هكذا تستخدم القوات الأميركية معتقل غوانتنامو حقل تجارب على البشر

أحمد حاج علي ـ موسكو
مهما تحدثنا عن جرائم الولايات المتحدة الاميركية يبقى هناك الكثير مما خفي، لكن بمرور الزمن ستتكشف هذه الصفحات السوداء أمام العالم.

ليس جديداً الحديث عن استغلال أميركا لكل الظروف من أجل إجراء اختبارات على البشر، سواء بالعقاقير او بالأسلحة أو بغيرها.
إلا أن معلومات دقيقة توفرت حول استخدام الولايات المتحدة نفسها لمواد كيميائية سامة غير معروفة على معتقلي سجن غوانتانامو. الأمر ليس حديثاّ بل مضى عليه عدة سنوات حيث كان الخبراء الأميركيون يجرون تجارب بعقاقير سرية على معتقلين في السجن. خبراء مختصون يعتقدون ان تلك العقاقير من نوع العناصر المغلفة، مواد كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي المركزي
“incapsulating agents”.

هذه العقاقير تصيب الإنسان بنوع من الشلل الحركي مع بقاء الإدراك الذهني وحاسة البصر والسمع ولكن دون أية قدرة على الحركة. في المرحلة الثانية تبدأ عوارض ضيق التنفس والشعور بالاختناق ومن ثم فقدان الوعي الذي تتم استعادته بعقار مضاد يعيد الشعور والقدرة على الإحساس، دون أن يدرك الشخص الذي خضع لهذه التجارب ما جرى معه خلال فترة فقدانه الوعي التي لا يمكنه تحديد مدتها.
الجديد، توفر اعترافات مسجلة بالفيديو مؤخراً ولأول مرة بعد تحقيق صحفي مطول لشخصين من أصل ثمانية أسرى يحملون الجنسية الروسية من قوميات مسلمة قضوا أكثر من عام ونصف في سجن غونتانامو يمكن الاطلاع عليها في الرابط المرفق.

هكذا تستخدم القوات الأميركية معتقل غوانتنامو حقل تجارب على البشر

يروي “راويل شافييفيتش غوماروف” و”تيمورراويليفيتش إيشموراتوف” تجاربهما مع أساليب التعذيب التي تعرضا لها في المعتقل على يد الجنود الأميركيين. هذان الشاهدان تم اعتقالهما في شمال أفغانستان ونقلا إلى غوانتانامو دون توجيه تهم قضائية او إجراء أية محاكمة قانونية. ومن أساليب التعذيب التي تحدث عنها المعتقلان السابقان نعرض أحدهما مع معتقلين آخرين لهذه العقاقير. ويقول إنهم كانوا فئران تجارب في مختبر سري كبير اسمه معتقل غونتانامو، مضيفاً أن لكل شخص في هذا المعتقل رقماً ولا يملك أية حقوق مدنية أو إنسانية.

عملية اختبار عقاقير غير معروفة ذات تأثيرات خطيرة على الإدراك والجهاز العصبي المركزي بصورة غريبة، قد ثبتت على أحدهم من خلال أقواله وأقوال معتقلين سابقين آخرين. كما قد ثبت إجراء هذه التجارب اللاإنسانية على البشر في معتقل غونتانامو من قبل الجنود الأميركيين.

النتيجة التي نخلص إليها هي أن الولايات المتحدة الأميركية تستخدم مواد سامة وعقاقير غير معروفة نتائجها على البشر، وهو انتهاك واضح لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

وكما بات معلوماً فإن الولايات المتحدة الأميركية من خلال عمليات الاعتقال الجماعية في معسكرات الأسر السرية التي تديرها، تعمل على توجيه الإرهاب وتُصَنِّع إرهابيين يتم استخدامهم في دول أخرى. لدينا الكثير من الأمثلة في سوريا والعراق واليمن فضلاً عن أفغانستان وروسيا وغيرها.
من بين الاستنتاجات أيضاً أن أي إنسان طبيعي يقع في ظروف مشابهة من الاعتقال والتعذيب والتأثيرات النفسية في معتقلات الولايات المتحدة، ممكن أن يتحول إلى عنصر معادٍ لبيئته وقد ينجرّ للتورط في أعمال إرهابية إن لم يحظَ بالدعم والمراقبة النفسية والطبية المختصة في الوقت المناسب.

ووفق ما يظهر ويمكن استنتاجه فإن الولايات المتحدة هي آخر من يحق له الحديث عن حقوق الإنسان.

شهادة المعتقلين الروسيين السابقين في غوانتنامو

شهادة راويل غوماروف:
يقول إنه في اليوم الثالث أو الرابع من الاعتقال في غوانتنامو وبعد وضعنا في المستشفى سحبوني كغيري إلى الاستجواب في غرفة خاصة، رموني أرضاً و قيدوا قدميَّ بالأرض بواسطة سلاسل وحلقات خاصة، وبدأ الاستجواب.
ويضيف غوماروف سألوني عن القاعدة مثلاً وعندما كانت أجوبتي لا تروق لهم كانوا يستعملون العنف والضرب على الرأس وأماكن حساسة في الجسم بشكل مؤلم. من الصعب تلقي الضربات عندما لا تكون مستعدا لهذا العنف الجسدي ولا يمكنك التحرك او المقاومة، ولا تعلم من أين تأتيك الضربة وكدت أفقد الوعي من شدة الضرب.
ويتابع غوماروف “كانوا يرددون سوف تعترف في كل الأحوال! نحن رأيناك نحن نعلم أنك كنت هناك، هذا كان لا يطاق! في يوم من الأيام عندما أدركوا أن العنف الجسدي لن يأتي بأي نتيجة، لأنني لا أملك ما أقول لهم، استدعوا طبيبا معينا، وأعطاني حقنة تحتوي على عقار ما في الوريد، وكأنه يساعدني على تخفيف الألم، محتوى هذه الحقنة لم يكن معلوماً. مباشرة شعرت بارتخاء كامل ولم أعد أشعر بالألم، لكن خلال بعض الوقت لم أعد أشعر بقدميَّ، شعرت أن ساقيَّ لم تعودا تتجاوبان وفقدت الإحساس في كل أنحاء جسدي، لم أعد أقوى على تحريك حتى لساني، فقدت قدرتي على الحركة ولكن كنت في كامل الوعي وأرى وأسمع كل ما حولي، وهذه الحالة حين لا تستطيع الحركة بتاتاً وتسمع وتدرك كل ما يدور حولك كان وضعاً قاسياً نفسياً عليَّ. شعرت وكأني سأبقى مقعداً ومعاقاً كل حياتي، وشعرت أن هذا الوضع استمر لوقت طويل جداً، شعرت باللانهاية. والرجل باللباس الأبيض لم يتوقف بل حقنني بعقار آخر أيضاً، وبدأت أشعر أنني أختنق ولا يوجد هواء كافٍ للتنفس! وشعرت أن التنفس بدأ يتوقف وقلبي كذلك كاد يتوقف. لم أكن أقوى على أخذ أي نفس حتى القليل من الهواء! رئتاي عملياً توقفتا عن العمل بسبب نقص الهواء وغبت عن الوعي. ولا اعلم كم من الوقت بقيت في حالة اللاوعي، حالة فقدان الوعي. ولكن في لحظة ما بدأت أفتح عينيَّ وعدت لوعيي. شاهدت نفس الأشخاص حولي، تبين أنهم قاموا بحقني بحقنة أخرى ورأيت الحراس أنفسهم وهذا الطبيب ذاته يدون شيئاً ما في مفكرته بسرعة كأنه يكتب ملاحظاته، عاد التنفس لوضعه الطبيعي، وهذا الشعور بالارتخاء بدأ يتلاشى، عاد الألم في هذه الأثناء فقام هذا الطبيب بقياس الضغط والحرارة وانسحب، بعد ذلك أعادوني لزنزانتي وقالوا “إبقَ في مكانك” مجدداً. “
ويقول غوماروف لا أعلم كم مرة كانت تستعمل طريقة استخدام العقاقير المخدرة غير المعروفة على السجناء الآخرين، ولكن معي حصل هذا الأمر مرة واحدة فقط. ولكن لا أرغب بتكرار هذه التجربة، مجرد تذكر الأمر صعب، استعادة كل تلك التفاصيل مرة أخرى…! من الصعب والمؤلم تذكر هذه اللحظات.

تيمور إيشموراتوف
بدوره إيشموراتوف يقول “وقعت في معتقل غوانتانامو من أفغانستان، إن لم أكن مخطئاً بدأت مرحلة اعتقالي في غوانتانامو في 13 حزيران 2002، أذكر التاريخ لأنه قريب من تاريخ ميلادي 05 حزيران، تذكرت هذا التاريخ لفترة طويلة”.
ويشير إلى أن “أحد أساليب التعذيب هو عن طريق حرمان المعتقل من النوم، أحد المساجين هو عربي ربما كان لديه بعض المعلومات، كانوا يحملونه كل ساعة هو وأغراضه، وينقلونه إلى زنزانة أخرى فارغة، وهذا كان كل ساعة خلال 24 ساعة ولمدة شهر تقريباً، في البداية كان يتحمل، لم يدرك الأمر ظناً أن الانتقال من زنزانة لأخرى كل ساعة أمر ممكن تحمله، بعد أسبوع من الدوران أعادوه لزنزانتنا وكان يبدو “كالزومبي”، لا يدرك ما يحصل. عندما أدخلوه لم يقو على مد فراشه بل سقط أرضاً، وبعد ساعة حملوه مجدداً وأيقظوه واستمروا بنقله بين الزنازين. علمت من جاري وهو كان عربياً أيضاً أنهم حقنوه بحقنة ما خلال الاستجواب، من جرائها فقد الإحساس والشعور الحركي، قال إنه كان يرى ويسمع كل ما يدور حوله ويدرك ولكنه لا يستطيع التحرك، وكان هناك طبيب يراقب ردات فعله ويدون في مفكرة، بعدها قال إنه بدأ يشعر بضيق في التنفس وشعر بأنه بدأ يفارق الحياة، بعدها أعطوه حقنة أخرى في الوريد وبدأ يشعر بالتحسن، بعد أن وصل إلى الغيبوبة أيقظوه بحقنة أخرى، بعدها بدأ يشعر بالحاجة لهذا العقار وكانه يرغب بالحصول على حقنة أخرى، وكأنه نوع من المخدرات أو ما شابه”.
إيشموراتوف يضيف “أعرف اثنين بالحد الأدنى ممن تعرضوا لهذه الحقن والعقاقير، أحدهم قال لي انه حين تلقى هذه الحقنة شعر أنه مشلول وظن أنه سيبقى معاقاً مقعداً طول حياته، لم يكن يقوى على تحريك أصابعه حتى، وصف لي الصدمة النفسية التي تعرض لها، إضافة للتعذيب الجسدي الذي تعرض له، قال انهم بدايةً قاموا بالاستجواب ومن ثم بدأوا ينهالون عليه بالضرب ورميه من حائط لآخر، ظن انهم يعطونه مضادا للألم بالحقنة الوريدية، ولكن أعطوه هذه الحقن الغريبة بعقاقير غير معروفة.”
ويختم إيشموراتوف “ربما كانوا يجرون تجارب على عقار جديد لمعرفة ما هي فعاليته وتأثيرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *