الوباء يؤجج العنصرية: استهداف للسود في الصين وللمسلمين في الهند وللعمال في السعودية

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس الثلاثاء، دولاً بينها مصر والصين، بـ«استغلال» انتشار كورونا لارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، والتضييق على الحريات. وجاء ذلك في تقرير أصدرته المنظمة الحقوقية الدولية أظهر أن المسؤولين الحكوميين في مصر ميانمار والهند والصين والولايات المتحدة وزيمبابوي على سبيل المثال، كانوا من بين «أكثر المسؤولين في دول العالم إنكاراً بشأن تقديم معلومات دقيقة حول تفشي الفيروس». وتحدث التقرير عن استغلال بعض حكومات دول العالم فيروس كورنا لـ«التضييق على الحريات العامة وانتهاك حقوق الإنسان». وأضاف أن السلطات في كل من «مصر والصين وميانمار وإثيوبيا قامت باعتقال أو احتجاز أو طرد صحافيين وغيرهم، بسبب قيامهم بالتعبير عن آرائهم حول تفشي كورونا عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

أفارقة طردوا مع أطفالهم في غوانغزهو… وموظفون أوقفت رواتبهم في الخليج… وتحريض في البنجاب… و«هيومن ووتش» تندد

كما اتهمت «هيومن رايتس ووتش» السلطات الهندية بـ«التقصير وعدم القيام بما ينبغي إزاء حملات التضليل التي انتشرت بشكل ملفت في البلاد والتي تزعم بأن أفراد الأقلية المسلمة هم من يقفون وراء انتشار الفيروس في البلاد». كما انتقدت إصدار نيودلهي أوامر بخفض سرعة تدفق الإنترنت، مما أدى إلى تقليل إمكانية الوصول إلى المعلومات الضرورية بمكافحة الفيروس.
هذا وتتزايد مظاهر العنصرية حول العالم مع التوتر الاجتماعي الناجم عن وباء كورونا المستجد، إذ نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» تقريراً كشفت فيه ما يتعرض له الأفارقة من تمييز عنصري في الصين بحجة فيروس كورونا. وقالت إنه تم طردهم من الفنادق في مدينة غوانغزهو وصودرت جوازاتهم وهو ما أدى إلى تأذي العلاقات الصينية – الأفريقية بعدما رد المسؤولون الأفارقة بغضب على التمييز الذي مورس على المواطنين الأفارقة في مدينة غوانغزهو جنوب الصين والاتهامات التي تعرضوا لها بأنهم المسؤولون عن نشر الفيروس.
وكشفت أشرطة فيديو على منصات التواصل الاجتماعي أفارقة يتم طردهم من البيوت والفنادق وينامون في الشوارع وقد منعوا من دخول المحلات والبقالات.
وانتشرت تقارير أخرى عن إجبار الكثيرين منهم على الحجر الصحي رغم نتائج الفحوص السلبية على كوفيد-19.
وكتب السفراء الأفارقة في بكين رسالة إلى وزير الخارجية، اطلعت عليها الصحيفة، شجبوا فيها ما سموه «التحرش المستمر والإهانة للمواطنين الأفارقة». وتقول الصحيفة إن العائلات التي لديها أطفال صغار أجبرت على النوم في الشوارع بعدما صادرت السلطات جوازات سفرهم.
وقال السفراء: «لقد تم استهداف الأفارقة وفرض عليهم الفحص والحجر الصحي، وهذا بنظرنا لم يقم على قاعدة منطقية وعلمية ويصل إلى حد العنصرية للأفارقة في الصين».
وفي رسالة ثانية وصلت إلى علم مسؤولي الأمم المتحدة ووقعتها مجموعة «عموم المجتمع الأفريقي في غوانغزهو»، اتهم الموقعون الصين بـ «شن حرب» على أفريقيا، معتبرين أن «المعاملة المهينة والكراهية والتمييز الصارخ ضد الأفارقة والذي يجري الآن في غوانغزهو لا يمكن وصفه». كما اعترفت سلسلة مطاعم ماكدونالدز بحادثة رفض العاملون فيها تقديم الخدمة لرجل أسود، مضيفاً أنه اعتذر للشخص بدون تحفظ، وأنه يقوم بتدريب العاملين على أهمية الاحترام والتنوع.
أما في الخليج، فقال مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» بن هبارد، إن ملايين العمال الوافدين وجدوا أنفسهم مجبرين على البقاء في معسكراتهم وبدون عمل وعالقين ولا يعرفون مكاناً يذهبون إليه.
وتابع أنه في السعودية طلبت الشركات السعودية من العمّال الأجانب البقاء في منازلهم ثم توقفت عن دفع رواتبهم. وفي الكويت دعت ممثلة معروفة علانية على التلفاز إلى التخلص من المهاجرين و«رميهم بالصحراء».
كما كشفت الصحيفة أن انتشار الفيروس عزز من موجة الكراهية ضد المسلمين في الهند، وذلك بمشاركة مسؤولين حكوميين ووسائل إعلام محلية. وأشارت في تقرير إلى اتهام وزارة الصحة الهندية جماعةً دينية مسلمة بالمسؤولية عن انتشار فيروس كورونا، في الوقت الذي انتشرت فيه وسوم تحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت عناوين «قنابل بشرية» و«جهاد الكورونا».
وأكدت الصحيفة أن شباناً مسلمين تعرضوا للضرب العنيف في الشوارع، كما هوجموا بالمساجد، وطُردوا من بعض الأحياء. في ولاية بنجاب مثلاً، «بثت مكبرات الصوت بمعابد السيخ رسائل تطلب من الناس عدم شراء الحليب من أصحاب مزارع الألبان المسلمين، لأنه يحتوي على فيروس كورونا».
وفي سياق آخر، بينما تستمر أعداد الإصابات والوفيات بالارتفاع في بريطانيا والولايات المتحدة، استغلت بعض الدول الأوروبية فرصة انخفاض عدد الوفيات والإصابات اليومية فيها لإعادة تشغيل الاقتصاد. وسمحت إسبانيا والنمسا بالعودة على نحو جزئي إلى العمل بعد عيد الفصح أمس الثلاثاء لكن بريطانيا وفرنسا والهند مددت إجراءات العزل العام بهدف مكافحة فيروس كورونا، أسوأ أزمة صحة عامة تواجه العالم منذ نحو قرن. لكن منظمة الصحة العالمية قالت إن الوضع «قطعا» لم يبلغ الذروة بعد.
وفي إيطاليا، التي سجلت ثاني أعلى حصيلة وفيات في العالم وبلغت 20465 شخصاً، أبقت السلطات على بعض القيود المشددة على الحركة. وستعيد الدنمارك، التي كانت من أوائل الدول الأوروبية التي فرضت قيوداً، فتح مراكز الرعاية النهارية والمدارس للأطفال من الصف الأول إلى الصف الخامس في 15 أبريل/ نيسان. كما فتحت آلاف المتاجر في أنحاء النمسا أبوابها أمس الثلاثاء، لكن الحكومة قالت «إن الخطر لم ينته بعد». وتحركت النمسا مبكرا للتصدي للفيروس حيث أغلقت المدارس والحانات والمسارح والمطاعم والمتاجر غير الأساسية وغيرها من أماكن التجمعات العامة لنحو أربعة أسابيع. وناشدت السكان البقاء في المنازل والعمل منها إن أمكن. وسجلت النمسا 368 وفاة إجمالا وهو ما يقل عن العدد الذي ترصده يوميا بعض الدول الأوروبية الأكبر.
في المقابل، سجلت بريطانيا، التي تواجه حكومتها انتقادات للبطء في إجراء الفحوصات وعدم توفير معدات وقاية على الخطوط الأمامية لمكافحة الفيروس، خامس أعلى حصيلة وفيات في العالم بالفيروس. وقال مستشار بارز في الحكومة إن البلد قد يصبح الأكثر تضررا في أوروبا. وبلغت حصيلة الوفيات في المستشفيات البريطانية 12107 حتى أمس الثلاثاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *