الرد على إغتيال سليماني لم ينته… كيف سيتعامل ترامب مع الضربة الأولى؟

على وقع القلق من إندلاع مواجهة كبرى على مستوى منطقة ​الشرق الأوسط​، إستفاق ​العالم​، فجر اليوم، بعد الرد الإيراني على عملية إغتيال قائد ​فيلق القدس​ في ​الحرس الثوري الإيراني​ ​قاسم سليماني​ في ​العراق​، بعد أن قررت ​طهران​ الإنتقام من خلال إستهداف الحرس الثوري لقواعد عسكرية أميركيّة في العراق.
في التوقيت كان الردّ الإيراني مماثلاً لذلك الذي إختارته ​الولايات المتحدة​ لإغتيال سليماني، وفي الجغرافيا تم إختيار الساحة نفسها أيّداخل الأراضي العراقية، أما في الشكل فقد كان لافتاً أنه تمّ قبل أن يوارى القائد السابق لفيلق القدس الثرى، لكن في المضمون من الممكن طرح مجموعة من التساؤلات التي ستكشف ​الساعات​ القليلة المقبلة الإجابة عنها.
في هذا السياق، عمد الحرس الثوري إلى إطلاق مجموعة من التهديدات، بالتزامن مع العمليّة التي نفذها إنتقاماً لإغتيال سليماني، ضدّ ​واشنطن​ والدول الحليفة التي تحتضن قواعد عسكريّة أميركيّة على أراضيها، في حال الرد على الخطوة التي أقدم عليها، والتي يوحي الموقف الذي أطلقه وزير الخارجية ​محمد جواد ظريف​ بأنه لا يراد منها أن تقود إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، حيث أكد أن بلاده خلصت إلى “تدابير متناسبة في الدفاع عن النفس، بموجب المادة 51 من قاعدة استهداف ميثاق ​الأمم المتحدة​، التي بدأ منها الهجوم المسلح الجبان ضد مواطنينا وكبار المسؤولين”، مشدداً على أنها لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب لكنها ستدافع عن نفسها ضد أيّ عدوان.
في المقابل، سعت الولايات المتحدة، في ردّة الفعل الأوليّة، إلى التقليل من حجم الردّ الإيراني، رغم حالة الإستنفار التي شهدتها الإدارة الأميركيّة، والتي ترجمت بالإجتماع الأمني في ​البيت الأبيض​، الذي ضم كل من الرئيس ​دونالد ترامب​ ووزيري الخارجية ​مايك بومبيو​ والدفاع مايك إسبر ورئيس هيئة الأركان ​مارك ميلي​، حيث ذهبت إلى التأكيد بأن ​الصواريخ​ الإيرانيّة أخطأت أهدافها، وبأنها لم تؤدّ إلى سقوط إصابات في صفوف الجنود الأميركيين، ما قد يدفع واشنطن إلى التغاضي عن الردّ.
في هذا الإطار، من المفترض إنتظار الموقف النهائي، الذي سيعلنه الرئيس الأميركي في الساعات المقبلة، لمعرفة توجهات واشنطن الحقيقيّة، وبالتالي حسم مسألة عدم ذهابها إلى الرد، الأمر الذي يتوقف دون أدنى شك على حجم الخسائر، لا سيّما إذا ما عادت واشنطن لتأكيد سقوط قتلى في صفوف جنودها، إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ المواجهة بين الجانبين انتهت، نظراً إلى أنّ الردّ الإيراني لن يتوقّف عند هذا الحد.
في الأيام الماضية، كانت طهران قد حدّدت، بالتضامن مع القوى المنضوية في صفوف محور ​المقاومة​، سقف المواجهة مع واشنطن على مستوى المنطقة بالسعي إلى إخراجها منها، وبالتالي المتوقع أن يتحوّل الردّ إلى أشكال مختلفة من المواجهة، التي تبدأ من السعي السياسي إلى ترجمة التوصية الصادرة عن ​البرلمان العراقي​ بإخراج القوّات الأجنبيّة من البلاد، وتشمل عودة العمليّات العسكريّة التي تستهدف القوّات الأميركيّة لإجبارها على المغادرة، من المفترض أن تتولى القيام بها الفصائل العراقيّة التي تنتمي إلى هذا المحور بشكل أساسي، لا سيما أنّ معظمها كان قد هدّد بالعودة إلى هذا الخيار في حال لم تقرّر الولايات المتّحدة الإستجابة لطلب الإنسحاب.
من حيث المبدأ، لن تكون واشنطن، التي كانت المبادرة إلى رفع سقف التصعيد إلى حدود غير مسبوقة بإغتيال سليماني، في وارد مغادرة العراق بسهولة، نظراً إلى الأهميّة التي يشكّلها بالنسبة لها على أكثر من صعيد، وهو ما عبّرت عنه بعد توصية البرلمان العراقي، وبالتّالي من المتوقّع أن تذهب أيضاً، في المرحلة المقبلة، إلى خطوات تصعيديّة على المستويين السياسي والعسكري، لا سيما أن ترامب لن يكون قادراً على خسارة من هذا النوع قبل موعد الإنتخابات الرئاسيّة المقرّرة في شهر تشرين الثاني المقبل.
في المحصّلة، المنطقة أمام مجموعة من السيناريوهات التي تتوقف على ردّة الفعل الأميركيّة، بعد تبيان حجم الخسائر التي تعرضت لها بشكل نهائي خلال ساعات، والّتي قد تذهب واشنطن إلى عدم الإعلان عنها لتفادي التصعيد، لكن الأكيد أن الساحة العراقيّة ستكون المسرح الأساسي للأحداث، في المرحلة المقبلة، على المستويين السياسي والعسكري.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *