نالت حكومة “معًا للإنقاذ” برئاسة نجيب ميقاتي ثقة مجلس النواب بأكثرية 85 صوتًا من أصل 100 نائب، وذلك خلال جلسةٍ لمناقشة البيان الوزاري في قصر الأونيسكو.
وقال ميقاتي في ختام جلسة الثّقة أنَّه يريد أن يسير البلد على مسار الإنقاذ فالجميع مدركون لحجم المصاعب والمخاطر، مؤكدًا أنَّه لن يستطيع بمفرده ولا حكومته إصلاح كل ما أفسده الدهر، إلّا أنَّ قراره كان بقبول المسؤولية.
وأشار إلى أنَّه في البيان الوزاري وُضعت مسلّمات لعمل الحكومة رغم عمرها القصير، مضيفًا أنَّ “أولها القطاع الصحي الذي يهم جميع كلّ اللبنانيين، إلّا أنّ وضعه صعب جدًا ولكن لدينا كامل الثّقة بوزير الصحة”.
وأوضح ميقاتي أنَّ الوضع المعيشي والاجتماعي صعب بفعل الغلاء، مبينًا أنَّ حكومته لن تقدِّم “مساعدات إنتخابية” بل ستكون التقديمات للمحتاجين.
كما طلب من وزير التربية وضع كلّ جهده لفتح المدارس في موعدها، ولبَدء العام الدراسي بشكل طبيعي وفق النمط المتعارف عليه.
وتابع رئيس الحكومة “على الصعيد التربوي أيضًا لدينا موضوع الطلاب اللّبنانيين الذين يتابعون دراستهم في الخارج ، وهناك صعوبة من قبل ذويهم في تأمين حاجاتهم . وهذا الموضوع سنتابعه مع الدول المعنية وفي المؤتمرات الخاصة”.
وحول انفجار مرفأ بيروت، لفت ميقاتي إلى أنَّه “سنتابع تبعات انفجار 4 آب ، والمساعدات الإنسانية للمتضرّرين وضرورة حوكمتها وإعادة الإعمار وفق توصيّات تقرير البنك الدولي وإعادة تأهيل مرفأ بيروت بشفافية كاملة ومناقصات صحيحة ضمن الأصول، ومتابعة التّحقيق المحايد والصحيح لنعرف الحقيقة كاملة . وقياسًا على هذا الملف، وبصورة متوازية، سنتابع ملف انفجار قرية التليل في عكار”.
وأعلن بَدء المفاوضات مع صندوق النّقد الدولي، مؤكّدًا أنَّ “البحث معه ليس نزهة ، وهو ليس جمعية خيرية ، ولكن هذا الموضوع ليس خيارًا بل ممرّ إلزامي ينبغي إنجاحه ليكون المدماك الأوّل نحو الإنقاذ ، والسبيل الصحيح لإعادة إنهاض البلد”.
وفي ملف الكهرباء، أوضح ميقاتي أنَّ المعالجة ستكون على المدييْن القصير والمتوسّط، من خلال إعادة النّظر بالتّعرفة الكهربائية وزيادة ساعات التغذية، أمّا على المدى المتوسط فيقتضي العمل على زيادة إنتاج الكهرباء لتعود على مدى 24 ساعة.
كذلك، استغرب رئيس الحكومة أن يكون البعض فهم من البيان الوزاري وكأن تميل إلى المصارف، معتبرًا أنَّ من أولوية الحكومة إعادة إحياء القطاع المصرفي على الطريق الصحيح، لا وفق النّمط الذي كان سائدًا، بالإضافة لملاحقة التّدقيق الجنائي في كلّ المؤسّسات والوزارات من دون استثناء.
حول موضوع الحدود البحرية، شدَّد على بذل كلّ الجهد لإعادة بحث تحديد الحدود البحرية بطريقة علمية وصحيحة لا عبر نهج المزاديات والتّخوين، مبيّنًا “هناك عملية علمية ستدرس بطريق صحيحة ، ولكن الموضوع ليس أمر بتّه بيَد لبنان وحده، ولكنّني سأبذل جهدًا للوصول إلى حل، وبهذه الطريقة يصبح متاحًا لنا التنقيب في المياه الإقليمية ونبدأ باستخراج الغاز، ممّا ينشط كلّ الاقتصاد”.
وأردف ميقاتي أنَّه لا يمكن أن تنجح الحكومة من دون مساعدة مجلس النواب ومن دون أن يكونا يدًا واحدةً بعيدًا عن السّجالات والخصومة.
وكان مجلس النواب قد عقد جلسات مناقشة البيان الوزاري، مقسمة على جلستين نهارية ومسائية، وافتُتحت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت حدادًا على شهداء انفجار التليل وتلاوة مرسوميْ استقالة الحكومة السابقة وتشكيل الحالية، ثم قرأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي البيان الوزاري باختصار بعدما تمنّى عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري نظرًا لعدم ضمان توفّر الكهرباء طويلًا، ليبدأ بعدها النواب بمناقشة البيان الوزاري من ممثلين عن الكتل ومستقلين.
حسن فضل الله: الحكومة تستطيع
في بداية الجلسة، تحدّث عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله فأكد في كلمة مُسهبة أن “المحاسبة مُغيّبة لأسباب كثيرة وفي طليعتها تركيبة النظام السياسي الطائفي، وتواطؤ السلطات المتعاقبة منذ نظام ما قبل دستور الطائف، فتحول البيان الوزاري إلى جواز مرور للحكومة، وبعدها يصبح طي النسيان.
وقال “سلم كثيرون بهذا الواقع، فصارت مناقشة خطة الحكومة لنيل الثقة وكأنها ترف ومضيعة للوقت، بدل أن تكون واحدة من أهم المحطات الدستورية التي تدفع السلطة التنفيذية إلى التدقيق في كل التزام تتعهد به في البيان الوزاري، ومحل ترقب ردة فعل النواب في رقابتهم المسبقة على خطة الحكومة لتصويبها أو لتطبيقها”.
وأشار الى أن “من الشروط البديهية لنجاح أي حكومة هو وضع الخطط السليمة، ومن ثم الاجتهاد في حسن تطبيقها، وبعدها تأتي سلطة الرقابة النيابية في التقييم ومن ثم المحاسبة، إن افتقادنا في لبنان إلى تطبيق هذه الآليات، هو من أهم أسباب عدم الخوف من الحساب”، وتابع “لقد عدت إلى البرامج الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ العام 1943 وقرأت أغلبها. الكثير منها وعود بمشاريع متنوعة، وبالتزام الاصلاحات في الادارة، وتطوير القوانين، وكلام وكلام أعذبه أبعده عن التطبيق”، وأردف “لو طبقت نسبة ضئيلة من هذه الالتزامات لما وصلنا إلى هنا، ولو تمت محاسبة الحكومات على بياناتها الوزارية، لما كنا وصلنا إلى هنا. بل كنا اليوم دولة منتجة تصدر الكهرباء والنفط والغاز والدواء والسلع الغذائية، وتعلم الدول الأصول في إدارة الدولة، وحسن تطبيق القوانين. لكن الحكومات والوزراء على شاكلة نظامنا الطائفي، المس بهم يصبح مسا بالذات الطائفية”.
فضل الله اعتبر أنه “صحيح أن عمر هذه الحكومة سيكون قصيرا، لأننا مقبلون على انتخابات نيابية نريدها في موعدها، ولا يمكن أن نحملها ما لا طاقة لها به، لأنها ورثت حملا ثقيلا، لكن يمكن لها أن تقوم بخطوات سريعة للتخفيف من حدة الانزلاق داخل الانهيار، وفي الوقت نفسه أن تقوم بإقرار خطط طويلة الأمد، ووضعها على سكة التطبيق، لتبدأ من خلالها رحلة العلاج الطويلة”.
ولفت الى أن “هذه الحكومة تملك فرصا للنجاح ونريد لها أن تنجح، وغالبية الشعب اللبناني تواقة إلى من يقدم لها الحلول والمعالجات. جميعنا كان يطالب بالاسراع في تشكيل الحكومة، لذلك المطلوب منا جميعا التعاون معها لبدء مسار الحل، وهذا يحتاج أولا إلى تحمل المسؤولية الوطنية بعيدا عن أي حسابات خاصة، وثانيا امتلاك الإرادة، وثالثا تغيير المنهجية التقليدية المعتمدة منذ عقود من الزمن، منهجية انتظار الحلول من الخارج، وكأننا شعب غير قادر على العمل وينتظر الإحسان الخارجي، فالخارج يمكن ان يقدم مساعدة، أما قرار الحل فيجب أن ينبع من إرادتنا الوطنية”.
وشدّد فضل الله على أن “المطلوب إعادة تكوين الاقتصاد على أسسٍ جديدة الارتكاز فيها على قاعدة الانتاج، والدولة الراعية، وتنويع الخيارات غربا وشرقا، والبدء من استعادة العلاقات الرسمية الطبيعية مع سوريا، وتعزيز الخطوات التي اتخذتها الحكومة السابقة بعد إسقاط فيتو الحصار الأميركي الأميركي بفعل الخطوات التي قمنا بها. يمكن لكل منا توظيف علاقاته وصداقاته لمصلحة لبنان وشعبه بهدف التخفيف من معاناة الناس، وهو ما لجأنا إليه لمساعدة اللبنانيين الذين تلقت غالبيتهم هذه المساعدة بفرح، فمن لديه صداقات في الخارج ندعوه كي يوظفها لمصلحة لبنان، ونحن سنشكره على الملأ”.
وقال فضل الله إن “الهمّ الطاغي اليوم يجب أن يكون هو هم الانقاذ، وهم هذا المواطن البسيط الذي يفتش عن دواء أو ينتظر على محطة وقود، ولذلك عندما يلمس صدقا في تحسس آلامه، ويدا إنسانية تمتد إليه من دون مقابل وبأخلاقية عالية، لمساعدته على تثبيت سيادته على حقه بالحياة الكريمة، لا يعير بالا لأي صوت أو كلام، وتابع “من بين الفرص التي تلوح أمام الحكومة، أنها تبدأ العمل وبيدها مليار و140 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي، ونحن نطالب بتوظيف هذا المبلغ الكبير في المشاريع الحيوية وأولها الكهرباء، وغيرها من مشاريع تعود بالفائدة على لبنان لحقب طويلة، لا أن يتم صرفه بطريقة عشوائية على مشاريع آنية سريعة التلف”.
وفيما يخصّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي، قال فضل الله إن “الحكومة تعوّل في البيان الوزاري على استئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق، إن هذا النص بالنسبة إلينا، أن الاتفاق يحتاج إلى ندية طرفين متساويين في الحقوق والواجبات، وعدم القبول بالوصفة الجاهزة لدى الصندوق، وعدم الخضوع لشروط لا تتناسب مع مصلحة لبنان، وأن الحكومة ستذهب إلى التفاوض وبيدها خطة وطنية موحدة وواضحة، ولن توافق على ما يملى عليها، وعندما يبدأ هذا التفاوض وتطرح بنود الاتفاق مع الصندوق سندقق في كل بند وشرط، ونحدد موقفنا بناء على ما نراه مصلحة لبنانية”.
وأردف “في أحسن الأحوال كما صار متداولا، فإن صندوق النقد الدولي سيتعهد بثلاثة مليارات دولار كقروض مع شروط قاسية، اليوم بيد الحكومة أكثر من ثلث هذا المبلغ وهو ملك الشعب اللبناني، ويمكن البدء منه وهذا بحد ذاته سيعطي صورة إيجابية عن الجدية في العمل أمام الجهات الدولية الصادقة في مساعدة لبنان”.
ورأى أن “أول مؤشر لهذه الجدية هو وضع هذه الحكومة فعليا رؤيتها لملف الكهرباء موضع التنفيذ، وإلغاء لكل الاعتبارات التي عطلت الحلول لموضوع الكهرباء، الحكومة تستطيع في اجتماعها الأول بعد نيل الثقة اتخاذ سلسلة قرارات حيوية تحدث صدمة إيجابية بدءا من الكهرباء،. وعدم العودة إلى خلافات حول الخطة وآلية تطبيقها”.
على صعيد أزمة الاحتكار، اعتبر فضل الله أن “البيان الوزاري يتحدث عن ظرف يحتم مقاربات استثنائية للمعالجات المطلوبة، وأولى هذه المقاربات إيقاف هذا المشهد أمام محطات المحروقات، أو مشهد البحث عن الدواء، الخطوة الأولى اتخاذ الحكومة قرارا جريئا بالتدقيق المالي في حسابات شركات استيراد المشتقات النفطية والأدوية والسلع الحيوية وفي حسابات شركات التوزيع وكبار التجار للكشف عن حجم الأرباح التي حققها هؤلاء بسبب الاحتكار ورفع الأسعار والتهريب، لأنهم متهمون بنهب أموال الدولة والشعب، دائما هناك حديث عن استرداد الأموال المنهوبة هذه الشركات على اختلاف مستوياتها ساهمت في نهب المال العام لأن أموال الدعم ذهبت بأغلبها إلى حساباتها، وليعتبر وزير العدل ما أقوله إخبارا علنيا على الملأ”.
وبحسب فضل الله، المقاربة الاستثنائية أن تبادر الحكومة إلى شراء الحاجيات الأساسية مباشرة، لأن اللبنانيين ليسوا شعبا عاملا عند هذه الشركات.
وفي موضوع المصارف، أكد فضل الله أن “النظام المصرفي في لبنان أثبت فشله، والمصارف لم تكن مؤتمنة على ودائع اللبنانيين، فهي تمارس سرقة موصوفة لهذه الودائع، وهي تتحمل مسؤولية كبرى عما وصلنا إليه من انهيار مالي واقتصادي، ولذلك عليها أن تعيد للمودعين أموالهم من جهة وتتحمل بقدر مسؤوليتها عن الإنهيار العبء في إعادة تصحيح المسار المالي. الحكومة في أي خطة سواء جديدة أو خطة التعافي معنية أن تقدم وصفة وطنية لاستنقاذ مال الشعب ومنه الأموال العمومية من بين أيدي من تسبب بهذه المأساة الوطنية، لا أن تعيد تكرار تجربة هذا النظام المصرفي ليتحكم بلبنان.”
وتابع “سبق لنا أن قدمنا إلى القضاء المختص مجموعة من ملفات الهدر والفساد في أموال الدولة، وسلمنا لائحة بها إلى وزيرة العدل السابقة، وقدمنا نسخة من هذه الملفات مع مستنداتها إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية، ووضعناها أمام محكمة الرأي العام، حينما عرضنا نماذج منها في مؤتمرات صحافية ولقاءات عديدة، كما نشرتها وسائل إعلام مرئية ومكتوبة بوثائقها وأرقامها والجهات المتهمة”.
وقال “بعد كل الذي جرى في لبنان من انهيار وتظاهرات وكشف ملفات في الإعلام واتهامات متبادلة بالفساد، لم تتم محاسبة أي من الفاسدين الكبار، ولم يتمكن أحد من إدخال فاسد واحد إلى السجن، فالقضاء في لبنان إلى الآن فشل في القيام بمهمته رغم ما بحوزته من آلاف الوثائق والمستندات لأنه قضاء ممسوك وتابع ولا يشعر باستقلاليته الذاتية، وبانتظار إقرار قانون استقلالية القضاء، سنظل نطرق بابه وفق الأصول عبر وزارة العدل ومباشرة لمعرفة مصير الملفات العالقة وفيها ادعاءات من القضاء نفسه على وزراء ومؤسسات رسمية كمجلس الانماء والاعمار وشركتي الخلوي وصاحب مصرف وشركات متعهدة وأفراد، فضلا عن ملف الحسابات المالية الذي يشهد تقدما كبيرا في ديوان المحاسبة من خلال إنجاز قطوعات الحساب، ولكنه لا يزال عالقا في القضاء خصوصا في ظل تمنع حاكم المصرف المركزي عن تزويد القضاء بكشف حول كيفية إنفاق ثلاثة مليارات دولار من الهبات حماية للمتورطين في الهدر والفساد، والخشية أن ينسحب هذا التمنع على التدقيق الجنائي رغم الخطوات التي تمت إلى الآن وهو تدقيق نريده أن يصل إلى كل مبلغ أنفق في المصرف أو في أي إدارة من إدارات الدولة”.
وأردف “عندما كانت مالية الدولة مخطوفة وجرى العبث بحساباتها المالية امتنع القضاء العدلي عن محاسبة رئيس الوزراء والوزراء بذريعة أن هذه صلاحية مناطة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وعلى ذمة من كنا نطالبه من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، فإن غالبية أعضاء المجلس أصروا على أن لا صلاحية للقضاء العدلي بمحاسبة رئيس الوزراء والوزراء، وتم رفض طلب استدعاء وزير مالية سابق لأن هذا يستثير ردود فعل رافضة، كما جرى تطبيق عملي لهذا الرأي عندما أحيل ثلاثة وزراء اتصالات سابقين بتهمة هدر المال العام إلى المجلس الأعلى، ولم يتم التحقيق معهم أمام قضاة التحقيق”.
ولفت الى أن “هذا القضاء العدلي نفسه وضع اللوم على المجلس النيابي لأنه المعني بتعديل هذه الصلاحية، وطالبنا بتعديل الدستور، ليتسنى له محاسبة رئيس الوزراء والوزراء، وهو ما تكفلت به كتلة الوفاء للمقاومة بالتعاون مع كتل ونواب آخرين لا سيما كتلة التنمية والتحرير، وتقدمنا باقتراح تعديل المادتين 70 و71 من الدستور، واقتراح تعديل قانون المجلس الأعلى، بل ذهبنا أبعد من ذلك تقدمنا باقتراح قانون لمحاكمة الوزراء بمن فيهم الوزراء النواب منذ 1992 أمام القضاء العدلي. وللتذكير في هذه القاعة هنا في جلسة 22 نيسان 2020 كانت ذريعة الذين أسقطوا اقتراحاتنا، هي عدم جواز إعطاء هذه الصلاحية للقضاء العدلي. والمفارقة أن من يطالب اليوم برفع الحصانات من دون تعديل الدستور، هم أنفسهم الذين رفضوا التصويت على رفع الحصانات”.
وختم “كيف يستقيم قضاء عدلي وبالاستناد إلى المواد القانونية نفسها بعضه يرفض استدعاء وزير للمساءلة لانتفاء الصلاحية، وحينما أراد الاستماع إلى رئيس وزراء سابق، لأخذ إفادته حول أسباب الخلل في مالية الدولة، وما سببه من انفجار مالي هائل في لبنان أدى إلى تدمير اقتصاد البلد وإفقار شعبه، وهو أخطر انفجار يصيب واحدة من الدول منذ قرن من الزمان، عندما أراد بعض هذا القضاء الاستماع إلى مجرد إفادة أخذت أوسع الاحتياطات، وأحضر المستمع إليه معززا مكرما وبعيدا عن العين ومن باب خلفي، بينما البعض الآخر في هذا القضاء يستضعف رئيس حكومة ويرسل عبر ضابطة عدلية ورقة جلب. لم يتعدل الدستور ولم يتغير القانون الذي امتنع القضاء في مكان عن محاسبة رئيس الوزراء والوزراء استنادا إلى نصه، فكيف يمكن التعاطي بهذه الازدواجية ومن يصحح الخلل في المعايير ومن يوقف الاستنسابية والتسييس؟”.
جميل السيد: نحن أمام جثّة دولة
بدوره، اعتبر النائب اللواء جميل السيد، في كلمة ألقاها في جلسة الثقة أن “الحكومة الحالية شمعة في الظلام الدامس”، متوجها الى الرئيس نجيب ميقاتي بالقول: “لم تولد الحكومة من رحم الناس ومعاناتهم بل نتيجة المحاصصة”، وقال: “أنت محظوظ لأنك دائما تأتي قبل مصيبة أو بعد مصيبة أو نصف مصيبة، ونأمل في أن تكون تجربتك ناجحة”.
ورأى أن “الاتصالات الخارجية هي التي شكلت الحكومة من أجل تأمين المصالح عبر الهيكيليات اللازمة”، وقال: “أسباب الأزمة تختصر بكلمة واحدة هي “بشر السلطة والدولة” ونحن أمام “جثة دولة”.
ستريدا جعجع: حكومة وقف الانهيار
من جهتها، قالت النائبة ستريدا جعجع باسم كتلة القوات اللبنانية، في كلمة ألقتها في جلسة الثقة “لن نراهن على هذه الحكومة من أجل القيام بالمعجزات، لكنها حكومة وقف الانهيار ومنع الانفجار والأهم أنها حكومة الانتخابات”.
جبران باسيل: ثقتنا مرتبطة بتنفيذ الإصلاحات اللازمة
من جهته، أعلن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل “أننا سنعطي الثقة أولًا من باب الايجابية، ثانيًا من باب تحمل المسؤولية وثالثًا من باب انقاذ البلد لا تخريبه، وقال: “سنعطي الحكومة الثقة لأنها ضمنت مطالبنا في البيان الوزاري وهذا أمر ايجابي، لا محاصصة، ولا فرض شروط. وإن لم يكن المسار صالحًا يمكن سحب الثقة لاحقا”.
وتابع: “نحن اليوم نعطي ثقة مرتبطة بتنفيذ الإصلاحات اللازمة وسنكون عندها على رأس الداعمين، والثقة ستكون منزوعة بعدم إجراء ما يلزم وسنكون عندها أشرس المعارضين”.
وأوضح أن “الثقة ستكون مرتبطة بخمسة امور أساسية: أموال المودعين، والأمان الاجتماعي، والإصلاح المالي، وانفجار المرفأ والانتخابات النيابية، بالإضافة الى امور اخرى”.
وأكد أنه لا يمكن الاستمرار بعدم اجراء 3 أمور: “الكابيتال كونترول، واستعادة الأموال المحولة للخارج، والتدقيق الجنائي، وكله ضمن خطة التعافي المالي الواجب التفاوض عليها مع صندوق النقد الدولي”.
وقال: “المطلوب من الحكومة أن تبدي عبر وزير العدل طلب التعاون القضائي الدولي بحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وتبييض الأموال وتتبادل المعلومات اللازمة مع الدول المهرب اليها ومع المنظمات الدولية متل UNODC وStar”.
واعتبر أن “الأهم لاستعادة الثقة هو مكافحة الفساد”، وتابع “من الجيّد لحظ إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ولكن الأهم والأسرع، وقبل الانتخابات، حتى تعرف الناس الحقائق وتعرف من تنتخب، هو اقرار قانون كشف الحسابات والأملاك لكل قائم بخدمة عامة”.
وأشار إلى أنه لا لزوم للحديث عن اجراء الانتخابات بموعدها لأن الموضوع مفروغ منه، ولا لزوم للحديث عن اجراء الانتخابات بالقانون الحالي، لأن اي محاولة لتعديل القانون بأساسيّاته هو مضيعة للوقت لأنّه لن يمرّ وهو يكون محاولة لتطيير الانتخابات.
وشدد على أن رفع الدعم يجب أن يتزامن مع توزيع البطاقة التمويلية بسرعة، ووقف التهريب وتحميل المسؤولية للأجهزة الأمنية، ووقف التخزين وتحميل المسؤولية للقوى الحامية، وتقديم مساعدة فورية لموظفي القطاع العام، وتصحيح اجور القطاع الخاص، وتوفير الدولارات للشركات المستوردة لمنع ارتفاع الدولار بالسوق.
كما طالب باسيل بأن يحصل التدقيق الجنائي في وزارة الطاقة وباقي الوزارات والمؤسسات منذ الـ 90 لليوم.
أبو الحسن: نقف عند مفترق طرق خطير ومصيري
من جانبه، رأى عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن “أننا نقف عند مفترق طرق خطير ومصيري سيحدد مستقبل لبنان ووجهه ووجهته وبقاءه، مما يضعنا جميعًا أمام مسؤولية تاريخية لا تحتمل التردد والأخطاء ولا تحتمل اتّباع النهج السابق الذي سبب الإخفاقات التي اودت بالبلاد والعباد الى الجحيم والهلاك”.
وأشار إلى “التطلع الى الامام بأمل وإرادة وتصميم وصلابة، للدفع باتجاه المسار الآمن لعبور طريق الإنقاذ الفعلي، وها هي الفرصة اليوم متاحة مع ولادة الحكومة الجديدة التي عبّرت من خلال بيانها الوزاري عن نيةٍ للعمل من أجل وقف الغرق وإنقاذ لبنان”.
واعتبر أن “الواقعية والموضوعية تدفعنا الى مناقشة البيان الوزاري بمسؤولية وصراحة وعدم المسايرة، حرصًا منا على نجاح الحكومة في مهامها المرتقبة، بما تشكل من فرصة أخيرة اذا لم نلتقطها ستضيع ويضيع معها الوطن”.
وأكد أبو الحسن أن “عمر الحكومة القصير نسبيًا، يجب ألّا يشكل عائقًا أمام تحقيق الإنجازات، بل يجب أن يشكل حافزًا ودافعًا قويًا لتحقيق برنامج الحكومة، وهنا نشدد على ضرورة تبنّي وتطبيق كافة مندرجات الورقة الفرنسية خصوصًا في ملف الكهرباء”.
بهية الحريري: إننا أمام استحقاقات وطنية ومصيرية وخيارات صعبة
أما النائب بهية الحريري فقالت في كلمتها في جلسة الثقة “إنه زمن تجديد الحياة التمثيلية ووضع الاستراتيجيات الوطنية بمسؤولية وتعزيز قدرات الجيش اللبناني”.
وقالت “إننا أمام استحقاقات وطنية ومصيرية وخيارات صعبة، وعلينا جميعا مسؤولية تحديد الاتجاه، فإما الذهاب نحو مئوية جديدة منتظمة، أو الذهاب مرة أخرى نحو مئوية من الظروف التي قوضت استقرارنا”.
وأعلنت الحريري “اننا نمنح ثقتنا لحكومة الرئيس ميقاتي من اجل خلاص لبنان”.
عز الدين: الثقة التي ستنالها الحكومة هي مسؤوليتنا
من ناحيتها، دعت النائبة عناية عز الدين، باسم كتلة “التنمية والتحرير”، إلى أن “نؤجل الخلافات الشخصية ونهب لإنقاذ الوطن المنهار والشعب المتروك لطوابير الذل”.
وخلال جلسة مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري، أكَّدت عز الدين أنَّ “الأزمة الاقتصادية كارثة وليست انهيارًا”، مشيرةً إلى أنَّ “كتلة التنمية والتحرير تعتبر أن الوضع الاقتصادي ينبغي أن يذهب باتجاه خطوات جذرية، وأنَّ إعادة أموال المودعين هي المعيار الذي سيحكم الناس من خلاله على عمل الحكومة”.
ولفتت إلى أنَّ “لبنان مهدد بوجوده وبأمنه، والزمن الآن هو للتعاون بهدف التخفيف عن الناس، وهذه الحكومة نافذة الأمل الأخيرة قبل الانهيار الكبير ونحن محكومون بالأمل”، مضيفةً “حان الوقت لوضع رؤية اقتصادية والانفتاح على الخارج بدءًا من جارتنا الأولى سوريا”.
وأوضحت عز الدين “نمد اليد للحكومة للعمل سويا ولنواكب أداءها التنفيذي، والثقة التي ستنالها الحكومة هي مسؤوليتنا جميعا لأن غير ذلك يعني غرقنا جميعا”.