فشلت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في تحقيق أي تقدم نحو حل أزمة سد النهضة التي عقدت على مدار أيام في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية التي تترأس الاتحاد الأفريقي، ما وضع الموقف المصري في خانة الضوء الأحمر مع بداية العد التنازلي للملء الثاني للسد في تموز/يوليو المقبل.
وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا تحصل على أغلبها من النيل الأزرق، وسبق أن أعلنت تعتبر جولة المفاوضات في كينشاسا بمثابة “فرصة أخيرة” للتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد.
وبينما تتمسك القاهرة بالتوصل أولًا إلى اتفاق يحافظ على منشآتها المائية ويضمن استمرار تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، تؤكد إثيوبيا أن الملء الثاني لسد النهضة سيتم في موعده المقرر.
وإزاء ذلك تباينت تقديرات المراقبين إزاء المواقف المعلنة من الجانب المصري بين مرجح لتنفيذ القاهرة عمل عسكري يضمن خروج السد الإثيوبي من الخدمة لعدد من السنوات، أو تدميره بالكامل مقابل آخرين يرون في هذا الاحتمال أمرًا مستبعدًا.
وتصاعد النقاش حول هكذا احتمال، الأسبوع الماضي، بعدما حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من المساس بحصة مصر من مياه نهر النيل، وحملت تصريحاته أقوى لهجة تهديد لأديس أبابا منذ نشوب الأزمة قبل عقد.
وقال السيسي، آنذاك، إن “مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.
وفي السياق، توقع الأكاديمي المصري حسن نافعة أن تقاتل مصر بعد حرمانها من حقوقها في مياه النيل، وإفشال إثيوبيا لمفاوضات كينشاسا، مثلما أفشلت جولات كثيرة سابقة، وكتب عبر تويتر: “كتب عليكم القتال وهو كره لكم (..) لا يخالجني شك في أن مصر ستقاتل إن أصرت إثيوبيا على حرمانها من حقوقها في مياه النيل، وأفشلت الجولة الحالية من المفاوضات مثلما أفشلت جولات كثيرة سابقة”.
عامل آخر يدفع باتجاه “تردد” القاهرة، وهو موقف أبوظبي من الأزمة، إذ تحاول لجم التصعيد من جهة مصر والسودان نحو إثيوبيا، وهو ما كشفه البيان الأخير لوزارة الخارجية الإماراتية، الذي عبر عن موقف أقرب للحياد منه لدعم مصر والسودان، حيث دعا إلى “حوار بناء” بين الدول الثلاث، وهو موقف مختلف عن إعلان الدعم الصريح للقاهرة من قبل السعودية والبحرين وعُمان.
ولذا لم تستجب مصر لمحاولة الوساطة الإماراتية، بينما يبدو أن الإغراءات المالية دفعت السودان إلى إبداء مرونة تجاهها، حيث أعلنت الحكومة السودانية، قبولها بوساطة أبوظبي.