ليبيا في مرمى الاغتيالات مجددًا

لم يكد يمضي أسبوعان على انتخاب حكومة انتقالية جديدة في ليبيا برئاسة عبد الحميد دبيبة وما رافقها من تطلعات وآمال عالية بإنهاء الأزمة المستفحلة، حتى جاء الرد سريعا وعنيفا إزاء هذا المسار السياسي، فمحاولة اغتيال وزير الداخلية الليبية فتحي باشاغا أعادت خلط الأوراق ووضعت ليبيا في مرمى العنف المسلح والاغتيالات السياسية مجددا.

باشاغا الرجل القوي في الغرب الليبي صرّح بأن “العملية لم تكن من قبيل الصدفة بل تمّ التخطيط لها جيدا”.

وأثارت محاولة الاغتيال ردود فعل واسعة داخليا وخارجيا، فيما أبدت السلطة التنفيذية الليبية الجديدة استنكارها في بيان مشترك للمجلس الرئاسي والحكومة، لمحاولة الاغتيال مطالبة الجهات القضائية بفتح تحقيق نزيه وشفاف في ملابسات الحادث وملاحقة مرتكبيه.

ويرى البعض أن هذه العملية جاءت كرد على التسريبات التي تتحدث عن نيّة رئيس السلطة التنفيذية عبد الحميد دبيبة إعادة تعيين بعض الوزراء في حكومة السراج من بينهم فتحي باشاغا نظرا لما يتمتع به من نفوذ وقوة.

في المقابل، فإن هناك رفضا من ميليشيات طرابلس والزاوية لوجود الرجل في الحكومة الجديدة، ليكلف مجددا بحقيبة الداخلية مدعوما من أنقرة.

ويمتلك باشاغا عدة أوراق تسمح بإعادة تكليفه على رأس وزارة الداخلية منها أنه معني بشكل مباشر بمعضلة غلق الطريق الساحلي ما بين سرت ومصراتة، فالميليشيات التي أغلقت هذا الطريق الاستراتيجي محسوبة على فتحي باشاغا وهي مليشيا حطين.

وبغض النظر عن الجهة المخططة، إلّا أن العملية جاءت لتضع تحديات جديدة أمام عبد الحميد دبيبة الذي أعرب منذ اللحظة الأولى عن استعداده للتعاون مع الجميع لإنهاء النزاع والوصول إلى انتخابات ديمقراطية.

وقد سارع الى إجراء جملةٍ من التحركات واللقاءات سواء في الداخل أو الخارج كان الهدف منها تأمين أرضية ملائمة لعمل الحكومة بأريحية تساعدها في إنجاح مهامها.

وقد سجّل بالفعل خطوات هامة فيما يتعلق بالفرقاء الخارجيين الذين كانوا داعمين لحكومة الشرق وبالتحديد للمشير خليفة حفتر على غرار مصر.

هذه الزيارة كسرت الجليد بين القاهرة وطرابلس، حيث أكد خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعيد لقائه مع رئيس الوزراء الليبي المنتخب عبد الحميد دبيبة دعم مصر للشعب الليبي خلال هذه المرحلة الانتقالية لاستكمال آليات إدارة بلاده.

وقد سبق أن احتضنت مصر بعض اجتماعات الأطراف الليبيين في مدينة الغردقة، حيث اتُفق خلالها على إجراء استفتاء حول الدستور قبل الانتخابات. وتوجه أيضا دبيبة نحو طبرق لكنه غادرها دون لقاء حفتر.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: بعد عودة شبح الاغتيالات مجددا الى ليبيا، ما هي فرص نجاح حكومة دبيبة وهل ستلقى نفس مصير حكومة فايز السراج؟ على الرغم مما كان يتمتع به السراج من غطاء خارجي وأممي ولكن كل ذلك لم يسمح له بالعمل بأريحية بل زادت حدة الشرخ السياسي والمجتمعي والذي امتد الى صلب مؤسسات الدولة الكبرى.

ويبدو أن دبيبة سيكون أمام أزمة جديدة مشابهة لما عاشه سلفه من صعوبات، عنوانها الرئيسي هو اختيار الوزراء الجدد وفقا لمعادلة الترضيات القبائلية والمحاصصة المناطقية وإرضاء الأطراف القوية التي تحاول عرقلة التسوية السياسية ووضع الحجارة على سكة التفاهمات السياسية.

أمّا التحدي الآخر، فيتعلق بخطة الترتيبات الأمنية ونزع السلاح من الميليشيات وإخراج المرتزقة من البلاد وفي مقدمتهم المرتزقة الذين جلبتهم تركيا من سوريا وعددهم بالآلاف، وذلك بعد تعثّر مؤامراتها وأجنداتها في الساحة السورية وتوجهها نحو ليبيا لتحقيق أحلام الامبراطورية العثمانية على دماء الليبيين وعلى حساب استقرار بلدهم.تونس – روعة قاسم العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *