حذرت الإدارة الأمريكية مصر من المضي في صفقة مقاتلات روسية الصنع، وإلا فرضت عليها عقوبات.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير حصري لها أن التحذير يعد مصدرا للتوتر بين البلدين خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالما مدح رئيس مصر.
وقالت فيفيان سلامة في تقريرها، إن التحذير ورد في رسالة يوم الأربعاء لوزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر حثّا فيها وزير الدفاع المصري على إلغاء صفقة طائرة سوخوي الروسية (سو-35).
وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها صحيفة “وول ستريت جورنال” إن مضي مصر في الصفقة يعني وقوعها تحت طائلة العقوبات الأمريكية نظرا لحظر القانون الأمريكي شراء أسلحة من روسيا.
وورد في الرسالة: “صفقات أسلحة وذخائر كبيرة يعقّد من التعاقدات الدفاعية المستقبلية والدعم الأمني لمصر”. وقدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية واقتصادية بمليارات الدولارات لمصر في العقود الماضية، بما في ذلك بيعها مقاتلات إف-16 ومروحيات قتالية وغير ذلك.
وتبنت روسيا سياسة متقدمة في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، وقدمت دعما عسكريا مهما لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وباعت نظام صواريخ لتركيا حليفة أمريكا.
وتم إرسال الرسالة مع وصول وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى القاهرة في زيارة من أجل بحث التعاون العسكري مع مصر. وتبحث مصر عن طرق لتقوية تحالفها مع روسيا حيث وقّعت في بداية هذا العام اتفاقا بملياري دولار مع موسكو لتزويدها بـ20 مقاتلة من نوع “سو-35”.
وحذرت وزارة الدفاع الأمريكية قائد سلاح الجو المصري بشكل شخصي من تداعيات مواصلة عملية الشراء حسب مسؤول في الإدارة الأمريكية. وقال مسؤول في الخارجية الأمريكية إن الإدارة لا تعلق على “الوثائق المسربة” إلا أن الولايات المتحدة حثت كل حلفائها وشركائها على التخلي عن العقود مع وزارة الدفاع الروسية والقطاع الاستخباراتي، وأكدت أن المضي في التعاون يعني العقوبات.
ولم تعلق لا وزارة الدفاع ولا الخارجية، كما لم ترد الحكومة المصرية للتعليق على الخبر. وبموجب قانون مواجهة أعداء أمريكا عبر العقوبات والذي يستهدف الصناعة الدفاعية والعسكرية الروسية، يتم فرض العقوبات على مصر لو مضت في مساعيها للحصول على الأسلحة الروسية.
وكانت الرسالة واضحة من “تعرض مصر للعقوبات بناء على هذا القانون لو استلمت المعدات العسكرية الروسية الجديدة”. ويشبه التهديد ما قامت به الحكومة الأمريكية بتهديد تركيا هذا العام وحذرتها من شراء منظومة صواريخ إس-400 من روسيا والتي عارضتها أمريكا وحلف شمال الأطلسي، باعتبارها تهديدا على أمن الحلف الذي تنتمي إليه تركيا.
وعقد الرئيس ترامب والمشرعون الجمهوريون يوم الأربعاء لقاء في البيت الأبيض مع الرئيس أردوغان لمناقشة المنظومة الروسية، إلا أن اللقاء لم يثمر عن نتائج. ورفض ترامب فرض العقوبات على تركيا مؤكدا على أهمية التعاون معها، لكنه قرر تعليق تسليم الدفعة الجديدة من مقاتلات إف-35 إلى تركيا، بعدما مضت في شراء المنظومة الروسية.
وعبرت وزارة الدفاع الأمريكية عن مخاوفها من أن يتم استخدام رادار إس-400 لجمع المعلومات عن المقاتلات الأمريكية إف-35 لو تم تسليمها إلى تركيا. واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيع النظام إلى تركيا مهماً، حيث اشترى للرئيس أردوغان أيس كريم في معرض للطيران بموسكو في آب/ أغسطس.
وناقش بعض المسؤولين في الإدارة الصفقة المصرية مع روسيا في سياق التحركات التي اتخذت ضد أنقرة، وقال مسؤول: “لقد أخرجنا تركيا من برنامج إف-35 وهي عضو في الناتو”.
ويقول مسؤول مطّلع على المحادثات الأمريكية- المصرية إن المسؤولين المصريين طالما حثّوا الإدارة على الوفاء بما تعهد به ترامب بعد لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2018، وبيع مصر مقاتلات إف-35.
وجاء الطلب بعد مناقشات أمريكية – مصرية “رغم الرفض الدائم على كل المستويات” في الإدارة على بيع المقاتلات لمصر. ولهذا بدأت القاهرة إجراءات الشراء من روسيا.
ولكن مشكلة مصر تختلف عن تركيا، فهناك منع تام من البنتاغون لبيع إف-35 لدول في الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل. ومن المتوقع أن يظل الحظر قائما رغم تعهد ترامب عام 2018 بيعها لمصر. وعبّرت الإمارات العربية المتحدة عن رغبة بالشراء، ولكن طلبها رفض كما يقول المسؤولون.
وفي الوقت الذي يعد الجيش المصري الأكبر في الشرق الأوسط، إلا أن المسؤولين في الإدارة عبّروا عن شكوكهم بقدرة مصر على دفع ثمن الطائرات التي تكلف الواحدة منها 80 مليون دولار.
وتعود العلاقات المصرية- الروسية إلى ثورة عام 1952، وعندما تراجع الإتحاد السوفييتي انتهزت أمريكا الفرصة لتقوية العلاقات مع مصر.
ووصل السيسي إلى السلطة عبر انقلاب في عام 2013 ويتهم نظامه بالقمع وانتهاك حقوق الإنسان وسجن المعارضين وتعذيبهم وقتلهم ومنع المعارضة السياسية، وذلك حسب تقارير أصدرتها الأمم المتحدة والخارجية الأمريكية والمنظمات غير الحكومية. ومدح ترامب السيسي واعتبره “صديقا” و”زعيما حقيقيا” ووصفه في قمة الدول السبع بـ”ديكتاتوري المفضل”.