صمت.. صدمة.. تكتيك.. أم وجوم؟ يمكن ببساطة اختيار أي واحدة من المفردات المشار إليها في محاولة ستكون على الأرجح بائسة وغير منتجة لفهم واستدراك أسباب “الصمت المريب” والغريب للحكومة الأردنية إزاء تصريحات السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان تحدث فيها علنا وبصفاقة عن “احتلال الأردن للضفة الغربية لـ19 عاما”.
غريب جدا سياسيا وإعلاميا ووطنيا ألا ترد أو تعلق أي مؤسسة حكومية أردنية على تلك التصريحات.
“صمت” وزارة الخارجية كان ملفتا خصوصا وأن الوزير أيمن الصفدي يعلق على الأحداث وبنشاط عبر “تويتر” على الأقل.
الأغرب فعلا هو ما حصل لاحقا حيث البيان المعترض اليتيم أردنيا على تصريحات فريدمان صدر عن حزب المعارضة الأردني الأبرز في جبهة العمل الإسلامي وهو حزب يمثل الإخوان المسلمين وغالبا ما تتهمه السلطات وأذرعها في الإعلام الرسمي بـ”أجندة غير أردنية”.
فريدان قال ما لم يقله من قبل أي “أمريكي” سابقا حتى ولو من باب الدعابة.
السفير الأمريكي لم يقف عند اعتبار الوجود الأردني بين عامي 1948 و1967 مجرد “احتلال ” بل وصف الضفة الغربية بأنها “يهودا والسامرا” واعتبرها “أرضا لليهود فقط” وينبغي أن يقر العالم بذلك.
قبل ذلك، فاجأ فريدمان الأردنيين بجملة “سامة للغاية” عندما شرعن مسبقا ضم الأغوار وشمال البحر الميت وتحدث عن انعاش اقتصادي يضمن لأهالي الضفة الغربية فقط “حق التنقل”.
الأخطر هو ما يلي حسب فريدان: الإدارة الأمريكية ستؤكد على هذه الحقائق التي تمثل الواقع .. وقد تفعل قريبا ضمن معطيات ما يسمى بصفقة القرن.
عمليا لم يصدر أي تعليق رسمي أردني لا عن الحكومة ولا عن الخارجية ولا عن مجلس النواب أو حتى أحزاب الوسط واليسار أو أي شخصية “رسمية”.
هل للصمت الأردني علاقة بوجود “تأكيدات معاكسة” أو علاقة بالصبر قبل أن يحضر إلى عمان السفير الأمريكي الجديد المعين بصلاحيات واسعة كما يقال!.
الإجابة غير متاحة على السؤال.
لكن المفارقة بدت كبيرة جدا فالجهة الوحيدة التي تصرفت وردت وناقشت السفير فريدمان ممثلة بحزب المعارضة الإسلامي، إذ استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي بشدة تصريحات السفير الأمريكي، والتي قال الحزب إنها “تزور التاريخ عبر وصف التواجد الأردني في الضفة الغربية بين عامي 1948 و 1967 بالاحتلال، وادعاء أنها أراض تابعة لسيادة الكيان الصهيوني”، مطالبا وزارة الخارجية باتخاذ مواقف واضح وعلني تجاه هذه التصريحات لما تمثله من إساءة للأردن وانحياز فاضح للاحتلال.
أكد الحزب في بيان على ان هذه التصريحات وما سبقها من تصريحات حول مساعي الإدارة الأمريكية الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على أراضي الضفة الغربية، إنما تعكس الانحياز الأمريكي الفاضح للاحتلال الصهيوني وفشل رهان الأنظمة العربية على أمريكا كوسيط لما يسمى بمسار التسوية الذي ثبت فشله في استعادة الحقوق الفلسطينية، بحيث باتت الإدارة الأمريكية تزاود على اليمين الصهيوني عبر مواقفها الداعمة لجرائم الاحتلال واعتداءاته على الأرض والمقدسات.
ودعا الحزب الحكومة للتحرك في “مواجهة السياسات الأمريكية التي تستهدف الأردن عبر السير فيما يسمى بصفقة القرن التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية وتهدد أمن الأردن واستقراره ونظامه السياسي، مما يتطلب توحيد الجبهة الداخلية وبناء رؤية وطنية توافقية لمواجهة هذه التحديات والتهديدات”.