مراهنة غربية على المُعارض الروسي أليكسي نافالني.. وموسكو تتصدّى لها

تستمر موجة الاحتجاجات المدعومة من الولايات المتحدة والغرب في موسكو وعدد من المدن الروسية، على خلفية توقيف المُعارض الروسي العائد من ألمانيا والمدعوم من الغرب أليكسي نافالني.

وبحسب مصادر قوى الأمن الداخلي في روسيا، اعتُقل أكثر من 4000 شخص خلال احتجاجات الأسبوع الماضي، ونظرت النيابة العامة في أكثر من 20 قضية جنائية، وبالأمس 31/01/2021 قارب عدد الموقوفين 4500 شخص، بينهم 1395 شخصًا في موسكو، و961 شخصًا في سان بطرسبورغ، و194 شخصًا في كراسنويارسك شرق روسيا. كما أُطلق سراح يوليا نافالنايا زوجة نافالني بضمان إقامتها بعد فتح ملف قضائي لمحاكمتها وفق المادة 20.2 من القانون الإداري غداً 01/02/2021.

تضارب الأرقام

ويُلاحظ تضارب حول أرقام المُشاركين والمُعتقلين في وسائل إعلام روسية وغربية.

ومن الواضح أن استمرار الحملات غير المنسّقة وغير المرخّص لها في موسكو والمدن الأخرى قد اتخذ منحىً تصعيديًا، ولا يمكن إطلاق توصيف العفوية على مجريات الأمور، فسيناريو التمويل المُمنهج أصبح أمرًا مؤكدًا من قبل جهات خارجية غربية تشاركها الأوليغارشية المتضررة من سياسة الإدارة الوطنية.

مراهنةٌ رخيصة مستنفدة لمجموعة الأوليغارشيين الفارين بأموال الشعب الروسي إلى الغرب تقاطعت مصالحهم مع مصالح الإدارة الأميركية الباحثة عن نقاط ضعف روسية قد تستفيد منها كأوراق ضغط في سياق الحملة المستمرة لاستهداف الموقف الروسي الإقليمي والدولي رغم التسويات الاستراتيجية التي جرى التوافق حولها كاتفاقية “ستارت-3″، التي مُدّدت 5 سنوات.

الخارجية الروسية

من ناحيتها، طالبت الخارجية الروسية الولايات المتحدة بالتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية.

وجاء في بيان الوزارة أن “التدخل الأميركي الفج في الشؤون الداخلية لروسيا هو حقيقة قائمة، كما هو الحال مع الترويج المزيف والدعوات إلى التجمع والحملات غير المرخص لها عبر منصات الإنترنت، التي تديرها واشنطن”.

وأضافت الخارجية في بيانها أن “دعم وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن، والدعوة إلى خرق القانون، هما تأكيد آخر لدور واشنطن من وراء الكواليس”.

وشددت على أن “الإجراءات الهادفة لتشجيع الاحتجاجات هي جزء من استراتيجية احتواء روسيا، ما يُعدّ تدخلًا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة”.

هذا وسبق أن أعلنت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الخميس الماضي أن موسكو تريد من الشركاء الغربيين التركيز على حل مشكلاتهم الخاصة والتعاون مع روسيا بدلاً من انتهاج سياسة الانتقاد.

وتدّعي ألمانيا وتدعمها في ذلك الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية أن المعارض الروسي نافالني تعرض لعملية تسميم بمواد كيميائية سامّة ممنوعة.

وقد حاولت روسيا خلال إقامته في ألمانيا المشاركة في التحقيق الجنائي، وطالبت برلين بالتعاون وتقديم المعلومات والأدلة التي تدعي امتلاكها من دون جدوى.

دعم أمريكي صريح للمُعارض الروسي

وعلى الرغم من وجود مذكرة توقيف بحقه، فقد عاد المُعارض الروسي متسلّحًا بدعم أميركي غربي إلى روسيا، وشاركت السفارة الأميركية على نحو مباشر ابتداء من الأسبوع الماضي في تنظيم حملة دعم متواصلة لمناصري نافالني عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية تديرها أجهزة أميركية، وجهت من خلالها دعوات إلى التظاهر، وحرضت على سلسلة من الاحتجاجات في العاصمة وعدد من المدن الروسية.

فبركات إعلامية

وفضلًا عن خطورة التجمع، ولا سيما مع تفشي وباء كورونا المستجد، فإن سيناريوهات الفبركة الإعلامية التي اعتدناها في أكثر من بلد ومكان تتكرر في روسيا، ومنها استخدام أعداد من المراهقين القاصرين في الاحتجاجات، وهي تقنية متعمّدة لإظهار مشهد التعدي عليهم من قبل رجال الأمن، وحتى لو لم يمسسهم أحد بأي سوء فهم يقومون بتضميد رؤوسهم وأيديهم وإضافة الطلاء الأحمر مع محاولة الظهور المتعمد أمام كاميرات وسائل الإعلام، وقد تم رصد العديد من حالات الاعتداء والإصابات الوهمية تلك في العاصمة موسكو ومدينة سان بطرسبورغ.

وتحاول القوى الأمنية استيعاب هذه الاحتجاجات والتعامل، على الرغم من استمرار عمليات الاستفزاز التي يتعرض لها عناصر القوى الأمنية ومكافحة الشغب من إلقاء حجارة وزجاجات حارقة وغيرها.

وقد سُجّلت إصابات في صفوف القوى الأمنية والممتلكات العامة والخاصة من جراء أعمال الشغب المستمرة.

ويبدو واضحًا الإصرار الغربي على استهداف روسيا من الداخل، ولكن غاب عن ذهن المموّلين أنهم يراهنون على بضاعة سياسية نافدة الصلاحية، فأليكسي نافالني استُخدم من قبل اليمين سابقًا، ومن قبل “أوليغارشيين” موصوفين بسرقة الموارد الروسية وأموال الشعب الروسي وحتى من قبل العنصريين.

تاريخ أليكسي نافالني

وإننا نقدم نصيحة لوسائل الإعلام العربية المروّجة له كبطل للديموقراطية في روسيا أن تراجع تاريخه واحتقاره للمسلمين وموقفه السلبي من بناء المساجد وارتداء الحجاب وسخريته من صلاة المصلين المحتشدين في عيدي الأضحى والفطر المبارك من مقيمين ووافدين إلى موسكو. وكذلك لا بد من نصيحة أخرى نقدمها للصحافة الغربية لكي تراجع وصفه الجورجيين بـ”القوارض” ونظرته العنصرية تجاههم في 2008 خلال الأزمة مع جورجيا، ولتتذكر استخدام الليبيراليين له لأهدافهم عبر احتضان إذاعة صدى موسكو الليبرالية له، ثم انضمامه لحزب” يابلوكو” اليميني وطرده من هذا الحزب بسبب مشاركته في مسيرة للقوميين العنصريين.

ومن تاريخه سنة 2005، فجأة أصبح مستشارًا لحاكم مقاطعة كيروف اللبرالي نيكيتا بيليخ، الذي يقضي الآن فترة محكوميته في السجن بتهمة الرشوة.

أما مصادر صحيفة “موسكوفسكي كومسومولتس” وهي ليست من وسائل الإعلام الموالية للكرملين، فتفيد بأنه تلقى مبلغ 100 ألف يورو كدفعة أولى من كبير لصوص الأوليغارشية ميخائيل خودوركوفسكي المشهور بفضائح شركة النفط “يوكوس” وغيرها من سرقة أموال النفط والغاز الروسي، فقد أقنعت رئيسة تحرير مجلة ” نيوتايمز” يفغينيا ألباتس نافالني في سنة 2010 بالسفر للدراسة لستة أشهر في جامعة ييل الأميركية.

ويبدو أن خودوركوفسكي الهارب رأى في نافالني استثماراً واقعياً. ونافالني الذي لم يستطع تحقيق أحلامه المالية والاقتصادية وجد فرصته السانحة في بيع أي بضاعة حتى لو لم يكن يمتلكها، ففي سنة 2011 استخدمه “معهد روسيا المعاصرة الأميركي” لتقديم استشارات حقوقية مقابل عشرة آلاف دولار شهريًا.

الواضح أن الغرب والأوليغارشية الروسية المتوارية في الغرب رأوا في نافالني “أوفيس بوي” الذي يصلح لتنفيذ المهمات القذرة.

وهنا تطرح أسئلة كثيرة أخرى حول تمويل حملاته الاحتجاجية الحالية والسابقة من داخل روسيا وخارجها ورواية تسميمه الهوليودية.

وعلى الرغم من بيعه كل ما لديه وما ليس لديه، فإننا نرى أن أحدًا ما في الغرب لا يزال يرى أن استخدامه ممكن قبل استهلاكه كليًا.موسكو ـ أحمد حاج علي / العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *