دخلت مدينة طرابلس مرحلة صعبةً جرَّاء العنف الذي بدأ يتزايد يومًا بعد يوم، وبات واضحًا في مشهد اليوم الثالث من المواجهات أنّ طرابلس مقبلةٌ على فوضى في الشارع تهدِّد البلد المُنهار اجتماعيًا وصحيًا.
وتواصلت المواجهات بوتيرةٍ تصاعديةٍ بين القوى الأمنية التي تحمي سراي طرابلس من جهةٍ ومحتجين من جهةٍ أخرى، خصوصًا بعد محاولة عددٍ من الشبان اختراق السراي من مدخلٍ خاص يضمُّ مكتب شعبة فرع المعلومات، فردَّ العناصر المولجين حماية السراي بإطلاق نارٍ كثيفٍ في الهواء.
وكانت ساحة عبد الحميد كرامي شهدت تجمعاتٍ لعدد من المحتجين الذين قطعوا الطرقات التي تربط طرابلس ببيروت وعددٍ من الطرقات التي تربط طرابلس بعكار في البداوي وبحنين قضاء المنية وصولًا حتى بلدة المحمرة العكارية.
وتركّزت المواجهات في محيط السراي حيث أضرم شبانٌ النار بسيارة جيب تابعة لقوى الأمن الداخلي مزودة بخراطيم المياه، واستطاع المتظاهرون بعدها الوصول إلى الباب الرئيسي وحاولوا الدخول إلى باحة السراي إلّا أنَّ عناصر مكافحة الشغب ألقت القنابل المسيلة للدموع والقنابل الدخانية.
وذكر بيان لقوى الأمن الداخلي أنّ القنابل التي أُطلقت على العناصر هي قنابل يدوية حربية وليست صوتية أو مولوتوف ممّا أدّى إلى إصابة 9 عناصر بينهم 3 ضباط أحدهم إصابته حرجة.
مواجهات طرابلس .. ارتفاع وتيرة العنف من قبل المتظاهرين وجرحى لقوى الأمن
التّوتر الأمني الذي امتدّ لساعاتٍ متأخرةٍ من الليل سبقه تصريحاتُ سياسية ناريةٌ بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب من جهة ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أجَّجت إلى حدّ كبير الشارع ودفعته للنزول بكثافة ومواجهة القوى الأمنية.
وسارع الحريري باتّهام قوى سياسية لم يسمّها “منتديات تابعة لشقيقه بهاء بتحريك من أشرف ريفي “بأنّها تقف وراء التّحركات، فغرَّد قائلًا “قد تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية، وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يُعانيها الفقراء وذوي الدخل المحدود”، وتطرق إلى معاناة الناس من دون أن يرد على مختلف أشكال الإتهامات الموجهة إليه، مشيرًا إلى أنَّه “ليس هناك بالتأكيد ما يمكن أن يبرر الإعتداء على الأملاك الخاصة، والأسواق والمؤسسات الرسمية، بحجة الإعتراض على قرار الإقفال. لكن هذا لا ينفي حقيقة أنّ هناك فئات من المواطنين تبحث عن لقمة عيشها كفاف يومها، ولا يصح للدولة إزاء ذلك أن تقف موقف المتفرّج، ولا تُبادر إلى التعويض عن العائلات الفقيرة والمحتاجة”.
مصادر سياسية شمالية اتّهمت جهات لها خصومة مع الحريري بأنّها تقف وراء التحركات، فيما أعلن عدد من المشاركين في حركة الإحتجاجات أنّهم لا ينتمون لأي جهة سياسية أو نيابية وأنّ من حرّكهم هو ثورة الجوع التي هدَّدت المناطق الشعبية وتنزلق بفقرائها نحو الهاوية، ولم يخف بعض من يحرّضون الناس للمشاركة في الإعتصامات وقطع الطرقات اتّهام تيار المستقبل باستغلال الشارع في طرابلس، من أجل الضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون للإسراع بتشكيل الحكومة.
وبين التصعيد السياسي والبيانات النارية من كلّ الجّهات أنّ هناك جهاتاً سياسيةً تستغل فقر الناس وحاجاتهم بينما يدفع الطرابلسيون الثمن في ممتلكاتهم ومؤسساتهم التي كانت عرضة للإعتداء والسرقات.
في هذا الوقت انشغل الكادر الطبي التابع للصليب الاحمر اللبناني والجمعية الطبية بتحريك آلياته لنقل الجرحى إلى المستشفيات تزامناً مع صدور نتائج فحوصات أظهرت نتائجها ازدياد المصابين بكورونا حيث يشهد عداد كورونا ارتفاعًا، وتغصُّ مستشفيات المدينة بأعداد كبيرة من مُصابي كورونا بينهم حالات حرجة ومعظمهم من الشّباب.