الفلسطينيون يحيون “يوم الأسير” بفعاليات شعبية

يحيي الفلسطينيون الجمعة “يوم الأسير”، بفعاليات الكترونية وحملات ضغط على المؤسسات الدولية ذات العلاقة بالملف الإنساني، يتطرقون خلالها إلى المأساة التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال، جراء سياسات قمع وجرائم متعمدة ترتكب بحقهم، تشمل قتلهم خلال التحقيق، وعدم تقديم العلاج اللازم للمرضى منهم، علاوة عن زجهم في زنازين تفتقر لكل مقومات الحياة، يتعرضون خلالها لأبشع عمليات التعذيب.

و”يوم الأسير الفلسطيني” هو يوم أقرته منظمة التحرير في العام 1974، وحددته يوم السابع عشر من أبريل، ليكون “يوما وطنيا للوفاء للأسرى الفلسطينيين وتضحياتهم”، يتم فيه التركيز على جهود مناصرتهم ودعم حقهم بالحرية، ومن أجل اثبات الوفاء للأسرى في هذا اليوم، حيث أقر هذا اليوم، كونه شهد إطلاق أول أسير فلسطيني من سجون الاحتلال وهو محمود حجازي.

وقد أقرت القمة العربية العشرين في أواخر مارس من العام 2008، في العاصمة السورية دمشق، اعتماد هذا اليوم من كل عام للاحتفاء به في الدول العربية كافة، تضامنا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في المعتقلات الإسرائيلية.

ولا تزال سلطات الاحتلال تواصل اعتقال نحو 6000 أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، ومن بين العدد الإجمالي هناك أسرى مرضى، ويشكي جميعهم من سوء المعاملة، ومن سوء الطعام كما ونوعا، ومن تعرضهم للإهانة والتعذيب، فيما هناك العديد منهم محرومون من زيارة الأهل، ويقبع آخرون في زنازين عزل انفرادي.

ويقول مركز أسرى فلسطين للدراسات، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 51 أسيراً فلسطينياً منذ ما يزيد عن 20 عاماً، بينهم 14 أسيراً أمضوا ما يزيد عن 30 عاماً خلف القضبان بشكل متواصل أقدمهم الأسير كريم يونس، فيما يؤكد نادي الأسير، أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل اعتقال قرابة 200 طفلا في سجونه، رغم النداءات والمطالبات المتكررة بإطلاق سراحهم جرّاء انتشار عدوى فيروس “كورونا”، إلى جانب اعتقال 41 سيدة بينهن قاصرات.

وفي سياق حملات الدعم للأسرى، نظم في مدينة غزة، مؤتمرا أمام المقر الرئيس للأمم المتحدة غرب المدينة، شارك فيها قادة فصائل العمل الوطني والإسلامي.

وخلال الفعالية التي نظمت رغم إجراءات الطوارئ التي تمنع التجمعات خشية من تفشي فيروس “كورونا”، رفعت لافتات تنادي بتدخل دولي عاجل لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وأخرى تنتقد صمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال بحق الأسرى، وحمل النشطاء وأمهات وزوجات الأسرى صورا لهم خلال الفعالية.

وقال القيادي في حركة حماس مشير المصري في كلمة خلال الفعالية “إن الشعب الفلسطيني يوكد على أن قضية الأسرى هي قضية وطنية مركزية”، وشدد على أن المبادرة الإنسانية التي تقدمت بها حركة حماس لإبرام صفقة تبادل أسرى “تؤكد على إنسانية شعبنا وأولوية أسرانا، ولاسيّما الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال”.

من جهته قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي جميل عليان، إن الأسرى يواجهون “تهديدًا حقيقيًّا وجديدًا” من خلال جائحة “كورونا” التي تهدد العالم، محذرا من أن الشعب الفلسطيني “لن يسمح أن يكون أسرانا ضحية لهذا العدوان”.

جدير ذكره، ان هذا اليوم يمر في هذا العام، وقد تضاعفت مأساة الأسرى الفلسطينيين، بعد أن قامت سلطات السجون بسحب 140 صنفا من تلك التي كانوا يحصلون عليها بأموالهم من “الكانتينا”، ومنها الصابون والمعقمات والعديد من الأصناف الغذائية، والتي يحتاجها الأسرى في هذا الوقت بالذات، للوقاية من خطر تسرب فيروس “كورونا” إليهم، كما يخشى الأسرى أيضا، من انتقال المرض إليهم عن طريق سجانيهم، بعد تفشي الفيروس في إسرائيل بشكل كبير.

ويشتكي الأسرى والمؤسسات التي تعني بأوضاعهم أن إدارة سجون الاحتلال لا تقدم أي خطوات تضمن سلامتهم، ومن بينها تخفيف الازدحام في غرف الاعتقال، أو تعقيم السجون، خاصة وأنه أعلن عن إصابة أحد الأسرى المحررين بالفيروس بعد يوم من إطلاق سراحه في مدينة رام الله.

ويقول رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن إدارة سجون الاحتلال تواصل مماطلتها وفرض حالة من الاستهتار بمصير الأسرى، مشيرا إلى أنه رغم احتجاجات الأسرى، لا أن إدارة السجن تتعامل مع قضية تفشي الفيروس باستهتار كبير.

وقال الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى، إن قضية الاسرى من أكثر القضايا حساسية وأهمية عند الشعب الفلسطيني، في طريق نضاله، مشيرا الى أن تحويل “يوم الأسير” الى يوم وطني عالمي، يعد “خطوة مهمة في سبيل نصرة الأسرى ولفت نظر العالم اجمع الى معاناتهم وانتهاكات الاحتلال بحقهم.

وخلال الأيام الماضية، نظمت العديد من الفعاليات الالكترونية المساندة للأسرى، وقامت مفوضية الأسرى في حركة فتح، بتنظيم يوما للتغريد الالكتروني على وسم “الحرية للأسرى”.

وتعتبر قضية الأٍسرى من القضايا التي تهم جميع الفلسطينيين، خاصة وأن أكثر مليون فلسطيني ذاقوا مرارة الاعتقال منذ بداية الاحتلال، وهي من قضايا الحل النهائي التي أجل بحثها خلال مفاوضات السلام، غير أن الاحتلال لم يلتزم بالفترة التي حددت لانتهاء الفترة الانتقالية للبدء في المرحلة النهائية التي تشمل إطلاق سراح الأسرى جميعا.

وفي دلالة على أهمية القضية، جعلت السلطة الفلسطينية قضية الأسرى ضمن أول الملفات التي قدمتها للمحكمة الجنائية الدولية، لمقاضاة إسرائيل على ارتكابها “جرائم حرب” ضد الفلسطينيين، خاصة بعد أن سجل العديد من حالات الاستشهاد بين الأسرى، جراء تعرضهم للتعذيب خلال التحقيق القاسي، أو جراء وفاتهم بمرض خطير أصابهم خلال فترة الاعتقال، حيث تبين الأرقام أن 222 أسير فلسطيني استشهدوا في سجون الاحتلال منذ العام 1967.

وفي سباق قريب دعت القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية، المواطنين في كل مكان وأهالي الأسرى إلى رفع صور الأسرى على الشرفات، وأسطح البيوت مع العلم الفلسطيني، عند الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة، الذي يوافق يوم الأسير، تعبيرا عن الوقوف مع الأسيرات والأسرى، واعتزازا بالحركة الأسيرة في هذا اليوم وكل يوم.

كما دعت لجان الطوارئ على مداخل القرى، إلى إحياء يوم الأسير بوضع شارات خاصة، رغم الوضع الحالي، حيث يحظر في الضفة الغربية يحظر بشكل كامل التجمع والتجمهر والازدخام، بسبب إجراءات الطوارئ،ـ لمنع تفشي فيروس “كورونا”.

وأعلنت القوى عن إطلاق وسم بعنوان “فيروس الاحتلال أخطر من فيروس كورونا ” – مع أسرانا حتى الحرية، على كافة مواقع التواصل الاجتماعي، كما أكدت على ضرورة تعزيز حملات الضغط والمناصرة إقليميا ودوليا، لإسناد الأسرى والتضامن معهم من قبل المؤسسات الدولية، داعية نشطاء التواصل الاجتماعي لأوسع مشاركة.

ودعت القوى، منظمة الصحة العالمية، والمؤسسات الدولية، إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإلزامه بإجراء الفحص الطبي للأسرى ومعاينتهم، واتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية للحفاظ على حياتهم عملا بكل الاتفاقيات الدولية،، وحذرت من خطورة ما يجري، محملة حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن حياتهم، منددة باقتحامات الاحتلال اليومية، وفرض منع التجول في العديد من المناطق، واتهمت الاحتلال بالعمل على نقل المرض والعدوى للفلسطينيين.

وشددت على ضرورة الإفراج عن الأسرى جميعا حسب القوانين الدولية وقت الحروب والأوبئة، خاصة كبار السن، والأطفال، والأسيرات، والأسرى المرضى، بشكل فوري، كما وجهت القوى التحية إلى الأسيرات والأسرى، خاصة عمداء الأسرى جميعا، وإلى الأسير مراون البرغوثي، الذي دخل عامه التاسع عشر، وإلى كل الهامات الشامخة في معتقلات وسجون الاحتلال، وإلى الأهالي بصبرهم وثباتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *