كشف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في مقالة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” عن استعداد بلاده لتكون شريكة في عملية السلام في أفغانستان، مشددًا في الوقت نفسه على أن إسلام آباد لن تخاطر في تأجيج النزاع.
وأعلن خان عن رفض بلاده للحكم العسكري في أفغانستان، معتبرًا أنه لن يؤدي سوى إلى حرب أهلية تستمر لعقود، وأكد أن حركة طالبان لا تستطيع أن تسيطر على كل الأراضي الأفغانية، لكنها يجب أن تكون في الوقت نفسه جزءًا من أي حكومة مستقبلية من أجل إنجاحها.
خان أشار الى أن بلاده لا تفضّل أطرافًا معيّنة في أفغانستان وستتعامل مع أيّة حكومة تحظى بثقة الشعب الأفغاني، مضيفًا أن التاريخ قد أثبت أن أي طرف خارجي لا يستطيع أن يسيطر على أفغانستان.
وتحدث خان أيضًا عن معاناة بلاده نتيجة الحروب في أفغانستان، فقال إن “باكستان وقعت ضحية الإرهاب بعدما انضمت إلى الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب”، معتبرًا أن الهجمات التي شنّتها واشنطن بواسطة الطائرات المسيّرة لم تحقق الانتصار في الحرب بل أوجدت حالة كراهية تجاه الأميركيين وأدت إلى تعزيز صفوف الجماعات الإرهابية.
ولفت خان الى أن ضغوطًا مارستها الولايات المتحدة على باكستان من أجل إرسال قواتها إلى المناطق القبلية الواقعة على الحدود مع أفغانستان، وقال إن قيام باكستان بذلك لم يقض على “التمرد” بل أدى إلى تشريد نصف عدد سكان هذه المناطق، بما في ذلك تشريد مليون شخص في منطقة شمال وزيرستان وحدها، ناهيك عن الاضرار المادية وتدمير القرى.
وبحسب خان، عدد الجنود الباكستانيين الذين قتلوا جراء العمليات الانتحارية التي استهدفت الجيش الباكستاني يفوق مجموع عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في أفغانستان والعراق معًا.
وبيّن رئيس وزراء باكستان أن هناك ما يزيد عن ٣ ملايين لاجئ أفغاني في بلاده.
كما لفت خان الى أن موافقة بلاده على استضافة القواعد العسكرية الأميركية على أراضيها من أجل القيام بعمليات قصف لأفغانستان تزامنًا مع اندلاع الحرب الأهلية سيجعل من باكستان هدفًا للهجمات الانتقامية من قبل الإرهابيين، مؤكدًا أن إسلام أباد لا تستطيع أن تتحمّل هكذا سيناريو.
كما أكد خان دعم بلاده لأي اتفاق يحافظ على “المكاسب التنموية” التي تم تحقيقها في أفغانستان خلال العقدين المنصرمين، وأعرب عن رغبة إسلام آباد بتحقيق التنمية الاقتصادية وتكثيف التبادل التجاري في منطقة آسيا الوسطى، آملًا أن تبدي الحكومة الأفغانية المزيد من المرونة في المحادثات مع طالبان وأن تتوقف عن توجيه اللوم إلى باكستان.
واعتبر خان أن البيانات المشتركة الصادرة عن كل من روسيا والصين والولايات المتحدة وباكستان والتي جاء فيها أن أي محاولة لفرض حكومة عبر القوة في أفغانستان ستلقى موقفًا رافضًا من الأطراف المذكورة، وستمنع كذلك حصول أفغانستان على المساعدات الخارجية التي تحتاجها.
وأضاف أن البيانات المشتركة هذه تشكل المرة الأولى التي يتخذ فيها هكذا موقف موحد حول شكل التسوية السياسية في أفغانستان، مردفًا أن ذلك قد يؤدي بدوره إلى اتفاق إقليمي جديد حول السلام والتنمية في المنطقة عمومًا، والذي قد يشمل مشاركة المعلومات الاستخباراتية والعمل مع الحكومة الأفغانية من أجل مواجهة التهديدات الإرهابية الناشئة.
كذلك رأى خان أن هكذا اتفاق قد ينص على تعهد الدول المجاورة لأفغانستان بعدم استخدام أراضيها ضد كابول، أو ضد أي بلد آخر، بينما تتعهد الأخيرة بالمثل، معتبرًا أن هكذا اتفاق قد يؤدي إلى تعهدات بمساعدة الافغانيين على إعادة بناء بلدهم.
ووفق خان، تعزيز الروابط الاقتصادية والتبادل التجاري الإقليمي يشكل خطوة أساسية نحو تحقيق السلام والأمن الدائم في أفغانستان، مشددًا على أن المزيد من العمل العسكري هو إجراء عبثي.
وقال إن أفغانستان قد تشكل نموذجًا للتعاون الإقليمي في حال جرت “مشاركة هذه المسؤولية”.
خان يرفض إدانة الحكومة الصينية
وفي سياق غير بعيد، رفض خان إدانة الحكومة الصينية على خلفية المزاعم عن انتهاكات ترتكب بحق مسلمي الإيغور في محافظة “Xingjiang” الصينية.
وفي مقابلة مع موقع “Axios”، قال خان إن الصين كانت من أفضل أصدقاء بلاده في أصعب الفترات التي مرت على باكستان، وإن أيّ كلام مع بكين حول موضوع “Xingjiang” سيكون خلف الأبواب المغلقة.
وذكّر خان بأن الصين نفت صحة المعلومات عن ارتكاب انتهاكات بحق الإيغور خلال محادثات جرت مع إسلام باد خلف الأبواب المغلقة.
وفي الختام، تساءل خان عن سبب اهتمام الغرب بهذا الموضوع، بينما يتم تجاهل قضية سكان إقليم كشمير وأحداث تحصل في أماكن أخرى مثل فلسطين وليبيا والصومال وسوريا وأفغانستان.