الشراكة الصينية-الإيرانية تعيد رسم المشهد الأمني في المنطقة

تناول الكاتبان علام صالح وزكية يزدينشيناس اتفاق الشراكة الصيني الإيراني، وقالا إن ما يميزه هو أن لكلا الطرفين “طموحات عالمية وإقليمية” وأن علاقة كليهما مع الولايات المتحدة متوترة.

وفي مقالة نشرتها مجلة “فورين بوليسي”، أضاف الكاتبان أن الاتفاق بين بكين وطهران يشمل المجال الأمني، كما لفتا إلى أن الجانب العسكري منه يشكل مصدر قلق لواشنطن.

ورأى الكاتبان أن تنامي نفوذ الصين في شرق آسيا وإفريقيا يشكل تحديًا للمصالح الأميركية، وقالا إن منطقة الشرق الأوسط هي الساحة التالية التي تستطيع فيها بكين تحدي الهيمنة الأميركية، وذلك من خلال إيران.

وعلى صعيد الداخل الإيراني قال الكاتبان إن الاتفاق مع الصين قد يكون بمثابة حبل النجاة لإيران في ظل العقوبات والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها، وذلك من خلال ضمان بيع النفط والغاز للصين.

واعتبر الكاتبان أن “الشراكة الإستراتيجية الجديدة بين إيران والصين” قد تقلص فرص فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، إذ أن هذه الشراكة الاستراتيجية تثبت أن حملة “الضغوط القصوى” التي شنتها إدارة ترامب ضد إيران كانت فاشلة. وقالا في هذا السياق إن “حملة الضغوط القصوى” لم تفشل فقط في “كبح” إيران وجعلها “تغير سلوكها الاقليمي”، وإنما دفعت بطهران إلى احضان بيكن.

وأضافا:” إن توطيد العلاقات الاستراتيجية بين الصين وإيران يفيد بأن طهران تتبنى سياسة التوجه نحو الشرق لتعزيز قوتها الإقليمية والعسكرية، ومن أجل تحدي وتقويض الولايات المتحدة في منطقة الخليج”.

أما بالنسبة للصين فأشار الكاتبان إلى أن الاتفاق يساهم في ضمان “أمن الطاقة” لبكين.

الكاتبان أشار إلى أن العلاقات الصينية الإيرانية ستعيد رسم المشهد السياسي في المنطقة لصالح بكين وطهران وبالتالي ستقوض نفوذ الولايات المتحدة، وأضافا أن الصين تدرك أهمية إيران وموقعها في الشرق الأوسط، وأن بكين تبنت مقاربة تنموية تجاه المنطقة بحيث تستفيد من قوة إيران الإقليمية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المحيطة وترسيخ الأمن في المنطقة.

الكاتبان قالا إن انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وتبني سياسة “الضغوط القصوى” كان آخر مساعي الحكومة الأميركية للحد من تنامي نفوذ طهران في المنطقة، غير أنهما أضافا أن السياسة الأميركية هذه لم تتمكن حتى الآن من تغيير سياسات إيران الإقليمية والعسكرية.

وأردفا بأن التعاون الاستراتيجي بين الصين وإيران سيقوض الأوراق الأميركية أكثر فأكثر بحيث سيمهّد لتعزيز دور الصين في الشرق الأوسط.

كذلك تابع الكاتبان بأن الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران ستؤثر على المناطق المحيطة مثل منطقة آسيا الجنوبية، وتحدثا في هذا السياق عن اقتراح إيران توسيع الممر الإقتصادي الصيني الباكستاني ليصل إلى أوروبا وآسيا الوسطى عبر شبكة سكك حديدية في إيران، وقالا إن احتمالات تنفيذ هذا المقترح ازدادت مع الاتفاق الصيني الإيراني.

كما أضافا بأن “الدائرة الذهبية” المؤلفة من الصين وباكستان وإيران وروسيا وتركيا ستصبح المحور الأساس في مشروع “حزام واحد طريق واحد” (وهو المشروع الصيني المعروف) في حال تم تنفيذ المقترح الإيراني.

كذلك قال الكاتبان إن إيران تحاول أن تركز أكثر على خليج عمان بدلاً من الخليج الفارسي، وإن ذلك سيقلل من المسافة التي يجب أن تقطعها ناقلات النفط التي تقوم بنقل النفط الإيراني، وسيمكّن طهران من إغلاق مضيق هرمز “عند الحاجة”.

وتوقع الكاتبان أن تستفيد طهران من علاقاتها مع بكين لتعزيز موقعها الاقليمي، كما قالا إن الشراكة بين الصين وإيران يمكن أن تعيد رسم المشهد الامني في المنطقة من خلال ترسيخ الاستقرار عبر مقاربة “السلام التنموي” التي تتبناها الصين، إذ إن الولايات المتحدة كانت تستفيد من الخصومة والانقسمات في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *