تبدو مدينة القدس الشرقية المحتلة، خالية تماما، من أي إصابات بفيروس “كورونا”، في الخارطة التي تنشرها وزارة الصحة الإسرائيلية.
لكنّ مراكز غير حكومية مقدسية، وشهود عيان، يؤكدون وجود عشرات الإصابات بالمدينة المحتلة.
ولا تملك وزارة الصحة الفلسطينية، أي صلاحيات داخل القدس الشرقية، ما يترك المعلومات عن الإصابات بالمدينة، حصريا بيد وزارة الصحة الإسرائيلية.
ويؤكد فادي الهدمي، وزير شؤون القدس الفلسطيني، أن وزارة الصحة الإسرائيلية، لا تفصح عن الأعداد الدقيقة للمصابين من القدس الشرقية المحتلة “لأسباب تبدو سياسية”.
ويقول الهدمي إن هذا الغموض “لا يُسهم في الحد من انتشار الفيروس، إذ تتعمد الوزارة الإسرائيلية ترك المواطنين والطواقم الطبية الفلسطينية في المدينة بدون أي معلومات”.
وأضاف الهدمي: “نستقي معلوماتنا عن الإصابات بالقدس الشرقية من المواطنين أنفسهم، الذين يعلنون عبر شبكات التواصل عن إصاباتهم أو من خلال الأطباء العاملين بالمدينة، ولكنّ هذه المعلومات ليست دقيقة بنسبة 100%”.
ويكمل: “في الوقت الذي يمكنك أن تعرف الأعداد الدقيقة للإصابات في كل العالم، فإنه لا يمكنك معرفة عدد الإصابات بالقدس الشرقية المحتلة”.
وتابع وزير القدس الفلسطيني: “يقع على إسرائيل بوصفها قوة الاحتلال بالمدينة، أن تكشف عن المعطيات الدقيقة المتوفرة لديها لأن حجبها لهذه المعلومات غير قانوني، وهو انتهاك فظ وصريح، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي”.
ويؤكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ما قاله الهدمي.
ويقول المكتب في تقريره حول حالة انتشار الفيروس في الأراضي الفلسطينية المحتلة “لا يزال العدد الدقيق للحالات المصابة في القدس الشرقية غير مؤكد، بالنظر إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية، لا تغطيهم ولأنه لا يَرِد تصنيفهم في الأرقام العامة التي تصدُر عن السلطات الإسرائيلية”.
ولم يتسن الحصول على تعقيب من وزارة الصحة الإسرائيلية حول الموضوع.
وتشير تقديرات فلسطينية وإسرائيلية، إلى أن عدد السكان الفلسطينيين بالقدس الشرقية يزيد عن 340 ألفا.
وفي غياب إعلان إسرائيلي عن المصابين بالقدس الشرقية، فإن من شُخّصت إصاباتهم بالفيروس، أعلنوا عن ذلك من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
ففي بلدة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، أعلن مواطن فلسطيني، السبت (11 إبريل/ نيسان)، عن تشخيص إصابته بالفيروس، ودعا من خالطوه إلى التزام حجر صحي، وإجراء فحوصات للتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس.
وفي يوم الجمعة (10 إبريل/ نيسان) أعلن أحد المواطنين عبر مكبرات صوت أحد المساجد في حي رأس العامود، الملاصق لسلوان، إصابة رجل وزوجته بالفيروس.
ولكن في يوم الأحد (12 إبريل/ نيسان) قال مركز معلومات وادي حلوة الحقوقي (غير رسمي) إن عدد الإصابات في سلوان وحي رأس العامود وصل إلى 19 إصابة وإن العدد مرجح للازدياد.
وتشير تقديرات غير مؤكدة إلى وجود عشرات الإصابات بالفيروس في أحياء مدينة القدس الشرقية.
وقال وزير القدس الفلسطيني: “المواجهة الفعّالة للفيروس تتطلب تحديد أماكن المصابين وعزل المخالطين وإخضاعهم للفحوصات، ولكن السلطات الإسرائيلية تخفي المعلومات…هي فعليا تسيّس الأمر وهو ما ينعكس سلبا على السكان في وقت يتجند فيه العالم أجمع لمجابهة الفيروس”.
وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلية قد اعتقلت الهدمي من منزله بالقدس، في الثالث من شهر إبريل/ نيسان الجاري، وأخضعته لتحقيق استمر عدة ساعات بداعي عمل السلطة الفلسطينية في القدس الشرقية، على مواجهة فيروس كورونا.
وتقوم وزارة الصحة الإسرائيلية، بنشر تفاصيل تحركات المصابين بالفيروس لديها، وتطلب عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة ممن تواجدوا في تلك المواقع الدخول في حجر صحي وإجراء فحوصات.
وقال إبراهيم ملحم، المتحدث بلسان الحكومة الفلسطينية، في مؤتمر صحافي، الإثنين، إن ما تقوم به إسرائيل “يحول دون أن نتمكن من رصد تحرك الوباء بالمدينة، ولكن هذا لا يعني ألا تقوم الدولة (فلسطين) بواجبها تجاه سكان العاصمة، نحن نقوم بواجبنا بالسر والعلن وما استطعنا إلى ذلك سبيلا”.
وأضاف ملحم: “صحيح أن سلطات الاحتلال لم تفصح عن الأرقام الحقيقية لأعداد المصابين في المدينة المقدسة، ولكن لدينا الوسائل والطرق التي سنرصد من خلالها تحرك هذه الحالة والوبائية وسنقدم المساعدة لأهلنا”.
ومع بدء اكتشاف حالات الفيروس، روّجت وسائل إعلام إسرائيلية بأن القدس الشرقية ستكون “بؤرة” الفيروس في المدينة، ولكن في الأسبوعين الماضيين أعلنت وزارة الصحة الصهيونية أن أحياء المتدينين اليهود “الحريديم” (بالقدس الغربية) هي الأكثر انتشارا للوباء.
وعلى إثر ذلك، فقد أعلنت الحكومة الصهيونية، الأحد، عن فرض قيود مشددة على الحركة في 4 مناطق بالقدس الغربية يتواجد فيها متدينون يهود “حريديم”.
وفي يوم الإثنين، قالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن إجمالي عدد الإصابات المؤكدة بمدينة القدس بلغ 2093 حالة لتحتل المرتبة الأولى في عدد الإصابات بين المدن الأخرى.
ولكنّ وزارة الصحة الإسرائيلية، لم تفصح كم هو عدد المصابين في القدس الشرقية المحتلة، وإن كانت أقرت بأن أكثر من 75% من المصابين هم من سكان أحياء المتدينين “الحريديم”.
وتعتبر دولة الاحتلال أن القدس بشطريها الشرقي والغربي، هي عاصمة لها مستندة بذلك إلى صفقة القرن الأمريكية المزعومة.
ولكن الفلسطينيين يؤكدون على أن القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 هي عاصمة للدولة الفلسطينية.
وخلافا لتقارير شرطة الاحتلال الإسرائيلية، عن عدم التزام المتدينين اليهود بتعليمات وزارة الصحة الهادفة للحد من انتشار كورونا، فقد لوحظ التزام كبير في أحياء القدس الشرقية بهذه التعليمات.
وبعد تدخل من قبل النواب العرب في الكنيست، فتحت وزارة الصحة الإسرائيلية 4 مراكز لفحوصات كورونا في القدس الشرقية، لمن يشتبهون بإصابتهم بالفيروس.
(الأناضول)