عصر جديد من التطرّف اليميني في الولايات المتحدة

توقفت صحيفة “نيويورك تايمز” عند التعليمات التي أصدرها الرئيس الأميركي جو بايدن لمديرة الاستخبارات القومية، افريل هاينس، بالعمل مع الـ “FBI” ووزارة الأمن الداخلي لإعداد تقييم شامل حول التهديد الذي يشكله “التطرف المحلي العنيف”، ورأت أن ذلك يشير الى مدى اهتمام إدارة بايدن بهذا الموضوع بعد اقتحام الكونغرس في 6 كانون الثاني/يناير الجاري.

ولفتت الصحيفة الى أن المشرعين الأميركيين طالبوا أجهزة الاستخبارات الأميركية بالعمل على إعداد تقارير سنوية وتقييمات استراتيجية حول التطرف المحلي. ونقلت عن النائب الديمقراطي، آدم شيف، الذي يرأس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، أن التطرف اليميني العنصري الأبيض أصبح من أخطر التهديدات للولايات المتحدة.

وفي مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” أيضًا، قال كولن كلارك إن المتطرفين اليمينيين والميليشيات المعادية للحكومة الذين اقتحموا مبنى الكونغرس وحاولوا تعطيل العملية الدستورية لا ينظرون الى ما حصل على انه فشل (رغم عدم تمكنهم من تعطيل العملية الدستورية).

وأضاف أن حقبة التسعينيات شهدت أحداثًا شكلت دعاية قوية لليمين المتطرف، مثل أحداث روبي ريدج بولاية ايداهو عام 1992، وأحداث “واكو” في ولاية تكساس عام 1993، وتفجيرات اوكلاهوما سيتي عام 1995، معتبرًا أن هذه الأحداث كانت مفصلية بالنسبة للجهات المعادية للحكومة.

وبحسب الكاتب، سينظر اليمين المتطرف إلى اقتحام مبنى الكونغرس على أنه “مظاهرة ناجحة”.

الكاتب قال إن الأفراد والمجموعات الصغيرة وأفراد الأسر شكلوا جزءًا كبيرًا من الحشد الذي اقتحم مبنى الكونغرس، وان هؤلاء قد يصبحون الجنود الجدد لليمين المتطرف، منبّهًا الى أن بعض هؤلاء “المجندين الجدد” او ربما العديد منهم لديه تجربة عسكرية او تلقى التدريب في مجال انفاذ القانون، وأشار الى التحاق أشخاص من جيل الشباب الى اليمين المتطرف، محذرًا من ان ذلك سيعطي نفساً جديد لهذا المعسكر ويضمن بقاءه لفترة طويلة.

ورأى الكاتب أن البعض قد يندفع للالتحاق بصفوف الميليشيات المعادية للحكومة والجماعات العنصرية المتطرفة تماماً كما اندفع البعض للالتحاق بالجيش الأميركي بعد هجمات 11 أيلول، مضيفًا أن تاريخ 6 كانون الثاني/يناير سيكون تاريخاً رمزيًا للمتطرفين اليمينيين تماما كما تاريخ 11 أيلول هو تاريخ رمزي لعموم الشعب الأميركي.

واتهم الكاتب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتهيئة الأرضية للعنف السياسي منذ سنوات، وقال إن محاولات الأخير لنشر المعلومات المضللة وتقويض المؤسسات الديمقراطية وإيجاد الخلافات بين الاميركيين ستساعد في بقاء اليمين المتطرف.

كما شدد كلارك على ضرورة عدم الاستهانة بما ستحمله السنوات المقبلة من اضطراب، مشيرا الى أرقام قياسية في بيع السلاح والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، الى جانب ما تسبب به وباء الكورونا من مشاكل نفسية وغيره.

وتوقع الكاتب أن يصبح التطرف اليميني المحلي ظاهرة أكثر تنوعًا في عام 2021 بحيث تجمع ما بين العنصريين البيض وأصحاب نظريات المؤامرة والميليشيات وغيرهم من المتطرفين، محذرًا من قابلية بعض أنصار ترامب للالتحاق بشبكات أكثر تطرفًا وأيضًا ربما بمنظمات العنصريين البيض والنازيين الجدد بعدما أصبح ترامب خارج البيت الأبيض.

الكاتب لفت الى أن هذه الجماعات واثقة من قدرتها على تجنيد أنصار ترامب، وبناء عليه رجّح أن يُشارك جزء أكبر من اليمين المتطرف في اعمال عنف عنصرية، كما حذر من علاقات متنامية بين اليمينيين داخل اميركا والجماعات اليمينية العابرة للأوطان، مرجحاً تعزيز هذه العلاقات.

واعتبر الكاتب أن أحداث “Charlottesville” في شهر آب/أغسطس عام 2017 كان من المفترض أن تدق جرس الإنذار حول ضرورة معاجلة التهديد الذي يشكله اليمين المتطرف، الا ان ذلك لم يحصل.

وأشار الى الهجمات التي حصلت في بيتسبرغ عام 2018 و”ال باسو” عام 2019 والى خطة اختطاف حاكمة ولاية ميشيغين العام الماضي، وقال ان كل هذه التطورات شكلت فرصا ضائعة لاخذ التهديد اليميني المتطرف على محمل الجد.

وفي الختام، خلص الى أن هذا الفشل أدى لاقتحام مبنى الكونغرس، وحذّر من أن هذا الحدث يشكل حافزًا لعصر جديد من المتطرفين اليمينيين المحليين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *