المقاومة الفلسطينية في 15 عامًا.. قبضة واحدة وبأس أشدّ

نقلًا عن موقع حركة “حماس”

وضعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” منذ انطلاقتها في ديسمبر عام 1987، نصب أعينها تحرير أرضنا المحتلة، واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة من خلال مقاومة الاحتلال بالأشكال كافة، وفي مقدمتها المقاومة المسلحة وفق ما كفلته الشرائع السماوية، والأعراف والمواثيق الدولية.

وعلى مدار سنوات طويلة، طورت حماس وجناحها العسكري كتائب القسام من قدراتها العسكرية والأمنية والاستخبارية، حتى تمكنت اليوم من فرض معادلة الردع مع الاحتلال الإسرائيلي، على طريق دحر الاحتلال.

وخلال انتفاضة الأقصى التي شكلت محطة مهمة في تاريخ شعبنا ومقاومته، طوّرت المقاومة من قدرتها واستراتيجياتها القتالية، وصنعت أول صاروخ فلسطيني؛ وقصفت به مغتصبة سيدروت عام 2001م.

مراكمة المقاومة وعلى رأسها حماس لقوتها وتحت ضرباتها الشديدة وعملياتها النوعية، أجبرت الاحتلال على الاندحار عن غزة، وتوّج ذلك بمبايعة الجماهير لحركة حماس في الانتخابات التشريعية، ما شكل مدخلًا مهمًا لتطوير عمل المقاومة ومعاظمتها قدراتها.

“سنجعل لكم كل فلسطين جحيمًا”، هذا ما وعد به القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف قادة الاحتلال عقب الاندحار عن غزة عام 2005م، واتخذته المقاومة هدفًا استراتيجيًا لها، يتمثل في طرد الاحتلال عن كامل فلسطين.

وشكل فوز حماس وتشكيلها الحكومة في مارس 2006م بداية لعهد ذهبي للمقاومة الفلسطينية، افتتحته بعد ثلاثة أشهر فقط بعملية الوهم المتبدد في 25 يونيو، والتي جاءت ردًا على ارتكاب الاحتلال مجزرة بحق عائلة غالية، والتي أسرت فيها الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، واحتفظت به لما يزيد على خمس سنوات داخل غزة حتى أفرجت عنه عام 2011م، مقابل الإفراج عن 1027 أسيرًا.

قصف “تل أبيب”

كسرت المقاومة قواعد الاشتباك، فقصفت تل أبيب والقدس المحتلة عام 2012م لأول مرة في تاريخ الصراع، بصاروخ M75 المُصنع محليًا، حين اغتال الاحتلال نائب القائد العام لكتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري.

وبعد أن كان قصف تل أبيب خطًا أحمرَ بالنسبة لقادة الاحتلال، بات أمرًا طبيعيًا بالنسبة للمقاومة فتل أبيب في مرمى صواريخها في كل وقت، وتمكنت المقاومة من قصفها مرات عديدة في أبرزها في 2014 و2018 و2019.

وأجبرت دقة صواريخ المقاومة وقوتها في نوفمبر عام 2018م الاحتلال على العودة إلى تفاهمات وقف إطلاق النار بعد ساعات فقط من قصفها مدينة عسقلان بعشرات الصواريخ، وتهديدها باستهدافات غير معهودة.

تعاظم القوة

ظهر تعاظم قدرة المقاومة في تمكنها من صناعة طائرات بدون طيار تحمل اسم “أبابيل”، وأنتجت منها ثلاثة نماذج، وهي المرة الأولى عربيًا التي يتم فيها صناعة طائرة بدون طيار، وكانت طائرات الأبابيل نفذت العديد من المهام الاستطلاعية خلال معركة العصف المأكول، أبرزها تنفيذ مهمة استطلاعية فوق مبنى وزارة الحرب الصهيونية “الكرياه” بتل أبيب.

وفي تطور نوعي لافت، تمكنت كتائب القسام خلال معركة العصف المأكول من تنفيذ عملية إنزال بحري في القاعدة العسكرية زيكيم، والتي جاءت بعد نحو 24 ساعة من بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة عام 2014م، وشكلت صدمة لقادة الاحتلال، وضربة موجعة.

وظهر تطور المقاومة في استخدامها سلاح الأنفاق، والتي نفذت من خلاله العديد من العمليات النوعية، أبرزها عمليات الإنزال خلف خطوط العدو في معركة العصف المأكول.

كما ظهر في وصولها إلى قلب المواقع العسكرية الصهيونية، وقتل الجنود والعودة بسلام، كما في عملية الإنزال في موقع نحال عوز، وأبو مطيبق عام 2014م.

أسر الجنود

وبعد ثلاثة أشهر من فوز حركة حماس في الانتخابات، طبقت الحركة شعارها الانتخابي “يد تبني ويد تقاوم” فنفذت المقاومة عملية الوهم المتبدد والتي أسر فيها الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، وتمكنت من الاحتفاظ به حتى صدقت وعد الأسرى وأتمت صفقة تبادل حررت خلالها 1027 أسيرًا.

وتمكنت كتائب القسام منذ معركة العصف المأكول من أسر العديد من الجنود ولا تزال تحكم قبضتها عليهم حتى تُتم صفقة تبادل جديدة تحرر فيها أسرانا الأبطال.

أن تكون ندًا

لم تكتفِ المقاومة بما وصلت إليه من تطور، بل عاظمت قدراتها، فأبدعت في صراع الأدمغة، وحققت نصرًا نوعيًا على أجهزة الاستخبارات الصهيونية.

وفي إطار عملية حد السيف عام 2018، كشفت كتائب القسام صورًا ومعلومات عن تفاصيل عناصر الوحدة الصهيونية الخاصة التي تسللت شرق خانيونس؛ ما يؤكد نجاحها استخباراتيًا، وتوجيهها صفعة قوية لاستخبارات الاحتلال.

الاحتلال الذي شن ثلاث حروب طاحنة لاستئصال المقاومة الفلسطينية من غزة، وفشل في تحقيق أهدافه في القضاء على حماس وإنهاء حكمها في القطاع، اضطر إلى اعتبارها واقعًا لا يمكن تجاوزها، ولجأ إلى إبرام التفاهمات معها من خلال الوسطاء.

بيئة حاضنة

بموازاة ذلك، شكل فوز حماس في الانتخابات التشريعية بيئة حاضنة وظروفًا مناسبة لعمل المقاومة الفلسطينية بأذرعها كافة وحماية لظهرها ومقدراتها، ما مكن الفصائل من تطوير قدرتها وعملها على الأصعدة كافة.

وطورت فصائل المقاومة أذرعها وصناعاتها العسكرية، ما أسهم في تطور أدائها وتصاعده بصورة أربكت حسابات العدو الصهيوني، ومكنتها من فرض معادلات الردع.

وإضافة لذلك، لم تدخر حركة حماس وجناحها العسكري جهدًا في تسخير كل إمكاناتها المادية والتدريبية في خدمة فصائل المقاومة، فسخرت مواقعها التدريبية لتدريب عناصرها، وساهم مدربوها وخبراؤها في تزويد الأجنحة العسكرية بالمعرفة والتدريبات التي تساهم في تطوير قدراتهم وإمكاناتهم، انطلاقًا من إيمان الحركة في أن نجاح أي مقاوم فلسطيني هو نجاح لمشروع المقاومة الذي يسعى إلى طرد الاحتلال.

الغرفة المشتركة

واستمرارًا في تعاظم المقاومة وتوحدها في جولات المواجهة خلال سنوات طويلة، وتنفيذها لعشرات العمليات العسكرية المشتركة خلال سنوات الصراع، توّج ذلك بتشكيل غرفة العمليات المشتركة في يوليو عام 2018م، والتي تضم 12 فصيلًا مقاومًا، من أجل إدارة المواجهة مع الاحتلال في قطاع غزة.

ومثلت غرفة العمليات المشتركة تطورًا نوعيًا في العمل المقاوم في قطاع غزة من خلال قدرتها على إدارة المواجهة تحت قيادة موحدة قادرة على تحقيق درجة عالية من التنسيق بين الفصائل وفق ما يتطلبه الميدان، وبما يرفع كفاءة المقاومة.

وفي إطار التعاظم الجلي للمقاومة في قطاع غزة، نفذت الغرفة المشتركة في ديسمبر عام 2020 مناورة “الركن الشديد”، وهي أكبر مناورة عسكرية بالذخيرة الحية “برًا وبحرًا وجوًا” والأولى من نوعها في تاريخ المقاومة، بمشاركة 12 جناحًا عسكريًا، وتحت غطاء من طائرات المقاومة المسيرة بدون طيار، التي حلقت في أجواء القطاع.

ومثلت مناورة “الركن الشديد” تتويجًا للجهود الكبيرة التي بذلتها حركة حماس على مدار ما يزيد على 15 عامًا لتوحيد جهود قوى المقاومة الفلسطينية، كما عبرت عن مستوى الجهوزية العالية الذي وصلت إليه المقاومة للتصدي لأي عدوان إسرائيلي في إطار نظرية الردع التي فرضتها ورسختها بالدماء والتضحيات.

حماس التي لم تدخر جهدًا في تطوير المقاومة بأشكالها كافة، قطعت شوطًا طويلًا ومهمًا في مراكمة القوة، وماضية في استكمال طريقها حتى تحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في تحرير بلادنا وطرد المحتل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *