كيف سيمر عيد الفطر على الطرابلسيين؟

محمد ملص

يتحضر أبناء طرابلس كما باقي المسلمين للاحتفال بعيد الفطر السعيد. إلا أن عيد هذا العام ليس كباقي الأعياد، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي باتت تلف رقاب اللبنانيين.. وما يزيد الطين بلة، هي فترة التعبئة العامة التي أقرتها الحكومة في ظل تفشي وباء الكورونا، حيث توقفت الحركة التجارية لما يزيد عن شهرين.

لا شيء يشبه هذه الأيام، هذا هو حال الطرابلسيين اليوم، يكاد شهر رمضان المبارك يكشف المزيد من الأزمات وضيق العيش الذي لف كل البيوت فلم تعد سفرة الطعام وما يتبعها من حلويات وعصائر، كما كانت في الأعوام السابقة، بل اقتصرت الأمور هذا العام على الاساسيات، وتحولت الموائد الى سفرة تغيب عنها اللحوم في ظل الارتفاع الفاحش للأسعار. فكيف سيمضي الطرابلسيون هذا العيد؟

وكما رمضان، كذلك الأمر بالنسبة للعيد، فالأزمة التي رافقت الشهر الفضيل ستنسحب على طقوس العيد، إذ لم يعد طبق “الورق عنب”، والذي يعد من الأطباق الاساسية في عيد الفطر في طرابلس، متاحًا سوى للعائلات ذات الدخل المرتفع، نظرا لكلفته الباهظة على جيوب الطرابلسيين. وكذلك الأمر بالنسبة الى معمول العيد وما يتبعه من أطايب الطعام.. فهي أصبحت من الذاكرة الجميلة.

هنا في طرابلس، تعجّ الأسواق بالزائرين، الا أن نسبة المبيع تكاد لا تتخطى الـ٧٪؜ لدى مجمل المحلات! هنا حيث اشتاقت المحال والزواريب لروادها، وبالرغم من التحذيرات التي تطلقها وزارة الصحة لمنع التجمعات، في ظل تفشي وباء الكورونا، الا أنها “لم تعد تفرق” مع المواطنين، فالتاجر بات همه الأول فتح محله لتأمين قوت عياله ومستلزماتهم ومأكلهم في رمضان وقبل وخلال أيام العيد.

الغلاء الفاحش بات لا يتناسب مع مدخول اللبناني، في ظل سوق المضاربات التي يشهدها الدولار، اذ إن ارتفاع سعر الدولار ضاعف اسعار البضائع مرتين ومنها ثلاث مرات، ولكن ليس الدولار هو السبب الوحيد، بل إن جشع التجار وتحكمهم بالسوق هو ما يزيد الغلاء على المواطنين، فالبضائع المعروضة في واجهات المحلات أغلبها قديمة ومخزنة في المستودعات (أي أن ثمنها مدفوع حسب الدولار القديم 1515) الا أن حجة التجار دائماً “اذا بعنا ع السعر القديم نخسر لأننا نضطر لشراء البضاعة حسب السعر الجديد للدولار”.

موقع “العهد” الاخباري حاول استطلاع أسعار الملابس في أسواق طرابلس، حيث كانت تكلفة ملابس العيد للولد الواحد تتراوح بين ٥٠ الف ليرة و١٠٠ الف كحد اقصى، أما اليوم فاختلفت الامور وبات كلفة لباس الطفل اذا ما افترضنا انه بحاجة الى ما يسمى أوسط الامور: حذاء جديد (٦٠ الف) بنطال (٧٥ الف) قميص أو كنزة (٥٥ الف) كلسات (٥ الاف) حزام (٢٥ الف) اي ما مجموعه ٢٢٥ الف ليرة.

ولنفترض أن عائلة مؤلفة من ثلاثة اولاد فقد باتت بحاجة الى قرابة ٦٧٥ الف ليرة كبدل ملابس العيد ( وهو ما يقارب الحد الادنى للاجور في لبنان)
اما المأكل وحلويات العيد فحديث اخر، الاكيد ان سفرة الحلويات في عيد الفطر لن تكون كسابقاتها وسيفتقدها كثيرون، وعلى راسها المعمول ( إذ ارتفع سعر الكيلو الى ٣٥ الف للجوز و ٥٥ الف للفستق، الذي بدوره ارتفع سعره من ٣٠ الف للكيلو الى ٩٥ الف وكذلك الامر بالنسبة الى التمر والشوكولا والحلويات الاخرى).

لا شك أن هذا العيد سيكون ثقيلًا على أبناء طرابلس كما على اللبنانيين جميعًا، الذين لم تكتب لهم الظروف ان يوسعوا على عائلاتهم ويفرحوا. ربما لم يكتب لهذه المدينة وأهلها أن ينعموا بالفرح والسرور، فكما استطاع في العام الماضي الارهابي عبد الرحمن المبسوط تنغيص فرحة عيد الفطر، كذلك اليوم يفعل بعض من أصحاب الارهاب الاقتصادي الذين يتلاعبون ويطمحون الى تدمير هذا الوطن واقتصاده.. وهم باتوا كما المبسوط، يحرمون طرابلس وأهلها وأطفالها من فرحة العيد.

العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *