نظمت اللجنة الوطنية المغربية للتضامن مع أصحاب البيوت المشمعة وقفة احتجاجية أمام البرلمان بالرباط، كما نظمت وقفة مماثلة في طنجة للتنديد باستمرار تشميع بيوت أعضاء من جماعة العدل والإحسان، أقوى الجماعات المغربية ذات المرجعية الإسلامية، والتضييق عليهم.
وشارك في وقفة الرباط شخصيات سياسية وحقوقية، عبرت عن رفضها للإجراءات التضييقية التي تنهجها الدولة ضد أعضاء بـ«الجماعة» بسبب انتمائهم السياسي، وتعبيرهم عن آرائهم، وحمل المحتجون شعارات من قبيل: «يا مخزن الهزيمة والتشميع جريمة»، «لا ركوع لا تركيع.. مواقفنا ماشي للبيع»، «بيوتنا قفلتوها.. للشفارة افتحتوها»، «التشميع الديكتاتوري.. الملكية حق دستوري».
واعتبرت «الجماعة» خلال الوقفة أن هذا الملف وغيره من الملفات التي انتهكت فيها الحقوق الأساسية للمواطنين، سيبقى شاهداً على كذب الدولة التي تحاول تسويق شعارات دولة الحق والقانون، مؤكدة أن ملفات البيوت المشمعة مبتورة.
وعبر الناشط الحقوقي اليساري عبد الإله بن عبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، عن مساندة الائتلاف لضحايا قرارات الدولة بتشميع البيوت، وتضامنه مع الأهالي المعانين من إغلاق السكن الذي يوفر الأمان نتيجة إجراءات تعسفية، توضح ضيق صدر الذين يقومون على شؤون البلاد والعباد إزاء كل صاحب رأي مختلف، وذلك في تنكر منها لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
واعتبر أن ما تتعرض له جماعة العدل والإحسان من تشميع وإعفاء لا يمكن فصله بتاتاً عن التراجعات الخطيرة التي تشهدها حقوق الإنسان في البلاد، لافتاً إلى الاعتقالات والمحاكمات الصورية لشباب الريف وجرادة وغيرها من الحراكات، إضافة إلى الاعتقالات التي مست الصحافيين والنقابيين والمدونين والحقوقيين الذين قالوا كلمة حق في وجه الفساد والاستبداد.
وندد الحقوقي المغربي بما يتعرض له أعضاء من «الجماعة» من استهداف طال سكنهم وشغلهم بسبب ممارساتهم السياسية وآرائهم، مطالباً الدولة برفع يدها عن رقاب الشعب المغربي وتمكينه من العيش الكريم، مع وقف التضييق والمنع والحصار الذي تتعرض له القوى الحية ومنها «الجماعة».
واعتبر أصحاب البيوت أن التشميع اعتداء فاضح على حرية الملكية، واصفين المبررات المعتمدة في ذلك بالواهية والتي لا تستند إلى قوة القانون، وأنها قرارات سياسية، هدفها إسكات الأصوات الحرة في هذا البلد، وحمل أصحاب البيوت المشمعة المسؤولية الكاملة للدولة، لأن بيوتهم عرضة للسرقة من قبل اللصوص والمجرمين.
وقال عبد الرزاق بوغنبور، منسق لجنة التضامن مع أصحاب البيوت المشمعة، إن الوقفة جاءت للتنديد في تنامي قرارات تشميع البيوت لأعضاء من الجماعة، واصفاً إياها بالتعسفية وذات الجوهر السياسي المغلف بقرارات محلية. واعتبر أن قرارات التشميع تمييز في حق مواطنين بسبب انتمائهم السياسي، وأن ما يحدث يمثل خطوات عدائية وانتقامية لا تستند على أسس قانونية واضحة، وهي استمرار لمسلسل التضييقات والمحاكمات التي أطلقتها الدولة ضد أعضاء الجماعة منذ 2006.
وأضاف أن التشميع اعتداء على الحق في السكن وفي الملكية الخاصة، ومظهر من مظاهر الردة الحقوقية، التي تؤكدها جميع الفعاليات الحقوقية في المغرب، مشيراً إلى أن الهدف من الإجراءات التعسفية في حق الجماعة هو كبح جماحها بأفق إخضاعها وإدخالها بيت الطاعة.
وأكدت لجنة التضامن في بيان تلي في ختام الوقفة على أنها ستتخذ مبادرات سلمية جديدة ضد هذه الممارسات الخطيرة، مع مراسلة المنظمات الحقوقية الدولية، وأكدت أنه لا نموذج تنموياً بشكل أفقي ممنوح، والجماعة مضطهدة والمغاربة مضطهدون، داعية الهيئات الحقوقية والسياسية إلى رص الصفوف للرد على هجمة الدولة على الحقوق والحريات، من باب «اليوم علينا وغداً عليكم».
واعتبر حقوقيون في طنجة أن تشميع بيوت قيادات في جماعة «العدل والإحسان»، هو مس بحق من الحقوق الأساسية والفردية للإنسان، مطالبين برفع هذا الظلم.
ونطمت وقفة تضامنية أمام بيت عز الدين نصيح، عضو مجلس شورى الجماعة، في طنجة، بمناسبة مرور سنة على تشميعه حضرتها شخصيات حقوقية وجمعوية وسياسية من مدينة طنجة، وقال محمد العربي بن رحمون، وهو محام وفاعل جمعوي، إن تشميع بيت نصيح هو مساس بحق من الحقوق الأساسية والفردية للإنسان، ومناف للأخلاق بصفة عامة لأنه لا يحترم حرمة البيوت.
وأكد الباحث خالد العسري على أن «ما تقوم به السلطات يعتبر حملة غير مسبوقة، لم تكن حتى في مرحلة سنوات الرصاص، في الماضي لم يكن هناك تشميع للبيوت، لم تكن هناك متابعات في الوظيفة العمومية، وهذه أمور تضرب حق الناس في حقوقها الأساسيةإ وإن حرمان شخص ما من دخول بيته هو «فعل غير إنساني»، مطالباً بممارسة السياسة بفعل إنساني وليس بشكل قمعي متهور، مؤكداً على أن عملية تشميع البيوت لا توجد في أي مكان من العالم، وهي مؤشر على تردي الأوضاع الحقوقية والسياسية.
وقال عز الدين نصيح، صاحب البيت المشمع، إن «هذا الاحتجاج يأتي بعد مرور سنة على تشميع بيتي، حيث أقدم المخزن في مثل هذه الأيام من السنة الماضية على اقتحام بيتي وذلك في الصباح الباكر وفي غيابي، فكسروا الأقفال، وتسلقوا الأسوار، دون إذن السلطات القضائية، ولا حتى إشعاري، وعبثوا بالبيت فساداً».
وأضاف القيادي في الجماعة أنه منذ ذلك الحين وهو «ممنوع من ولوج البيت رغم علم السلطات وعلم الجيران، أن هناك متسكعين ومتشردين دخلوا بيتي، وتلاعبوا بممتلكاتي هناك، ومع كل هذا لم يسمح لي بالدخول، وهو في حالة مزرية ويتعرض للتدهور بشكل مستمر». وطالب برفع «الظلم وهذا الشطط عني، وأن يعاد لي بيتي ويسمح لي ولأبنائي الاستمتاع به، وأستضيف فيه من شئت وأفعل فيه ما شئت ما دام العمل غير خارج عن القانون»، مؤكداً أنه «ما ضاع حق وراءه طالب، وأنا وراء حقي ومعي الله سبحانه وتعالى».