشاركة إماراتية مكثفة في عمليات القصف على صنعاء والحديدة ومارب وغيرها ، بعدما ظلت لفترة تشارك بشكل أقل ، الأمر الذي يجعل الإمارات معرضة للرد والاستهداف من قبل القوات المسلحة التي توعدت العدوان برد مماثل على تصعيده ، لا نعتقد بأن الرد المشروع لبلادنا وشعبنا سيقتصر على السعودية وحدها هذه المرة.

قامت الإدارة الأمريكية أيضاً بإعادة تذخير الطائرات السعودية بأسلحة مدمرة وفتاكة، وسمحت بإعادة صفقات الأسلحة بعدما أعلن بايدن إيقافها ، وقامت أيضا بإعادة هيكلة حشود الارتزاق والعمالة في الساحل الغربي بما يتناسب مع المهمات الجديدة، تزامن كل ذلك التصعيد بإعادة تفعيل ما أقفل من غرف تنسيق بين فصائل المرتزقة التي تتصارع فيما بينها داخل المحافظات الجنوبية بعدما أغلقت بفعل الصراعات والحروب التي اشتعلت بين الفصائل العميلة خلال الأشهر الماضية، ومحاولة الدفع باتفاق الرياض إلى خطوات متقدمة.

تحاول أمريكا من التصعيد قطع خطوات القوات المسلحة في تحرير مدينة مأرب وتشتيت المعركة عنها، من خلال تفعيل أدوات العدوان والحرب عبر المسارات المختلفة ، الأولى من خلال العملاء والمرتزقة والإرهابيين، رغم صراعاتهم وتناقضاتهم، والدفع بهم إلى تسخين الجبهات، والأخرى من خلال الطيران وإعادة قصف العاصمة صنعاء والحديدة وصعدة ومارب وكل المحافظات، والثالثة من خلال العقوبات الإضافية على القيادات اليمنية ، مرورا بكل أشكال الضغط والتهويلات والتهديدات الإعلامية الفارغة والهزيلة.

العربدة والتصعيد والتحشيد والقصف بالطائرات لا يغيّر في واقع المواجهة ومسار معركة أبطال القوات المسلحة ، فمارب مدينةً ووادياً وسواهما من القرى والأرياف والمحافظات والمدن اليمنية ستعود وستتحرر ، وسيندحر المعتدون عنها كما اندحروا في غيرها ، كل عناوين معاركنا وحربنا المشروعة ومخرجاتها هي ذاتها تلك التي رسختها بطولات المجاهدين ووعدُ قائد الثورة بتحرير كل شبر من اليمن سيتحقق حتماً بعون الله.

على منظومة العدوان التي تتناوب في خطوات عدوانية للتخفيف من وطأة الهزائم التي باتت تلوح في الأفق بفضل الله ، أن تدرك أن القوات المسلحة ماضية في تحرير كل شبر يمني قرب أو بعد من العاصمة صنعاء ، لا يثنيها عن ذلك أي تهديد أو وعيد أو تأزيم وتصعيد هنا أو هناك.

وعلى منظومة العدوان أن تدرك بأن كل تلك الجعجعة التي تصدرها في الفضائيات لن يكون لها أثر في الواقع، أما النظام الإماراتي فعليه أن يدرك أن ثمن الغارات سترتد عليه سريعاً.. وعلى النظام السعودي أن يتأكد بأن كل تصعيد سيقابله رد وتصعيد مماثل، ولعله اليوم مدعو لإعادة مشاهدة صور وفيديوهات الحرائق التي اشتعلت في “بقيق وخريص” في سبتمبر 2019/م ، ليدرك بأن ثمن التصعيد سيكون باهظاً وأن الحرب ليست قدرات عسكرية واستعراضات وعناوين ونشوة إعلامية، بل حرب إرادات، وشعبنا العظيم هو الأجدر بالفوز فيها بعون الله وبفضله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *