أنفق جيش الاحتلال في السنوات الأخيرة أموالا طائلة لبناء حواجز حدودية مع سيناء وسوريا وغزة، لكنه تخلى في الوقت نفسه عن خط التماس مع “العدو رقم 1” وهو حزب الله على الجبهة الشمالية مع لبنان، حسبما رأى الصحافي الصهيوني يوآف زيتون في مقالة نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
واعتبر زيتون أنه “في غضون دقيقة واحدة، يمكن لأي لبناني أن يكون في “منطقة إسرائيلية”، مما دفع الجيش لإعداد خطة لتحصين الحدود، تكشف تفاصيلها لأول مرة، لكنها لا تزال على الورق”.
وأضاف أن “الحدود اللبنانية تشهد بين حين وآخر اقتراب نشطاء بهدوء من السياج الحدودي، قرب كيبوتس مالكية، غير البعيد عن مارون الراس، وتحت جنح الظلام، يصلون إلى السياج، ويقطعونه بالمناشير الكهربائية، وخلال دقائق، يمزقونه، ويدخلون عبر فتحة كبيرة نسبيا، طولها ثلاثة أمتار، ومن خلالها يمكنهم العبور بسهولة داخل المنطقة”.
وأوضح زيتون أن “قيادة المنطقة الشمالية في الجيش (العدو)، أدركت بسرعة أن حزب الله قادر على الوصول إلى خط التماس بسهولة، من خلال اختراق السياج القديم، في حين لن يواجه اي صعوبة بضرب “إسرائيل” واختراقها، خصوصا أنه سبق أن سرب أكثر من مرة في السنوات الأخيرة أن لديه خطة اقتحام كاملة لمداهمة المستوطنات والقواعد العسكرية في الجليل بمئات المقاتلين في عمليات تسلل عليا”.
وأكد أن “الحزب يعتمد في خطته هذه على كثافة الضباب، والتضاريس الجبلية، والسياج المنخفض منذ السبعينيات والثمانينيات، وهذا ضعف حقيقي بالنسبة لتحصينات جيشنا، لأنه في غضون دقيقة من الركض يمكن أن تكون داخل مستوطنة، سواء في ظل تزايد حالات التسلل اللبنانية، أو وصول عشرات المتظاهرين إلى منطقة المطلة”.
وأشار زيتون إلى أن “هذا الواقع الأمني الخطير يطرح أسئلة عن سبب الإهمال الإسرائيلي لهذا السياج أمام “عدونا الأول”، كما وصفه رئيس الأركان السابق غادي إيزينكوت، و”أقوى جيوش الشرق الأوسط”، كما وصفه مسؤول كبير في القيادة الشمالية، وذلك على الرغم من أن الأوساط العسكرية عرضت على المستوى السياسي خطورة الوضع وتداعياته، وخطة لبناء الحاجز المناسب، وإمكانية إقامته خلال 5-10 سنوات”.
وأضاف أنه “لم تتم الموافقة على الخطة، أو وضعها في الميزانية، رغم وجود حالات طرقت فيها على الطاولة، إذ قال مسؤولون عسكريون إنه “من العبث أن يتم بناء سياج جديد في الجولان على طول الحدود بأكملها، وآخر لوقف المتسللين من سيناء بأكثر من ملياري شيكل، في حين أن الحدود اللبنانية يعترضها فقط سياج من مترين ونصف في أحسن الأحوال، ومساحة 20 بوصة من الأسلاك الصدئة والشجيرات الشائكة”، حسبما نقل الكاتب الصهيوني.
زيتون أكد أن “أول سياج مع لبنان أقيم في العام 1974، وبعد عامين تم تجديده، وبعد حرب لبنان الأولى عام 1982، والانسحاب من جنوب لبنان في العام 2000، تم إجراء تغييرات طفيفة عليه، لكن بدا من الصعب إصلاح العيوب في السياج دون تعريض جنود الوحدة المسؤولة عن المهمة للخطر، على الرغم من وجود تحذيرات يخلقها السياج القديم المحبط والمتآكل، لعدم قدرته على صد آلاف المقاتلين الذين قد يحتلون القطاعات الحدودية”.
وأوضح أن “تهديد “كتائب الرضوان” التابعة لحزب الله كبير جدا، لدرجة أن فرقة الجليل ليست كافية للتصدي له، حتى إن أفشالوم دادون الذي يقود الكتيبة الهندسية 603 علق بسخرية على الإجراءات الأمنية على الحدود، بقوله إن لدينا اليوم أربعة أسوار “غبية”، مع نظام تنبيه قديم، على الرغم من أنه لتعزيز الاستجابة العملياتية، فقد زادت فرقة الجليل من نشاطها في الجيوب الواقعة خلف السياج، مما يزيد من خطر الاحتكاك مع الجيش اللبناني”.
وتابع أن “صانعي القرار وكبار المسؤولين الأمنيين يعرفون نقاط ضعف الجدار على الحدود اللبنانية، بمن فيهم وزير الحرب بيني غانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافي وقائد الجبهة الشمالية يوئيل ستريك، ويدركون أنها قد تتحول إلى بؤر ساخنة. ورغم ما تمت صياغته من خطط كبيرة في السنوات الأخيرة، وتم تقديمها لمجلس الوزراء السياسي الأمني، لكنه رفض الموافقة عليها، مع أن كلفتها الهزيلة 800 مليون شيكل فقط”.
وذكر أنه “كجزء من عمل هيئة الأركان، قام ضباط القيادة الشمالية بجولة في مشاريع حدودية مماثلة، سواء مشروع “الجيش الذكي” بالضفة الغربية، مرورا بـ “الحدود القاتلة” عند الحاجز مع غزة، إلى “السياج الهائل” على حدود سيناء، وإضافة لكل الإمكانيات المستفادة من مختلف المشاريع، فإن الجدار الجديد مع لبنان سيشمل مكونات دفاعية قاتلة، بما فيها إسقاط الطائرات المسيرة، والحرب الإلكترونية والأسلحة النارية للتحكم عن بعد”، على حد قوله.