انا اعلم ان كل قصائد ابراهيم ناجي ومنها الاطلال لم تعد تفيد بزمن الزوال.
لكن الانسان منا يستذكر تضحيات جسام مليئة بالالالم.
لقد تعبنا كثيرا في بناء الحالة العونية، ولا ابالغ ان قلت ان بناء الاهرامات كان اسهل وايسر من بناء الحالة العونية.
لا أحد يستطيع أن يصف او يتصور كيف عشنا وماذا فعلنا، وبأي وسائل ناضلنا.
اعذروني، لا شيء جميل اكتبه، إلا ضحكة الاصدقاء عندما كنا نلتقي من كل الطوائف، طوني وناجي وعلي وايلي وعمر، وحتى بعض الأسماء الارمنية…
كنا نحكي خبريات تحاكي الاساطير، كيف نريد لبنان، وأن التجربة العونية لن تكون أقل من اكبر تجربة سياسية ديمقراطية عرفها العالم.
أحيانا كان يغيب البعض عن لقاء، رتب له بالسر خوفا من بائع الكعك، وبعيدا عن أعين تاجر شنطة البسة، وعندما نسأل عن من غاب ظنا منا أنه اعتقل او قتل، وعندما نعلم أنه هاجر هو وفلان وفلان، كنا نفرح له، لانه قد يلتقي الجنرال بالمنفى.
كانت فرحتنا ان نلتقي بالجنرال هي الحلم، حتى عندما كنا نبحث عن لقب لزعيم ثوري لم نكن نجد من نقارنه بالجنرال، نابليون، شارل ديغول، جورج واشنطن، غيفارا، نيلسون مانديلا وكثيرين، لم نكن نتصور أنه يوجد مثل الجنرال.
لقد بلغ عدد المنتسبين للتيار أكثر من سبعين الفا عام ٢٠٠٩ ، من كافة الطوائف.
أذكر يوم أعلن عن منسقية المتن الجنوبي، وعندما دخلت القاعة فاجأني الصديق المناضل الطيب الطبيب فادي عون، بانه تم تعييني مسؤولا للاعلام، فرفضت وقلت له التعيين مرفوض فلتكن انتخابات وبالفعل فازت اللائحة كما وضعها الدكتور فادي فالجميع كان يشهد له بالنشاط والإخلاص والعمل الدؤوب.
كنا نعمل على إعادة إحياء الديمقراطية التنافسية بعيدا عن كل شيء، من يعمل وينجح هو من يولى.
كل شيء ضاع، كل شيء تبخر وسقط، وانتهى.
من كان يصدق ان التيار يصل لهذا الضعف، ونحن الذين كنا نعبي ساحات لبنان تظاهرات وخطابات ومواقف، دفاعا عن الجميع، عن الجمهورية كل الجمهورية ١٠٤٥٢ كلم، بناسها واشجراها ومياهها وحدودها وترابها…
في عام ٢٠٠٩ علم طوني حرب (انطوان) باني ساستقيل من التيار فاتصل بي قائلا: “شو بيك يا زلمة هلق بعد التعب ووصلنا لهون بدك تفل، تعى بدنا نلتقى نحن ورح تكون موجودة مايا” ( مايا سعد التي كنا ننظر إليها على أنها ماريان الثورة اللبنانية).
عندما سمعت عام ٢٠١١ بأن هناك تباين بدأ يظهر بين الجنرال عون واللواء عصام ابو جمرة هاتفت اللواء ادغار معلوف وكان مقربا منا كثيرا ويتفهم وينصت لمشاكلنا، وقلت له حرفيا، انا أتفهم أن يتم ازاحة أي شخصية مارونية لكن لماذا الخلاف مع اللواء عصام ابو جمرة وهو عقل وحكمة وإدارة التيار، لم يجب باي كلمة رحمه الله، قلي انت بتعرف تبقى مروق خلينا نشوفك.
حتى عندما غادر اللواء عصام ابو جمرة التيار، ذهبت اليه، وقد تاملته كثيرا قبل أن أتكلم امامه، فهو مهاب الجانب معروف بحكمته وعمق تفكيره وحسن إدارته، وعلاقاته الواسعة والنافذة للغاية داخليا ودوليا، فوجدته متعبا، فلم اتكلم ولا كلمة، له وهرة علينا بالتيار، لكنه قال: “بس فليت انت والشباب قلت في مشكلة، عملت حركة المسؤولية تقتضي انا وحكماء التيار، لكن ما تغير شي.
وضرب يده على الكرسي قائلا، كل شي عم يضيع..
وللأمانة التاريخية يمكن لأي شخص أن يطالع كل تصريحات اللواء ابو جمرة فهو لم يخطئ بكلمة واحدة طيلة ثلاثة عقود او يفشل بادارة وزارة او بتحليل سياسي أو تقييم اجتماعي واحد.
لا أعرف ماذا اقول لكن التيار يجب أن يعود وقبل فوات الأوان.
لبنان بحاجة إلى التيار الذي كان يجمع الجميع مسيحيين ومسلمين، يجب على أحد ما، ان يتحرك بعيدا عن الانا، ويدعو الجميع لمعاودة النضال، ويجب أن يتنازل الجميع ويضحوا ، فالمسؤولية اتجاه تاريخ التيار والوطن وتكريما لكل يلي راحوا ويلي سجنوا وتعذبوا.
ولاصلاح ما تهدم بالتيار يجب التغيير، وإعادة قوة التيار الكفيلة بأن توصل الجميع، إلى منصب رئاسة الجمهورية او الحصول على الحصة الوازنة برلمانيا وحكوميا، تمهيدا لتطبيق مبدأ العلمانية ومكافحة الفساد، لبنان يستحق منا جميعا التنازلات، فالتيار كان حلم كل لبنان.