شعبان في ندوة تحت عنوان “عيسى ابن مريم رمز الحوار”: ميلاد الأنبياء رحمة وشفاء لا شقاق وشقاء

احتفاء بمولد النبي عيسى عليه السلام نظّم مركز الأمة الواحدة بالتعاون مع مؤسسة عاشوراء الدولية والمجمع النسائي الأوروبي ندوة فكرية، تحت عنوان “عيسى ابن مريم رمز الحوار والتقارب” وذلك بمشاركة مجموعة من الآباء الكنسيين والعلماء والمفكرين.
الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي فضيلة الشيخ بلال سعيد شعبان رأى في كلمته أن ميلاد الأنبياء رحمة وشفاء وأن ميلاد الظالمين شقاق وشقاء، لذلك عندما نفرح بميلاد عيسى وبميلاد محمد عليهما من الله الصلاة والسلام ، فإنما نفرح ونحتفي بمولد الرحمة والهداية والمحبة التي منّ الله تعالى بها علينا معشر البشر، معتبراً أن الأنبياء والآل والأصحاب بنظرنا هم رصيد إنساني وليسوا محاصصة طائفية على الطريقة اللبنانية بحيث يكون المسيح للمسيحيين ومحمد للمسلمين، فالمسيح وإبراهيم وموسى ومحمد وكل الرسل والانبياء ابتعثهم الله عز وجل للبشرية، من هنا فإننا نعتبر أن عيسى عليه السلام هو نبي يجب أن نؤمن به بنصّ القرآن الكريم وإلا لا يعتبر الإنسان إذ ذاك مؤمناً، قال تعالى “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” لذلك الإيمان بجميع الرسل والأنبياء هو ركن من أركان الإيمان عند المسلمين وهذا بعيداً عن مؤتمرات الحوار أو مؤتمرات التكاذب التي قد تجري هنا أو هناك فيتسامر الملتقون، ولكنهم لا يطبقون كل ذلك الحوار أو كل تلك المحبة على أرض الواقع.
وأضاف فضيلته ” ينظر المسلمون نظرة حبّ واحترام لعيسى ومريم عليهما السلام، بحيث إنك تكاد لا تجد بيتاً من بيوت المسلمين على امتداد الكرة الأرضية وليس فيه اسم مريم وماريا وماريا وعيسى، وهذا نابع من الحب الذي يكنّه المسلمون لعيسى عليه السلام ولأمه مريم الطاهرة البتول، وفي القرآن الكريم هناك سورة آل عمران وسورة مريم وهي تتحدث عن المحبة والحب الذي يربط علاقة مختلف الرسل والأنبياء، هذه المحبة ترجمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه عن التكامل في ما بين الرسل والأنبياء فيقول ” إنما مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل بيت أحسن بناؤه إلا موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون حول هذا البيت ويقولون ما أجمل هذا البيت لولا هذه اللبنة” وقال”وأنا هذه اللبنة وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين ” فرسول الله صلى الله عليه وسلم تكامل مع كل الرسل والأنبياء في إقامة بيت العدل الذي لا يظلم فيه أحد.
وتابع فضيلته “ما يجري اليوم في التباعد بين أتباع الرسالات السماوية، هو أننا ابتعدنا عن الرسالة والرسالات وسرنا خلف الساسة والاستعماريين والطغاة الذين يحكمون بلادنا، مؤكداً أن حروب الفرنجة صوب بلاد الشرق لم تكن حروباً دينية ، فهي ألبست لبوساً دينياً مع أنها حروب استعمارية في حقيقتها، لقد قاتل فيها الفرنجة مسيحيي الشرق قبل أن يقاتلوا المسلمين، وجاؤوا إلى هنا من أجل بناء مستعمرات وامبراطوريات سلب الثروات وتحويل بلادنا الى أسواق، وكذلك هي الحروب الاستعمارية عندما جاءت وقسمت بلادنا على طريقة سايكس-بيكو، رفعوا شعارات دينية ولكن شعارهم ليس شعاراً دينياً صحيحاً وإنما هو شعار انتهازي استغلالي من أجل تطبيق مشروعهم، تماما ككثير من دولنا العربية والاسلام التي تقول أن دين الدولة الاسلام وهو شعار أجوف مفرغ من جزئيات العدل الإسلامي أو الإنساني في هذه البلاد، فالحكم اليوم لوكلاء نيابة عن الاستعمار وعن الحاكم الأصيل، حتى على مستوى الحروب البديلة التي استخدم فيها المستعمر والاجهزة الامنية الغربية والإقليمية والمحلية الدين، فاستغلت بعض دعوات الغلو والتكفير التي طلب منها أن ترفع شعار الإسلام، كل ذلك لأن الدين سواء كان في الشرق أو في الغرب مادة جاذبة جذابة يستطيع من خلالها كل أولئك أن يحولوا هذه القوى إلى مخلب قطّ يقاتل نيابة عنهم في حروب الجيل الرابع فلا يفقدون أحداً من جنودهم ويقتل أبناؤنا تحت ألف شعار وشعار، وتحت ألف ذريعة وذريعة ، لذلك إذا كان كل أولئك ليس لهم علاقة بمشروع الدين، فما هو واجبنا اليوم ونحن مختلفون اعتقاديا وإيمانيا في ما بيننا؟ …واجبنا أن نبني جذور التواصل من أجل أن نحقق حلف الفضول في ما بيننا فلا نبقي فقيرا ولا نبقي مستضعفا ولا نبقي مظلوماً، علماً أن الغرب الشعبي ساهم في هذا الحلف في الكثير من المحطات فوقف رفضاً للحرب على أفغانستان ورفضاً للحرب على لبنان وعلى العراق ورفضاً للحرب على غزة، فكانت هناك مسيرات مليونية في المدن والعواصم الغربية الأوروبية والأمريكية ، فلماذا لا يكون هناك نوع من التلاقي على الكلمة السواء؟ سواء على المستوى الاعتقادي وعلى المستوى السياسي وعلى المستوى الاقتصادي.
وختم فضيلته ” مسؤوليتنا اليوم أن نجمع بين رحمة محمد ومحبة عيسى من أجل أن تأمن البشرية وأن تأمن الإنسانية من شرّ دونالد ترامب الذي شنّ حروباً باسم الله، ومن شرّ جورج بوش الابن الذي شنّ حروباً استعمارية وسمّاها حروباً صليبية جديدة ، وهذا وذاك ليس لهما علاقة لا بالله ولا بالمسيح ، لذلك هناك مسؤولية على الكتل الشعبية الغربية بأن توقف عمليات السلب والنهب في إفريقيا ، تلك القارة التي تحولت الى قارة لا يمكن الحياة فيها بعد أن كانت قارة الثروات، فبات شبابها يهاجرون من جنوب الكرة الأرضية إلى شمالها من أجل أن يعيشوا على دولار واحد أو دولارين في اليوم .
وشدد فضيلته على أن مسؤوليتنا اليوم أن نصنع شراكة من أجل تحرير القدس والأقصى وفلسطين، متسائلاً “أليست بيت لحم مهد عيسى عليه السلام، والأقصى مسرى محمد عليه الصلاة والسلام؟ لماذا لا توضع كل تلك الشراكة من أجل أن نطهّر هذا الشرق من حملات الفرنجة الجديدة التي أبقت الكيان الصهيوني على أرضنا؟ … ما يصحّ على المستوى الدولي يصح أيضا على المستوى الداخلي ، فعندما نخرج من تبعيّاتنا للساسة الذي يركبون طوائفهم ويركبون الأديان من أجل أن يحققوا مشروعا سياسياً خاصًا لهم محلياً وإقليمياً نحقق العدالة ويرفع الظلم، فلو اتحدنا في ما بيننا ورفعنا شعاراً واحداً أن لا يظلم أحد أن لا يجوع أحد أن لا يفتقر أحد وأن لا يموت أحد وأن لا يعتدي أحد على أحد ، إذ ذاك نستطيع أن نطبق مفاهيم وتعاليم هذا الدين العظيم من أجل أن نصل بعد ذلك إلى الأمن والأمان الذي تحدث عنه القرآن عندما قال “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *