بدعوة من مؤسسة آفاق نيوز وتحت عنوان ” السنة في لبنان – الحضور والدور- شارك الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي فضيلة الشيخ بلال سعيد شعبان في ندوة فكرية عبر منصة زُوم حضرها جمع من المفكرين والجامعيين والمسؤولين.
.
الشيخ شعبان اعتبر في كلمته أن لبنان ككيان أحد إفرازات سايكس بيكو ونحن المسلمين مواطنون في بلاد الشام في هذا المشرق أو في جبل لبنان سمّه كما شئت، والكيان اللبناني وجد في منطقة مستعمرة أريد من خلالها ان يكون هناك حالة من حالات الاستتباع للغرب والدولة المستعمرة وسط وضع اللاستقرار
وحضور ماكرون مؤخراً إلى لبنان والتدخل في تشكيل الحكومة وفرض شروط خير دليل على ذلك كله، لافتاً إلى أن لبنان لم يعش استقرارا منذ 1943 الى الان ، حروب مستمرة أمنية وعسكرية وصراعات داخلية كما هو حال المنطقة بكليتها، لذلك لا بد من التفكير جديّاً بإيجاد حلول سواء على المستوى الداخلي او على المستوى الخارجي.
.
• على المستوى الداخلي وفي إطار المحاصصة الموجودة تضيع الحقوق ولا تصل الى أصحابها فيما الواجب أن لا يتم التفريط بها والمحافظة عليها، ففي الواقع لا يستطيع أحد أن يفوز بمقعد نيابي أو وزاري وإن كان له تمثيل حقيقي وكل ذلك نتيجة حتمية لما يجري من محاصصة وتقسيم طائفي.
• على مستوى الساحة الاسلامية السنية بالتأكيد هناك حالة من حالات الاختلاف أدّت إلى مزيد من التشرذم “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحك ” وفي المقابل هناك الكثير من القوى الاسلامية الفاعلة على مختلف المستويات السياسية والتربوية والدعوية والصحية ، كحبات العقيق واللؤلؤ تتكامل في ما بينها ويجب جمعها في خيط يشكل مسبحة جميلة ورائعة، ومن مقوماتها ما تمتلكه من إمكانيات وخاصة في مؤسساتها التربوية والتعليمية والاجتماعية والصحية والتي تفوق بتقديماتها المؤسسات الرسمية في كثير من الأحيان، فلو انطلقت فعلياً على قاعدة “المسلم ضعيف بنفسه قوي بأخيه” لشكلت قوة ورافعة لبلدنا ولأمتنا ولكن بكل اسف هذا غير موجود.
• على مستوى علاقة الساحة الاسلامية بالقوى السياسية والوطنية أو العلمانية هناك صراع حقيقي بفعل رفض الشراكة بينهما وهذا الصراع موجود حتى بين أطراف كل من الفريقين.
• على المستوى الخارجي يجب التفكير خارج إطار الصندوق فلا مكان دولياً للدول الصغيرة المجهرية القطرية، اليوم كل الدول تتجه صوب التكتلات الكبرى ففرنسا رغم انها دولة استعمارية كبرى ودولة نووية إلا أنها اتجهت مع دول اوروبية صوب تشكيل السوق الاوروبية المشتركة لتخرج بما يسمى الاتحاد الاوروبي كقوة عظمى يستطيع ان يكون لها موقع تحت عين الشمس، بينما ممنوع علينا أن نتحدث ونلتحم مع محيطنا بل على العكس المطلوب منا ان نحافظ على حدود وسدود وضعها الاستعمار فيما بيننا، متسائلاً ” لم لا يطرح التكامل الاقتصادي فيما بين دولنا في كل هذا المحيط بين لبنان وسوريا وتركيا والعراق والاردن والشعب الفلسطيني.
.
وأضاف فضيلته ” لبنان لا يمتلك امكانية النهوض والقيام الاقتصادي وحده حتى لو اتفقنا على المستوى السياسي، فهذا البلد كان يمتلك قطاعا سياحيا بعد العام 1991 كمثل كازينو لبنان والقليل من السائحين الذين يزورون الأماكن التاريخية وكان هناك أيضاً السرية المصرفية، ثم ما لبث أن انهارت السياحة بسبب الكورونا والأحداث الامنية، وبعد ذلك طارت السرية المصرفية ومعها المصارف وطارت معها أموال المودعين من اللبنانيين وغير اللبنانيين.
وتابع ” لبنان ما عاد بلدا زراعيا ولا صناعيا ولا يمتلك إمكانية النهوض، ومع استحداث ما يسمى بقانون قيصر في إطار فرض الحصار على سوريا، حوصر لبنان وتم خنق اقتصاده أيضاً مع قوانين منع تدفق النفط العراقي الى شركة نفط العراق في الآي بي سي وشركة التبلاين في الزهراني ، لذلك فإن لبنان يختنق ونحن كمواطنين في هذا البلد مهددون جميعاً بوجودنا وبلقمة عيشنا وليس فقط كمسلمين، فلماذا لا يطرح من جديد إعاده رفض ما طرحه المستعمر بريطاني والفرنسي ، لماذا نظل على طاولتهم وفي ملعبهم، والمطلوب حصرا أن نتحدث عن المواطنة في لبنان للبنانيين وعن المواطنة في سوريا للسوريين ؟ لماذا لا يتم طرح المواطنة والتكامل على مستوى الشرق العربي لكي ننطلق صوب واعتصموا من جديد ؟ ولا شك بأن هذا الاعتصام لا يلغي الآخرين، فقد عاش معنا المسيحيون على مدى 1400 عام كما سائر الملل والنحل والطوائف، فكل الطوائف أقامت سوياً على مدى كل هذا الدهر ولكن اليوم تحول السنه في لبنان الى طائفة بحجم الطوائف الأخرى تتنافس معهم بدل أن تكون رافعة لهم لأن التركيبة الطائفية تقوم على هذا الأساس من التنافس في هذا البلد الصغير، وهذه ارادة المستعمر أن لا يكون هناك استقرار.
ولفت الشيخ شعبان إلى أن ما يساعد على النهوض من جديد بالمؤسسة الدينية هو تحريرها من التعبية السياسية لتقوم بدورها الرائد على مستوى الوطن وعلى المستوى الديني مؤكدا على ضرورة التكامل بين المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية شرط ان تبقى الأخيرة راعية لجميع أبنائها لا أن تحتسب علي تيار سياسي دون آخر.
ودعا فضيلته إلى أن يكون لنا دور في مواجهة المحتلين ورفض مشاريع التطبيع، وفي مرحلة من المراحل كانت قوات الفجر رائدة في مقاومة المحتلين لأرضنا وقبلها المقاومة الفلسطينية، لقد كان هناك دور رائد للسنة في مقاومة المشروع الصهيوني وهناك أكثر من 300 شهيد لبناني كانوا في صفوف الفصائل الفلسطينية والوطنية ومنظمة التحرير استشهدوا في جنوب لبنان ، ومازالت أسماؤهم مسجّلة في مؤسسات رعاية الشهداء حتى يومنا هذا، فلماذا لا نستكمل هذا الدور اليوم ؟
وختم فضيلته ” يجب ان يكون هناك حالة من حالات التكامل بدل ما يطرحه البعض من نظرية الحياد التي تعني الانقطاع عن المحيط، لا بد أن يوجد التفاعل مع الإخوة الفلسطينين، فكما دافع الفلسطيني عن لبنان وقدّم دمه دفاعًا عن أرض هذا البلد، من الوفاء اليوم أن ندافع عن حق الفلسطيني في حقه بالحياة الكريمة كحقه في كسب لقمة العيش والعمل وحق التملك أسوة بمواطني 140دولة تقريبا، مضيفاً الغريب والمستهجن في نفس الوقت أن الفلسطيني وعلى الرغم من مكوثه في لبنان أكثر من 70 سنة لا يحق له أن يعمل ولا أن يتملّـك ، في كل دول العالم أي مواطن يولد في بلد ما او يعيش فيه اكثر من عشر سنوات يجنّس، الفلسطيني لا تحق له الجنسية ولا يحق له حتى ان يتملك أو أن يعمل بدعوى حق العودة وحتى لا ينسى وطنه فلسطين، مع العلم أنه عندما يستحصل على جنسية البلد الجديد فإن أول خطوة يقوم بها هي زيارة الأقصى والقدس وفلسطين. من هنا فإن الحقيقة المرة هي الخوف من التغيير الديمغرافي للبلد العجائبي لبنان وهذا يعتبر عنصرية وأي عنصرية .
نعم بكل بساطة التفتنا الى القطرية وتركنا عالمية الاسلام فما حصّلنا شيئاً من القطرية وخسرنا امتدادنا، بموضوعية الخلل عندنا ويجب أن نعالجه بالتكامل فيما بيننا .
وصدق الامام الشافعي رضي الله عنه عندما قال:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب ياكل لحم ذئب وياكل بعضنا بعضا عيانا