أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن هناك من يعمل في لبنان على حرب أهلية، مشدداً على أنه لا يجوز تحت عنوان الأزمة الاقتصادية والدولار وفقدان المواد الغذائية أن يندفع أحد أو نسمح لأحد أن يدفع البلد لهذه الحرب.
السيد نصر الله وفي كلمة له بمناسبة يوم الجريح المقاوم والتي تمركزت حول التطورات المحلية، أوضح أن لبنان يقع حالياً في قلب أزمة حقيقية وطنية كبرى اقتصادية واجتماعية ومالية وسياسية، بينما هناك من يعمل من أجل حرب أهلية، مشيراً إلى أنه عندما يعجزون أمام المقاومة يمكن أن يلجأوا إلى العمل من أجل هذه الحرب، لافتاً الى أن هذا الخيار كان موجوداً في السنوات الماضية وتم إفشاله.
وكشف سماحته عن معلومات تفيد بأن هناك جهات خارجية وبعض الجهات الداخلية تدفع باتجاه حرب أهلية، مؤكداً أن حزب الله ليس بوارد اللجوء إلى السلاح من أجل تشكيل حكومة أو من أجل حلّ وضع اقتصادي أو مالي أو إصلاح في الدولة.
الأزمات وأسبابها
وفيما لفت سماحته إلى أن هناك من يعمل على تصفية حسابات وليس العمل على حلول للأزمات، أشار إلى أن أسباب الأزمات هي: السياسات المالية المتبعة، ضرب القطاعات المنتجة وخاصة القطاعين الزراعي والصناعي، الرهان على التسوية السياسية في المنطقة في التسعينات، سياسة الاستدانة والفوائد، الفساد المالي والهدر والنزاعات الطائفية والسياسية، الحروب الاسرائيلية المتعاقبة على لبنان، الاحتلال الاسرائيلي لأجزاء من الجنوب والبقاع الغربي لمدة من الزمن وتبعاته، المشروع الأميركي في المنطقة وحروبه وبالخصوص الحرب الكونية على سوريا، تهريب الأموال إلى الخارج، تجميد الودائع في البنوك، انفجار مرفأ بيروت، والتوترات التي حصلت بسبب حراك 17 تشرين، والثغرات في النظام السياسي، وغيرها”.
ورأى سماحته أنه إذا أردنا أن نعالج سبباً واحدًا من أسباب الأزمات ونتجاهل بقية الأسباب فلن يؤدي ذلك إلى نتيجة.
وإذ سأل السيد نصر الله عن علاقة كل هذه الأسباب بسلاح حزب الله، اعتبر أنه عندما نريد الذهاب إلى الحل علينا أن نعالج هذه الأسباب، إلا أننا خلال مقاربة الحلول والمعالجات هناك حدان يجب الانتباه لهما هما حدّ اليأس وحد الأوهام، لأن الأزمة التي هي نتيجة عشرات السنين لا يمكن معالجتها بسنة أو سنتين.
وأضاف أنه يجب أن لا نبسط الأمور وعلى سبيل المثال أن لا نقول للناس أن الحل هو بتشكيل حكومة فقط بل تشكيلها هو جزء من مسار طويل، مؤكداً أنه إذا بقيت الادارة كما هي وآليات العمل والقضاء والمحاسبة والمراقبة على ما هي عليه يعني أن القروض التي سيحصل عليها لبنان سيتم هدر كثير منها.
واعتبر السيد نصر الله أننا اليوم أمام وضع متكامل يحتاج لإصلاح إداري ومالي ولسد بعض الثغرات في النظام السياسي.
وفي هذا السياق، أوضح سماحته أن حزب الله قدم تسهيلات بخصوص تشكيل الحكومة، مجدداً التأكيد أنه إذا اتفق الرئيسان الحريري وعون الاثنين المقبل على حكومة اختصاصيين غير حزبيين فإن الحزب ماضٍ بذلك.
حكومة اختصاصيين أم تكنوسياسية!
السيد نصر الله سأل حول إستطاعة حكومة الاختصاصيين تحمل قرارات مفصلية كبيرة اذا لم تحمها القوى السياسية، ناصحاً الرئيس المكلف بتأليف حكومة تستطيع تحمّل الأعباء، وحكومة تضم القوى السياسية لتتحمل مسؤولياتها ومحاكمة من يتنصّل منها.
ودعا سماحته إلى إعادة النظر في قرار تأليف حكومة اختصاصيين، والتوجه نحو حكومة تكنو سياسية، لأن حكومة الاختصاصيين لن تصمد ولن تستطيع أن تتحمل مسؤولية الأزمة في البلد.
وجدد السيد نصر الله التأكيد على أن صندوق النقد الدولي لا يريد تقديم مساعدات بل قروض ويفرض شروطاً على لبنان، وأن من بين شروط الصندوق رفع الدعم عن المواد الاساسية، وسأل “هل سيتحمل الشعب اللبناني تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي؟”.
توظيف القدرات الداخلية والعلاقات الخارجية
السيد نصر الله دعا جميع القوى السياسية لتوظيف قدراتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية في حل الأزمة، وإلى أن يساعد الزعماء وأباطرة المال الذين هربوا أموالهم ناسهم ودائرتهم الانتخابية. مؤكداً أنه يجب على كل من لديه علاقات مع تجار أو دول أن يوظفها لانقاذ الشعب اللبناني.
وفي هذا السياق، لفت إلى أن العرض الايراني حول شراء المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية ما زال قائمًا إلا أن تنفيذه لن يتم إلا عبر الدولة اللبنانية ووفق قوانينها.
حلول مع استمرار التأزيم
وفي سياق آخر، اعتبر السيد نصر الله أنه اذا استمر التأزيم في ملف تأليف الحكومة فالحل هو بإعادة تفعيل عمل الحكومة المستقيلة ومن دون وضع شروط، فمسؤولية رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب هي اعادة جمع الحكومة والتصرف.
أما الحلّ الثاني فهو بالبحث عن حلّ دستوري دقيق يراعي التوازنات الطائفية، معلناً عن امتلاك حزب الله مجموعة أفكار بحاجة لنقاش.
السيد نصر الله أكد أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتحمل مسؤولية كبرى في الحفاظ على سعر الليرة اللبنانية، وأن صلاحيات الحاكم وعلاقاته تمكنه من أن يمنع هذا الارتفاع غير المقبول لسعر صرف الدولار وحماية العملة الوطنية، وأضاف “إذا كان حاكم المصرف قادر أن يعالج المشكلة ولم يفعل فلماذا يبقى في موقع المسؤولية؟، واذا لم يتمكن فيجب أن يوضح للناس”.
قطع الطرقات يقتل الناس
أما عن قطع الطرقات أشار السيد نصر الله إلى هذه الخطوة “تجوّع” الناس وتقتلها وتضع البلد على فوهة الحرب الأهلية، كما أنها لا تشبع جائعاً ولا تحقق أمنا ولا تؤمن وظيفة.
وشدد على أن واجب القوى الأمنية والجيش هو فتح هذه الطرقات ومنع قطعها، مشيراً إلى ضغوط من بعض السفارات على الجيش اللبناني. وأوضح أنه إذا لم تنجح مختلف الوسائل في وقف قطع الطرقات فسيكون “للبحث صلة”.
“رواتب بالدولار”
وعن الحديث عن أن مجاهدي حزب الله يتقاضون راتبهم بالدولار، أوضح السيد نصر الله أن الجزء الأكبر من قوة التعبئة العسكرية لحزب الله لا يتقاضون راتباً أصلاً، وهناك جزء كبير ممن يعمل في المؤسسات يتقاضى راتباً بالليرة. وأشار إلى أنه عندما كانت رواتب الناس عالية عاش من يتقاضون راتباً بالدولار في حزب الله شظف العيش.
وكشف سماحته أن مجاهدي حزب الله يبادرون إلى مساعدة عائلاتهم من رواتبهم، داعياً إياهم إلى دعم أرحامهم ثم جيرانهم. كما أعلن أن حزب الله سينشئ صندوقاً داخلياً ليتبرع من يتقاضى بالدولار بما يستطيع لمساعدة العائلات المحتاجة.
وأوضح أن حزب الله مصر على أن الازمة يجب أن تعالج ضمن الأطر القانونية والشرعية، لكن إذا جاء وقت ولم يحصل ذلك، فنحن لدينا خيارات كبيرة ومهمة ولكن تنفيذها عبر الدولة والقانون غير متاح سنلجأ إلى تنفيذها لننقذ بلدنا وشعبنا.
السيد نصر الله وإذ أكد إصرار حزب الله لحد الآن على أن الوضع الحالي يجب أن يتعالج عبر الدولة، أكد أننا لن نتخلى عن مسؤوليتنا تجاه الناس اذا وصلت البلاد إلى انهيار حقيقي.
الجرحى صبروا وثبتوا وكانوا أهل الوفاء
السيد نصر الله ثمّن دور الجرحى الذين لم يتخلفوا عن مسيرة المقاومة للحظة واحدة وواصلوا العمل في مختلف الميادين، واقتدوا بأبي الفضل العباس وأخذوه رمزاً عظيماً، وخلال مسيرة المقاومة الطويلة صبروا وثبتوا وكانوا أهل الوفاء، وأضاف “كثير من الجرحى المدنيين أصيبوا بتبعات الاعتداءات والتفجيرات الاسرائيلية والتكفيرية وهم يزدادون فهما ووعيًا للوقائع”.
ورأى سماحته أنه يوماً بعد آخر تتبيّن حقيقة الجماعات الإرهابية المسلحة وهوية وحقيقة من يدعمها ومن يحركها، فنحن لسنا أمام جماعة إسلامية بل أمام جماعات ارهابية تكفيرية مسلحة يتم تشكيلها وادارتها ودعمها من قبل المخابرات الاميركية من أجل تدمير الشعوب والجيوش. مشيراً إلى وثائق جديدة تظهر دور المخابرات الأميركية في تجنيد قادة تنظيم “داعش” في السجون العراقية وإطلاق سراحهم.