شيئًا فشيئًا، تتجلّى الصورة أكثر في أفغانستان. بعد الانسحاب الأمريكي الذي يكتمل بحلول أيلول المقبل، يبدو أن البلاد باتت تحت حكم حركة “طالبان”.
الحركة أعلنت أن 85% من الأراضي الأفغانية باتت تحت سيطرتها، مشيرة إلى أنها تبحث وقفا لإطلاق النار مع الحكومة، وربطت توقف هجماتها بنجاح محادثات الدوحة، بعد جولتيْن أخرييْن في إيران وروسيا.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده وفد من المكتب السياسي لـ”طالبان” في موسكو، وأعلن أن الحركة تسعى لأن تشارك مكونات الشعب الأفغاني كافة في إدارة البلاد.
وتعهّد الوفد بعدم تعرض دول الجوار وما سماها بالدول الصديقة لأي تهديدات من أفغانستان، وقال إن زيارته إلى موسكو هدفها تقديم كل المعلومات التي تخص ما سماها “الإمارة الإسلامية”.
وأضاف أن “طالبان” لن تسمح بتمدد تنظيم “داعش” في أفغانستان، وشدد على أن الحركة ستحاربه.
كما أكد الوفد أن الحركة تجري مفاوضات مع ممثلي المجتمع لتحديد الهيكل العام للدولة، وأن هذا العمل على وشك الانتهاء.
من جهته، قال عضو وفد “طالبان” المفاوض في المؤتمر نفسه شهاب الدين ديلاوار إن الحركة لن تُسيطر على عواصم الولايات الأفغانية بالقوة، كما أنها لن تقوم بأي هجوم على المراكز الإدارية والمباني الحكومية وكذلك القنصليات في كافة الأراضي الأفغانية.
في سياق متصل، سيطر مسلحو “طالبان” على معبر” أبو نصر فراهي” الحدودي مع إيران، بعد أن سيطروا أيضًا على معبر حدودي آخر مع إيران هو معبر “إسلام قلعة” الذي يقع في ولاية هرات غربي البلاد.
ويعد معبر إسلام قلعة أحد أهم 4 معابر حدودية مع إيران، إذ يخدم نحو 20 ولاية أفغانية، ويمر من خلاله معظم التجارة المشروعة بين البلدين.
والشهر الماضي، سيطرت “طالبان” على شير خان بندر، المعبر الحدودي الرئيسي بين أفغانستان وطاجيكستان، واضطر نحو ألف جندي حكومي للجوء إلى طاجيكستان بعد قتال عنيف.
كذلك نقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن مصدر مطلع تأكيده أن قوات “طالبان” دخلت مدينة قندهار، مشيرا إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين جراء مواجهات دارت بين عناصر الحركة والقوات الحكومية في محيط السجن المركزي.
لافروف: ليس بإمكان أحد سوى الأفغان أنفسهم حل أزمتهم
سياسيًا، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لن تتخذ أي خطوات إزاء الوضع في أفغانستان، ما لم تخرج الأعمال القتالية الجارية هناك عن حدود البلاد.
وصرح لافروف، أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده في موسكو اليوم الجمعة مع نظيره الهندي سوبرامانيان جيشانكار: “بوساطة الولايات المتحدة تم ترسيم الخطوات الواجب اتخاذها من أجل استقرار الوضع وإطلاق عملية سياسية والتوصل إلى اتفاق بخصوص المرحلة الانتقالية، ثم تحديد المعايير النهائية لمستقبل أفغانستان.. من الواضح أنه ليس بإمكان أحد سوى الأفغان أنفسهم حل هذه المسائل، لكن الاتفاقات المبرمة بين واشنطن و”طالبان” استدعت ترحيب جميع الأطراف، ونحن نؤيد تطبيقها”.
في الوقت نفسه، أكد لافروف أن التطورات الأخيرة في أراضي أفغانستان تثير قلق موسكو إزاء خطر “امتداد المشاكل إلى أراضي حلفائنا”.
وفي معرض تعليقه على سيطرة “طالبان” على معابر حدودية عند حكومة أفغانستان مع طاجيكستان وإيران، قال لافروف: “طالما يحدث ذلك في أراضي أفغانستان، لا نعتزم اتخاذ أي إجراءات سوى تكرار نداءاتنا الملحة إلى إطلاق العملية السياسية التي أيدتها جميع الأطراف الأفغانية في تصريحاتها الشفهية في أسرع وقت ممكن”.
وأكد الوزير الروسي أن التطورات في أفغانستان ستطرح على أجندة الاجتماع الوزاري الذي ستعقده منظمة شنغهاي للتعاون في عاصمة طاجيكستان دوشنبه الأسبوع القادم مع عقد جلسة منفصلة لمجموعة العمل المشتركة بين المنظمة وأفغانستان، مضيفا: “سنستمع إلى خطط أصدقائنا الأفغان بشأن تقديم العملية السياسية”.
كما لفت لافروف إلى أن عاصمة أوزبكستان طشقند ستستضيف الأسبوع القادم أيضا مؤتمر آسيا الوسطى والجنوبية، مبديا أمل موسكو في أن يوجه كافة المشاركين في كلا الفعاليتين “رسالة قوية إلى جميع الأفغان بشأن ضرورة الشروع في التوصل إلى اتفاقات على نحو جاد”.