انقلبت الآية: خصوم دياب يقدّمون له الدعم ومن سمّاه للتكليف يتمنى اعتذاره

عند تسمية الرئيس المكلف ​حسان دياب​ لتشكيل ​الحكومة​ قام عليه الشارع السنّي المناصر ل​تيار المستقبل​، والشق السنّي في ​الحراك الشعبي​، فأُطلقوا عليه تسميات مختلفة، فمرة اعتبروه “سوري الجنسية” ومرشح ​سوريا​، ومرة أعتبروه تابعا ل​حزب الله​، ومرة أخرى وجدوا فيه شخصية ضعيفة ستكون “دمية” داخل الحكومة، وكان الدفاع عنه يأتي ممّن سمّوه، مطالبين بإعطائه الفرصة لإبراز ما لديه.

اليوم، يمكن القول أن دياب أبرز ما لديه، فظهر بشخصية قوية، صلبة وعنيدة، حتى باتت فكرة وجود داعمين خارجيين له معقولة، فالرجل خلال المفاوضات لم يتراجع عن شروطه، تماما كما لم يتراجع عن تكليفه رغم الحرب التي شنّها تيار المستقبل عليه والتي بدأت فور إعلان إسمه في ​بعبدا​، بل أصر على التشكيل وتحمل المسؤوليات.

انزعجت ​الكتل النيابية​ التي سمّت دياب من طريقة مقاربته للأمور، وإصراره على شروط شكلية يمكن التخلي عنها في سبيل الهدف الأكبر وهو ولادة الحكومة، وهذا الانزعاج بان في أكثر من تصريح لمسؤولين في هذه الكتل، حتى بات يشعر ​اللبنانيون​ بأن من سمّى دياب يريد اعتذاره، لعدم تجاوبه معهم. ولكن بعد أن لمست هذه الكتل إصرار رئيس الحكومة المكلف على “اللاءات الثلاث”، وأهمها “لا للإعتذار” قرروا تغيير قواعد اللعبة، وانتقلوا الى مرحلة تسهيل التشكيل والبقاء خارج الحكومة، الأمر الذي أراح خصوم دياب الذين يتحوّلون يوما بعد يوم من مرحلة الخصومة معه الى مرحلة الدعم له.

انقلبت الآية، فبات خصوم دياب من الداعمين له، والداعمين له من المتمنّين لرحيله، وهذا الدعم الذي أظهره خصوم الأمس وصل على لسان وزير الداخلية السابق ​نهاد المشنوق​ الذي ذهب بعيدا في إظهار عاطفته، فوصل به الأمر لإطلاق التهديد بإراقة الدماء بحال لم يتم تشكيل ​حكومة تكنوقراط​ عاقلة تقترح إصلاحات اقتصادية ونقدية تنظّم الخراب الذي أصابنا وتتصالح مع المشروعيّتين العربية والدولية، أو أنّ المواجهات في الشارع ستزداد عنفاً بعد التحاق عناصر أحزاب التكليف بالإنتفاضة وصولاً الى إراقة الدماء، مبرراً هذا الموقف بأن دياب ساهم في استعادة بعض الصلاحيّات المهدورة، و”هو يدفع اليوم ثمن تمسّكه بها”.

هذا المشهد، قد يعود إلى الإنقلاب من جديد في الأيام المقبلة، لا سيما إذا ما صحت المعلومات عن أن رئيس الحكومة المكلف سيقدم تشكيلته خلال 24 ساعة، بالتوافق مع أركان الأكثرية النيابية أو بغطاء منها حتى ولو لم يتجاوب مع جميع مطالبها، وبالتالي يعود أركان قوى الرابع عشر من آذار، أو الذين لم يساهموا في تسميته، إلى التصويب عليه من جديد، تحت العناوين السابقة التي رُفعت لدى تكليفه من قبل الأكثرية النيابية، وهو ما سيستمر في المرحلة التي ستلي التشكيل، نظراً إلى أن أغلب القوى السياسية لا تزال تعتمد، في التعامل مع ​الأزمة​ الراهنة، نهج الكيديّة السابق.

وسط ذلك، برز في ​الساعات​ الماضية كلاما عن أن ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ يتّجه للدعوة إلى طاولة حوار وطني، للبحث في كيفية الخروج من الأزمة والنهوض بالبلد مجدداً، فهل ستكون المخرج لتشكيل حكومة بالصيغة التي يريدها دياب، مقابل إنتقال القوى السياسية إلى طاولة حوار تستطيع من خلالها تقديم مشاريعها وأفكارها، رغم أن التجارب السابقة على هذا الصعيد غير مشجعة؟.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *