لم يكن غريبا أن يستهدف الإرهابيون مفتي دمشق وريفها الشيخ عدنان الأفيوني، فقيمة الرجل كرمز من رموز التسامح والمصالحة عطلت عليهم فيما مضى الكثير من فرص إشعال الفتن، الشيخ الوقور الذي لم يترك منبرا إلا ودعا فيه إلى الوحدة ونبذ التطرف والتمسك بقيم الإسلام البعيد عن التطرف والمذهبية، اغتيل مساء يوم أمس بعدما نكلوا بعائلته سابقا.
عمامة الحب والتسامح
نزل خبر استشهاد مفتي دمشق كالصاعقة على السوريين الذين عاشوا وقتا طويلا من الاستقرار الأمني النسبي، قبل أن يفجر الإرهابيون عبوة ناسفة بسيارة الشيخ الأفيوني قرب جامع الصحابة في قدسية غرب دمشق.
الرجل الذي حسم موقفه باكرا من الأحداث التي عصفت في سوريا مع بداية الازمة، بقي مستهدفا من الإرهابيين الذين حاولوا بعد يأسهم من استمالته، ترهيبه عبر استهداف أفراد أسرته، لكنه بقي على موقفه الثابت من موقعه كواحد من كبار العلماء في سوريا والمشرف العام على مركز الشام الدولي الإسلامي لمواجهة التطرف.
كما بقي رجلا يدعو للتسامح في كل منبر يعتليه ويبذل وقته وروحه في سبيل المصالحات، التي أثمرت في غير مكان من ريف دمشق بفضل وعيه والثقة الكبيرة التي منحتها القيادة السورية له، الأمر الذي أعطاه هامشا كبيرا في ترتيب المصالحات وحقن الدماء والعودة الآمنة إلى جادة الصواب .
أدى رسالته
ردود الفعل على استشهاد الشيخ الأفيوني أجمعت على الخسارة الكبيرة التي ألمت بالمجتمع السوري الذي افتقد رجلا بمثل هذه المكانة والوقار، فقد أكد مستشار رئيس الحكومة السورية عبد القادر عزوز في حديث لموقع “العهد” أن “ما ميز الشيخ الأفيوني أنه كان عالما “وليس كل شيخ عالما”، وقال إن “العلماء هم ورثة الأنبياء يدعون للحق والتزام طريق الهداية ونبذ الفرقة “وهو ما عكف عليه الشيخ عدنان الأفيوني منذ مرحلة مبكرة من عمره.
عزوز شدد على أن استهداف الشيخ الأفيوني هو استهداف للعقل المنفتح البعيد عن التعصب، مضيفا أن “أهم أمر بالنسبة له هو أن يهتدي هؤلاء المتعصبون، فهو صاحب الأثر الطيب الذي جمع بين العلم والمقاومة والذي لا يخشى في الله لومة لائم”.
بدوره، قال الباحث الإسلامي حسام شعيب لـ”العهد” إن “هذه العملية هي محاولة لاغتيال الحكمة والوقار والإسلام المعتدل الذي يحارب التطرف واغتيال صوت العقل والإسلام السمح”، مضيفا أن هذا هو ما أرادوه من اغتيال رجال الدين المعتدلين في سوريا ومحاولة التنكيل بهم مثل اغتيال الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ أحمد صادق وصولا للشيخ الأفيوني فضلا عن التنكيل بالشيخ مأمون رحمة.