لجنة القدس والأقصى في تقريرها لعام 2020: لمُساندتنا بكلّ الوسائل المتاحة

أكد أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة، أن مدينة القدس تواجه اليوم مزيداً من العنصرية والإجرام والإرهاب الصهيوني، وتتعرض في كل لحظة لحملات وهجمات صهيونية بشعة لتغيير هويتها وطمس معالمها العربية والإسلامية والمسيحية وروحها الثقافية والحضارية، ومحاولة سلب وإلغاء الحق والوجود الفلسطيني فيها.

وشدد بحر خلال جلسة خاصة لعرض تقرير لجنة القدس والأقصى لعام 2020، أن المجلس التشريعي يعوّل على شعبنا ومقاومته الباسلة لنصرة القدس والأقصى، وعلى صمود وجسارة أهلنا المقدسيين والمرابطين والمرابطات في الأقصى، الذين يشكلون خط الدفاع الأول عن القدس والمقدسات نيابة عن الأمة العربية والإسلامية.

وقال إن “اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها بعض الأنظمة العربية مع الاحتلال تشكل طعنة غادرة في قلب القدس وفلسطين، فهذه الاتفاقيات، وما تتضمنه من تحالفات استراتيجية وتماهٍ مع مواقف وسياسات الاحتلال، وتشكل بوابة الاختراق الكبرى للقضية الفلسطينية العادلة وطمس وإنهاء الحقوق والثوابت الوطنية”.

وأضاف إن الواجب الوطني والتاريخي والإنساني يقتضي مقاطعة المطبعين، سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً، وتجريم كل أشكال التطبيع مع الاحتلال، مبيناً أن المجلس التشريعي سيكرس جهده لعقد المؤتمرات الدولية لتحشيد جهود رؤساء ونواب البرلمانات العربية والإسلامية والدولية والاتحادات البرلمانية، لتحريم وتجريم التطبيع والضغط على المطبّعين للتراجع عن اتفاقاتهم مع الاحتلال.

وثمّن بحر مواقف الدول العربية التي رفضت التطبيع وعبرت عن موقفها الثابت والأصيل في دعم حقوقنا المشروعة وإسناد شعبنا وقضيتنا، وخصوصا دولة الكويت والجزائر وموريتانيا، مشيداً بالجهود الحثيثة التي يبذلها بعض البرلمانيين في هذه الدول لتشريع قانون يجرّم التطبيع مع الاحتلال ويعاقب المتورطين فيه.

ودعا البرلمانات العربية إلى الإسراع في إصدار تشريعات تجرّم التطبيع مع الاحتلال، وتساند القدس وفلسطين في ظل المخاطر والتحديات والمخططات التي تستهدف تصفيتها، والعمل على نصرة المدينة المقدسة بكل الوسائل المتاحة، وتعزيز صمود أهالي القدس والمرابطين.

ورحب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة، بالجهود الوطنية لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإجراء الانتخابات العامة الحرة والنزيهة، مؤكداً أن توحيد الموقف الوطني الفلسطيني وإنهاء الانقسام وبناء الاستراتيجية الوطنية الموحدة على قاعدة تجريم وتحريم التنسيق الأمني وفك الحصار عن غزة يشكل البوابة الأساسية لنصرة القدس ومواجهة التطبيع وإفشال صفقة القرن.

تقرير القدس

وجاء في تقرير لجنة القدس الذي تلاه مقرر اللجنة النائب أحمد أبو حلبية، إنه منذ الاحتلال الصهيوني للقدس والمدينة تعيش محاولةً لتصفية هويتها باعتبارها مركزاً لحرب الهوية، إذ بدا المشروع الصهيوني في أشد حالات تمحوره حول الهوية، فتبنى مبدأ يهودية الدولة، وباتت تصفية هوية القدس ومركزها المسجد الأقصى المبارك العنوان التالي لحرب الهوية.

وأضاف أبو حلبية أنه منذ تولي “ترامب” سدة الرئاسة الأمريكية ليضيف ذلك غطاء أمريكي غير مسبوق ضد مدينة القدس، وبات يتطلع إلى اغتنام هذه الفرصة لتصفية الوجود العربي الإسلامي والمسيحي وجعله وجوداً تابعاً، وفرض حضورٍ يهودي مهيمن على المقدسات، وحضورٍ صهيوني شامل على مستوى السيادة والإدارة.

وبين أنه مع دخول عام 2020 راكمت الإرادة الشعبية المقدسية زخماً جديداً عابراً للحدود مع حملة صلاة الفجر العظيم وتمثلت في عدة أحداث هامة عبرت عن الإرادة الشعبية المقدسية مرشحة للوصول إلى ذروةٍ مفتوحة الاحتمالات، لولا وباء كورونا الذي استخدمته سلطات الاحتلال الصهيونية والسلطة الفلسطينية معاً لوأد هذه الإرادة المتصاعدة.

وأوضح أن الاحتلال استخدم وباء كورونا كشماعة ووسيلة لتحقيق جزء من مخططاته، ولتكريس السيادة الصهيونية على الأقصى وبشراكة للأسف مع الحكومة الأردنية لأول مرة، وذلك عبر الإغلاق الأطول للأقصى في تاريخه منذ الاحتلال الصليبي الذي بلغ 69 يوماً.

وبيّن أن الاحتلال عمل على ضرب الإرادة المقدسية تحت غطاء حماية الصحة العامة ومواجهة جائزة كورونا، وتقييد حركة المقدسيين وقتل ما تبقى من عصبٍ تجاري في البلدة القديمة، لافتاً إلى أن الصهاينة المتطرفون أصبحوا أكثر تنفذاً وسطوة في اتخاذ القرارات بالسماح للمغتصبين الصهاينة من تنفيذ اقتحاماتهم للأقصى وفرض إقامة صلواتهم وشعائرهم وطقوسهم الدينية بصورة علنية وبشكل أكثر مما كان سابقاً.

وأشار إلى أن إعلان ما سمي “اتفاق أبراهام” في 13-8-2020 الذي وقعته الإمارات مع الاحتلال الصهيوني برعاية ترامب، لتنضم إليه البحرين بعد شهر، وتجلب إليه القيادة العسكرية الانتقالية والحكومة في السودان بقوة الابتزاز للرفع عن لائحة الإرهاب في أكتوبر الماضي، ثم المغرب مقابل اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، كان المسجد الأقصى الموضوع الديني الوحيد في مضمون هذا الاتفاق، وهذا يعطينا مؤشراً واضحا الى أن تغيير هوية المسجد الأقصى يقع في القلب من “اتفاق أبراهام”.

وبين أن الاتفاق تبنى العناصر الأربعة المركزية لطمس هوية المسجد الأقصى المبارك التي نصت عليها صفقة القرن، وأضفى عليها مشروعيةً عربية، والتي تمثلت باعتبار الكيان الصهيوني سلطة شرعية مقبولة ومؤبدة على المسجد الأقصى المبارك وسائر المقدسات في مدينة القدس المحتلة، وإعادة تعريف المسجد الأقصى وذلك بحصره في المسجد القبلي فقط، دون المساحات والمكونات الأخرى.

‌واعتبر الاتفاق بقية مساحة الأقصى بساحاته ومصاطبه وقبابه وبوائكه مساحة مشتركة بين اليهود والمسلمين، تسمى “جبل الهيكل” في التراث اليهودي، و”الحرم الشريف” بالمسمى الإسلامي الذي تحاول تلك الاتفاقات اختلاق مضمون جديد له باعتباره ملحقاً بالمسجد الأقصى وليس جزءاً منه، ووضع شرط “السلمية” على المصلين والزوار المسلمين، ما يجعل “السلطة الشرعية” الصهيونية هي المخولة بضمان تلك السلمية ومراقبتها.

ورصد أبو حلبية في تقرير لجنة القدس حول أوضاع المدينة المقدسة عام 2020، أكثر من (20 ألف) مستوطن يهودي اقتحموا المسجد الأقصى المبارك بحراسة قوات الاحتلال، بينهم أعضاء في الكنيست الصهيوني، غالبيتها كانت خلال فترة الأعياد اليهودية، فيما فرضت سلطات الاحتلال قيودها على دخول المصلين لأداء صلاة الجمعة متحججة بظهور فايروس كورونا، حيث أغلقت أبواب الأقصى ومنعت الدخول إليه.

وأوضح أن نحو 500 مصلٍ فقط أدوا صلاة الجمعة، في نهاية شهر أيار/ مايو، ثم أعادت سلطات الاحتلال افتتاحه بقيود بعد إغلاقه بالتوافق مع الحكومة الأردنية لمدة 69 يوماً، مبيناً أن سلطات الاحتلال قامت بتركيب سماعات ومجسات في عدة أماكن فوق أسوار المسجد الأقصى.

الاعتداءات على المقدسيين

وأشار التقرير لارتقاء ستة شهداء مقدسيين برصاص قوات الاحتلال خلال العام الماضي، فيما اعتقل الاحتلال الصهيوني أكثر من (1979) فلسطينياً من القدس بعضهم مسؤولون في دائرة الأوقاف الإسلامية وحراس المسجد الأقصى؛ بينهم: 100 من النساء، و372 من القاصرين والأطفال.

ولفت إلى أن قوات الاحتلال أبعدت نحو (363) مواطناً عن مدينة القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى لمدد تتراوح بين أسبوع و 6 أشهر، منهم رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ الدكتور عكرمة صبري ونائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ الدكتور ناجح بكيرات.

الهدم ومصادرة الأملاك

وهدمت قوات الاحتلال أكثر من (193) منشأة سكنية وزراعية ومحال تجارية وورش صناعية، بينها أكثر من (95) منشأة أجبر أصحابها على هدمها بأيديهم وتوزعت في بلدات: سلوان، وجبل المكبر، وصور باهر، وشعفاط، والعيساوية، وبيت صفافا، وأم طوبا، والطور، وواد الجوز، والشيخ جراح.

وسلمت سلطات الاحتلال قرارات بإخلاء عائلات (الرجبي وعودة وشويكي ودويك وغيث وأبو ناب) من عقاراتهم في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، وفي حي الشيخ جراح أصدرت قوات الاحتلال قراراً بإخلاء سبع عائلات (القاسم، الجاعوني، الكرد، السكافي، حماد، الدجاني، والداوودي) لصالح الجمعيات الاستيطانية ما يهدد بفقدان أكثر من 115 عائلة عقاراتهم.

ومنعت قوات الاحتلال مدرستي “الوعد الصادق” و”الفرسان” في مدينة القدس من افتتاح الفصل الدراسي الثاني، بحجة عدم حصولهما على تراخيص، وإغلاق مدرسة عبد الله بن الحسين الثانوية للبنات في حي الشيخ جراح بالقدس.

الاعتداء على المقدسات

وأضرمت مجموعة من المستوطنين النار في مسجد البدرية في قرية بيت صفافا، وخطت على جدرانه شعارات معادية للفلسطينيين والمسلمين، بينما منعت سلطات الاحتلال ترميم قبة الأردبيلي الواقعة في مقبرة باب الرحمة، مما أدى لانهيار الجزء الجنوبي منها.

وأقدمت بلدية الاحتلال على هدم الجزء السفلي من الدرج المؤدي إلى المقبرة اليوسفية وطريق باب الأسباط الموصل إلى البلدة القديمة من القدس والأقصى، ونفذت أعمال تجريف للبدء بعمل مسار الحديقة التوراتية والقطار الهوائي.

وتستعد سلطات الاحتلال لتنفيذ عملية “تغيير معالم” برج قلعة باب الخليل أحد أهم معالم البلدة القديمة في القدس، ضمن مشروع تهويدي لتغيير المعالم الإسلامية العتيقة بتكلفة تصل إلى 40 مليون شيقل، نحو 123 مليون دولار.

وأقرت محكمة الاحتلال الصهيوني قرار قضائياً ببيع أملاك (الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية) وهي وقفية مسيحية في مدينة القدس المحتلة لصالح جمعية المستوطنين الصهاينة “عطيرات كوهانيم”، حيث اتخذ القرار قبل سماع أي من البينات المقدمة من قبل فريق الدفاع عن الكنيسة.

وقررت سلطات الاحتلال إخلاء المستأجرين الفلسطينيين من العقارات والفنادق الكبيرة المملوكة للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية عند بوابة الخليل، على الرغم من صلاحية عقود الإيجار الخاصة بهم، والتي لا ترتبط بالمالك الأصلي.

وأكدت تقارير لوسائل إعلام عربية، وجود حملة صهيونية منهجية ضد العرب المسيحيين لإجبارهم على الهجرة كي تبقى فلسطين “إسرائيل”، بلا معالم مسيحية.

الاستيطان والتهويد

وشرعت سلطات الاحتلال بطرح مناقصات والمصادقة على بناء نحو (35000) وحدة استيطانية جديدة في مغتصبة “جفعات هاماتوس” على أراضي بلدة بيت ثقافتنا القدس، ومغتصبة “رمات شلومو” المقامة على أراضي بلدة شعفاط، وعلى أراضي مطار قلنديا، ومغتصبة “هار حوماه” المقامة على أراضي جبل أبو غنيم.

وأقرت سلطات الاحتلال تنفيذ مشروع سكة حديد ببناء نفق سكة تحت الأرض يصل ما بين الجزء الغربي من مدينة القدس ومنطقة باب المغاربة وصولاً إلى تخوم المسجد الأقصى، وتنفيذ خطة لتهويد منطقة وادي الجوز، بهدم أكثر من 200 منشأة صناعية لفلسطينيين في المنطقة، لبناء حوالي 900 غرفة فندقية استيطانية مكانها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *