صيدليات لبنان وصلت الى الخط الأحمر.. هل من خطة إنقاذية؟!

إضراب “تحذيريّ” دعت إليه عدد من الصيدليات بسبب المشاكل والتحديات الكثيرة التي يعاني منها القطاع مما يجعله في خانة “العناية الفائقة “.

التزام كبير من قبل الصيدليات في كلّ أنحاء لبنان احتجاجاً على انهيار سعر صرف الليرة، ورفضاً للشحّ في تسليم الدواء من جانب الشركات والمستودعات.

مخاوف كثيرة يعاني منها الصيادلة تصل إلى حدّ “الخوف من الاضطرار الى الإقفال” وهذا بالفعل ما يحصل في كثير من المناطق اللبنانية، حيث أغلقت أكثر من 350 صيدلية أبوابها منذ بداية الأزمة إلى اليوم. والرقم مرجّح للإرتفاع إذا لم يتمّ إيجاد حلول سريعة تنقذ هذا القطاع الأساسيّ في حياة المواطن، والذي يرتبط بشكلّ لصيق بحياته وصحته.

وفي حديث لموقع “العهد” الإخباري، يقول الصيدليّ الدكتور ربيع شاهين أنّ أبرز مشكلة يعاني منها القطاع هي غياب الأمن الدوائي بسبب عدم القدرة على الحصول على الدواء بعد امتناع الشركات والمستودعات عن توزيعه، لأنّ معظم الأدوية ما زالت تعتمد على السعر القديم للصرف وهو ال 1500 ليرة لبنانية، في مقابل الارتفاع الجنوني لسعر الصرف الذي قارب ال 15 ألف ليرة. هذا ما شجع الكثير من الموزعين على تخزين الدواء واحتكاره وبيعه لبلدان أخرى على سعر صرف السوق السوداء في سبيل التحقيق لربح أكبر.

والمعروف أنّ أغلب الأدوية في لبنان مستوردة، هذا ما يخلق أزمات كبيرة لدى الموزعين والصيادلة على حدّ سواء بحسب شاهين. فالصيدلي ما زال يبيع دواءه على السعر القديم، في ظلّ الارتفاع الجنونيّ للأسعار الذي طال كلّ جوانب الحياة، مما يعرّضه للخسارة الماديّة الكبيرة وانخفاض في نسبة أرباحه إلى أكثر من 60 بالمئة.

أن الإرتفاع الكبير في الأسعار لكلّ السلع يُقابله مردود ماليّ ما زال ثابتاً. هنا تكمن المشكلة خاصّة في الصيدليات التي يعمل فيها أكثر من صيدلي، حيث يطال التهديد الاستغناء عن الخدمات لعشرات الصيادلة، إذا لم يتحسن الوضع الإقتصادي والنقدي.

صيدليات لبنان وصلت الى الخط الأحمر.. هل من خطة إنقاذية؟!

ملخصّ الواقع أن بيع الدواء على سعر ال 1500 مقابل شرائه من قبل الصيادلة على ال 15000. فرق شاسع ينتج عنه تغيّر كبير في قدرة الصيدلي على الاستمرار، وقد بدأ الكثير يرفعون صوت الحرمان والقلّة وعدم القدرة على تأمين متطلبات حياتهم.

تقول الصيدلانية مريم برو لموقع “العهد” الإخباري، إن أبرز مشكلة هي عدم توفّر الدواء وهذا ما يضع المواطن والصيدلي في معاناة كبيرة، وتخبرنا كيف تتابع حالات مرضية متعددة لا تستطيع إيجاد الدواء المناسب لها بسبب انقطاعه. وتحدثنا عن آخر حالة لرجل بحاجة إلى نوع محدد من حقن الالتهاب حيث تواكب ملفه منذ البارحة مع الضغوطات الكبيرة والاتصالات العديدة بهدف تأمين الدواء للمريض الذي لا يتحمّل تأخير الحصول عليه.

ومن المشكلات التي تواجهها الصيدليات أيضاً هي عدم تسليم الشركات لأنواع محددة من حليب الأطفال، وإذا تمّ التسليم يكون ضمن كميّات محددة جداً.

يعاني الصيدليّ من الذلّ في سبيل تأمين بعض أنواع الأدوية بحسب ما تقول برو، ومن ضمنها أدوية الأمراض المزمنة. وقد لجأ عدد من المواطنين إلى تخزين بعض أنواع الأدوية تخوّفاً من انقطاعها مما فاقم المشكلة بشكل كبير. وهذا يفتح باب النقاش حول ضرورة أن يتحلّى المواطن اللبناني بوعي إقتصاديّ لاسيّما في هذه المرحلة المثقلة بالأزمات الإقتصادية والإجتماعية والأمنية، والتي تلامس كل تفاصيل حياته وترهقه بشكل ٍ كبير.

يطالب الصيادلة بتمكينهم من شراء الدواء بالدولار المدعوم من مصرف لبنان، كما يطالبون بالتوزيع العادل للأدوية على جميع الصيدليات وعدم الإستنسابية في هذا الموضوع. ومن ضمن المطالب أيضاً أن تقوم الدولة بتحسين هذا القطاع عبر وضع خطّة “إنقاذية” متكاملة العناصر والأطراف والبدء بتنفيذها في أقرب وقت، والتي تقضي إنقاذ قطاع الدواء وتنظيمه، والحدّ من كلّ أشكال المخالفات والتلاعب والاحتكارات والغشّ الذي يطال جوانبه وتحديداً من جهة استيراد الأدوية وما يليها من خطوات. ونتائج وصول قطاع الصيدلة الى حافة الأحمر، يتحمل عواقبه المواطن الفقير الذي غالباً ما يكون الحلقة الأضعف في ظلّ منظومة سياسية وإقتصادية وإجتماعية فاسدة ومفسدة ومتمادية في الاستهتار والجشع.زينب نعمة العهد الخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *