الفلسطينيون يحيون “يوم الأرض” بفعاليات في “العالم الأزرق” ورفع الأعلام على الشرفات وتكبيرات في المساجد والكنائس تقرع الأجراس

لم توقف الإجراءات الاحترازية التي تنفذ في كافة المناطق الفلسطينية، للوقاية من فيروس “كورونا” وأبرزها منع التظاهرات والتجمهر، المواطنين من إحياء الذكرى الـ44 لـ”يوم الأرض”، بطرق مبتدعة جديدة، فقد تجمع المواطنون الذين كان مخطط لهم النزول إلى مناطق التماس في تظاهرات غاضبة، في “العالم الأزرق”، وشاركوا في “تظاهرات الكترونية”، فضحت سياسات إسرائيل العنصرية، ضد الفلسطيني وأرضه المحتلة، فيما رفع آخرين صوتهم بهتافات ضد الاحتلال، من شرفات وأسطح المنازل.

وبدلا من تنظيم “مليونية العودة” التي خططت لها الهيئة العليا لمسيرات العودة، منذ بداية العام الجاري، على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، إحياء ليوم الأرض، وللذكرى الثانية لانطلاق المسيرات الشعبية، اكتفى المسئولون عن المسيرات، بتنظيم مؤتمر صحافي من أحد مخيمات العودة شرق مدينة غزة.

فعاليات منزلية

وخلال المؤتمر، دعا منسق الهيئة خالد البطش، المواطنين لرفع وإطلاق أعلام الفلسطينية في سماء الوطن وحرق علم الإحتلال الإسرائيلي، وجدد تأكيده على استمرار مسيرات العودة ومواصلة توسيعها وتطويرها والحفاظ على شكلها السلمي، “كشاهد على ظلم الاحتلال واستمرار السعي لنقلها في جميع أماكن تواجد شعبنا”، كما شدد على أهمية انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، في ظل المرحلة الخطيرة التي تهدد المشروع الوطني.

دعوات لإنهاء الانقسام وتصعيد المقاومة لمواجهة النظام الاستيطاني والتمسك بالأرض

وأكد على ضرورة قيام الدول الاسلامية وجامعة الدول العربية، باتخاذ قرارها بكسر الحصار المفروض عن غزة، كما طالب المؤسسات الدولية لتحمل مسؤوليات لتوفير كل ما يلزم بتوفير معدات طبية ووقائية في مكافحة جائحة “كورونا”، وأشاد بنضال الأسرى، وحمل الاحتلال المسئولية عن حياتهم في ظل انتشار فيروس “كورونا”.

وفي إطار الفعاليات الشعبية، التي كانت هذه المرة رمزية، جرى ظهرا توقيف حركة السير، وانطلاق أبواق “صافرات الانذار”، فيما جرى الصدح بتكبيرات من المساجد، ودقت الكنائس أجراسها في ساعات المساء.

وعلى مدار عامين اعتاد سكان غزة، على تنظيم مسيرات حاشدة، كان يتخللها مواجهات حامية الوطيس مع جنود الاحتلال، ضمن فعاليات “مسيرات العودة” التي انطلقت رفضا للحصار الإسرائيلي المفروض على السكان، حيث أسفر استهداف المشاركين من قبل الاحتلال، عن استشهاد أكثر من 330 مواطنا، بينهم أطفال ونساء وصحافيين ومسعفين.

إلى ذلك، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي “العالم الأزرق”، بتدوينات نددت بسياسات الاحتلال، ترافقت مع مواد مصورة، أظهرت ما يقترفه جنود الاحتلال من عمليات إرهابية وإعدام ميداني لمواطنين فلسطينيين، وجاءت جميعها في إطار المشاركة الجماهيرية الحاشدة في “التظاهرة الالكترونية” التي دعت إليها أكثر من جهة.

تظاهرات الكترونية

وكان من أبرز المشاركات الجماهيرية الالكترونية، هي حملة “ارفع علمك”، حيث وضع الكثير من المواطنين صورة يد وهي ترفع علم فلسطين، فيما وضع آخرون صورة لخارطة فلسطين وكتبوا عليها “تبقى فلسطين أكبر من جدرانكم”، فيما لجأ آخرون كثر لتدول تدوين “فيس بوك برعاية يوم الأرض.. فلسطين ستتحرر”، وذلك من كثرة المشاركات الفلسطينية، فيما جرى استخدام كلمات الشاعر الفلسطيني الراحل محمود دروش “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” على نطاق واسع في التدوينات.

وقد ساهم في ذلك، جلوس غالبية المواطنين في منازلهم، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، لاستجابتهم لطلبات الجهات المسئولة بعدم التحرك إلا للضروريات، تفاديا لانتشار فيروس “كورونا”، وكانت وزارة الإعلام دعت في بيان صحافي، الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، والمواطنين العرب إلى تنظيم “تظاهرات رقمية” عبر مواقع التواصل.

ويصادف الثلاثين من آذار الذكرى الـ44 لـ”يوم الأرض”، الذي جاء بعد هبة الجماهير الفلسطينية داخل أراضي 1948، ضد استيلاء الاحتلال على مساحات واسعة من الأراضي هناك بهدف تهويدها، حيث عم في ذلك اليوم الإضراب كافة المناطق، وانطلقت مسيرات غاضبة ومواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.

وفي هذه المناسبة، قال رئيس الوزراء محمد اشتية، “اليوم همنا الأساسي حماية شعبنا من الاحتلال والمرض، وتعزيز صمود الفلسطيني على أرضه بصحة وسلامة، والدفاع عن موارده والتصدي للاستيطان”، وأضاف “تحية للفلسطيني الصامد على أرضه الثابت عند حقه، المحافظ على هويته وإرث أجداده المتجذر في هذه الأرض، تحية للفلسطيني الذي يسقط اليوم صفقة القرن، كما أسقط على مر الزمان كل المؤامرات التي حيكت لإنهاء حقه”.

وأكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن هوية الشعب الفلسطيني، وبقائه وصموده تشكل مصدر القوة في مواجهة “النظام الاستيطاني الاحلالي، والتصدي للفكر الصهيوني الأصولي المتطرف وصفقاته وقراراته وسياساته القائمة على النهب المنظم لأرضنا”، وقالت حنان عشراوي عضو اللجنة في بيان صحافي “إن الهبة الشعبية التي خاضها شعبنا في الثلاثين من آذار عام 1976، برهنت كلها على قوة هذا الشعب وصلابته وعدم قبوله بسياسات إسرائيل القائمة على العقلية الإجرامية وثقافة الكراهية التي تغذي العنف والتطرف والقتل والسرقة المتواصلة لأراضينا”.

وقال المجلس الوطني الفلسطيني، إن سياسة “التطهير العرقي” الإسرائيلي المستمرة منذ حوالي مئة عام “فشلت في اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه التي عاش فيها جيلا بعد جيل منذ آلاف السنين”.

تمسك فلسطيني بالأرض

ودعت الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، في الذكرى الـ44 ليوم الأرض الخالد، إلى استمرار مواجهة المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد الأرض الفلسطينية وطمس معالمها العربية.

من جهتها أكدت حركة فتح تمسكها بأرض فلسطين، والاستمرار في النضال حتى الحرية والاستقلال، وأكدت في بيان أصدرته بهذه المناسبة أن “الملحمة التاريخية التي يخوضها شعبنا منذ أكثر من مئة عام، في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري والعنصري، وفي مواجهة الاحتلال، تأتي دفاعا عن الأرض وتمسكا بها”.

وفي السياق، دعت حركة حماس، الفلسطينيين لرفع العلم في البيوت، وقالت في هذه المناسبة “لنجعل من وجودنا مع أبنائنا وعوائلنا في البيوت فرصة لرفع علم فلسطين عاليًا، ولنزرع فيهم بذرة الانتماء والارتباط بالأرض والتعريف بها”، وشددت على أنه لا طريق لتحرير الأرض والإنسان سوى “طريق المقاومة، ولا مستقبل للمساومة، ولا بقاء للاحتلال”، وقالت “ذكرى يوم الأرض تأتي هذه المرة وقد عصفت بالبشرية كلها جائحة المرض الفتّاك، إلا أن الاحتلال المجرم يحاول انتهازها ليواصل اعتداءاته على الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني”، مشيدة بصمود الجماهير الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948، ضد مشاريع الاحتلال ومخططاته لاقتلاعهم من أرضهم الفلسطينية وتهجيرهم منها.

أكد الشيخ نافذ عزام عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن القضية الفلسطينية هي الاختبار الأهم لنجاح أو فشل النظام العالمي الجديد، لافتاً إلى أن يوم الأرض مناسبة تذكر الفلسطينيين بمأساتهم التي لم تنته، ويتذكرون شهداءهم الذين لم يتوقفوا عن الصعود ويتذكرون حقهم الذي لا يمكن أن يسقط بمرور الوقت وتوالي السنين، كما أكدت الحركة في بيان لها أن المقاومة ومن خلفها الشعب الفلسطيني “ستبقى في حالة صمود ومواجهة لا تنتهي ولا تتوقف إلا بطرد الصهاينة الغاصبين عن كل شبر من هذه الأرض المقدسة”.

ودعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى “العمل على تعزيز صمود أبناء شعبنا في أراضيهم وبيوتهم، وتوفير متطلبات كل ما يعزز هذا الصمود وطنيًا واجتماعيا”، في هذه المرحلة التي تتعرض فيها القضية للتصفية، وقالت بهذه المناسبة “إن حماية الأرض والدفاع عن الوجود واستمرار النضال الوطني من أجل انتزاع حريتنا واستقلالنا وعودة لاجئينا، يتطلب أن نشرع سريعًا بطي صفحة الانقسام وتحقيق وحدتنا الوطنية، بالاستناد إلى استراتيجية وطنية شاملة وموحدة، ركيزتها التمسك بالمقاومة بكافة أشكالها باعتبارها الخيار المجدي في إلحاق الخسائر بالعدو على طريق هزيمته”.

وقيادات الحركة الصهيونية تزويره وتوظيفه كأداة لفبركة تاريخ وهمي للبلاد وأداة لفبركة وعي زائف يستمد روايته من الاساطير وأقوال العرافين في خدمة سياستها العدوانية الاستيطانية التوسعية المعادية للسلام”.

وقد طالب حزب “فدا” من الفلسطينيين رفع الإعلام على نوافذ وأسطح المنازل، وإلى تعزيز حالة النهوض الوطني والعمل الوحدوي والتطوعي، وقال الحزب “إن وباء كورونا الذي يجتاح العالم يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للعمل بشكل عاجل لممارسة الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين حماية لهم من الاصابة بهذا الوباء، ومن أجل رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *