أكثر من وسيلة إعلامية أجنبية تناولت السجّل الأسود لوزير الحرب الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد بمناسبة وفاته أمس.
الكاتب في مجلة “ذا أتلانتيك” جورج باكير وصف رامسفيلد بأنه أسوأ وزير “دفاع” في تاريخ الولايات المتحدة، وقال إنه كان الداعم الأكبر “لكل الكوارث” التي حدثت خلال الأعوام التي تلت هجمات الحادي عشر من أيلول، وأضاف أنه لم يتحلَّ بالشجاعة للتشكيك في مواقفه او بالحكمة المطلوبة لتغيير هذه المواقف.
ورأى الكاتب أن رامسفيلد بدأ “بالأفكار الكارثية” بعد مرور ساعات فقط على وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول، مشيرًا في هذا السياق إلى الملاحظات التي كتبها أحد معاونيه وقتها لجهة الاستفادة من الهجمات كتبرير لاستهداف صدام حسين وعدم الاكتفاء باستهداف زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.
وبحسب الكاتب، ما كشفته المعلومات الاستخباراتية وقتها لم يكن مهماً بالنسبة لرامسفيلد، إذ إن الأخير اعتبر أن هجمات الحادي عشر من أيلول هي اختبار للإرادة الأميركية وفرصة لواشنطن كي تثبت نفسها.
الكاتب لفت الى أن أخطاء رامسفيلد بدأت بعد مرور ساعات فقط على وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول دون أن تتوقف، متحدّثًا عن أن رامسفيلد كان قد توقع نهاية حركة طالبان بعد التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان، كذلك كان من مؤيّدي الإجراءات الأميركية الأحادية من دون الحصول على تفويض من الأمم المتحدة، وتابع أن رامسفيلد كان يثق ثقة كبيرة بالمعلومات الاستخباراتية التي جرى الحصول عليها عبر أساليب التعذيب.
وحمّل الكاتب رامسفيلد مسؤولية هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق بسبب القرارات التي اتخذها هناك.
رامسفيلد رمزٌ لإخفاقات بوش الابن
هذا ورأى الكاتب في موقع Responsible Statecraft دانيال لاريزون أن رامسفيلد كان من أبرز المخططين والمناصرين للحرب الأميركية على العراق، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنه وافق على استخدام أساليب الاستجواب غير القانونية التي أدت إلى تعذيب المعتقلين.
ووفق الكاتب، تحوّل رامسفيلد إلى رمز لإخفاقات إدارة بوش الابن في العراق، وانه كان من أبرز مجرمي الحرب في حقبة بوش الابن، منبهًا في الوقت نفسه إلى انه لم تجرِ مُحاسبته.
وجاء في مقال الكاتب: رامسفيلد كان “يجسد غطرسة وتهوّر” إدارة بوش الابن، وموافقته على أساليب الاستجواب الوحشية تعني أنه شارك في “السلوك الاجرامي” لإدارة بوش الابن، وذكّر بما أوردته منظمة “Human Rights Watch”عن أن رامسفيلد أوجد الظروف التي دفعت بالجنود الاميركيين إلى “ارتكاب التعذيب واشكال أخرى من جرائم الحرب من خلال موافقته على أساليب الاستجواب التي تنتهك اتفاقيات جينيف واتفاقية مناهضة التعذيب”.
كما قال الكاتب إن الدور الذي لعبه رامسفيلد في الحرب على العراق يجعله من أبرز الشخصيات القيادية “المسؤولة عن هذه الجريمة”، مضيفًا أنه وخلافًا لصناع السياسة الاميركيين خلال حقبة حرب فيتنام لم يبدِ أيّ ندم بينما أدت الحرب على العراق إلى مقتل آلاف الاميركيين ومئات آلاف العراقيين فضلًا عن تشريد الملايين منهم.
الكاتب تحدّث عن أن الحرب التي ساهم رامسفيلد بإشعالها (الحرب على العراق) أوجدت الظروف المناسبة التي أدت إلى صعود تنظيم “داعش” الإرهابي وزعزعة استقرار سوريا، وقال إن تقاعد رامسفيلد من دون أخذ أيّة إجراءات بحقه يدل على أنه ليس هناك من محاسبة حقيقية في النظام الأميركي على خلفية “الإخفاقات السياسية الكارثية ” و”جرائم الحرب”.
سياسات رامسفيلد أدّت الى ظهور التطرف بين المسلمين
الكاتب في صحيفة الاندبندنت كيم سينغوبتا لفت الى أن رامسفيلد كان قد دعا إلى نقل الموارد الأساسية من أفغانستان إلى العراق عقب الإطاحة بحركة طالبان، وإلى أن الأخيرة استغلّت الفراغ الأمني الناتج عن ذلك من أجل العودة من باكستان (حيث كانت لجأت طالبان) إلى أفغانستان.
وذكّر الكاتب بأن لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي كانت قد حمّلت رامسفيلد مسؤولية فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب، وأردف “ثماني شخصيات عسكرية غربية متقاعدة كانت قد دعت رامسفيلد عام ٢٠٠٦ إلى الاستقالة، معتبرة ان الأخير قدم أداءً سيئًا جدًا على صعيد التخطيط العسكري وكذلك على صعيد الكفاءة الاستراتيجية، وقيل وقتها إن نسبة ٧٥٪ من الضباط الميدانيين كان لهم نفس التقييم”.
وخلص الكاتب الى أن السياسات التي التزم بها رامسفيلد كانت تسودها عيوب جوهرية وأن هذه السياسات ساهمت بشكل كبير في انتشار التطرف بين المسلمين، والذي أدى بدوره إلى صعود تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الإرهابيين وقدوم “الجهاد” إلى أوروبا وأميركا”.