أردنيون لأول مرة في سجون العدو الصهيوني والسعودية و«بالتهمة نفسها» الأسيرة «هبة اللبدي» ألهمت الشارع

يختصر القطب البرلماني الأردني البارز خليل عطية مسافة متجهة بكثافة نحو التأشير إلى إحدى تجليات أزمة داخلية في العلاقات الأردنية السعودية، وسط انطباع شعبي عام بدأ يهتم أكثر ولأول مرة بملف الأردنيين في سجون الخارج.
جرعة الانتقاد شديدة ومكررة بالنسبة إلى عطية وهو يحاول تقييم الجهد الحكومي في متابعة مصالح أردنيين تعتقلهم دول مجاورة يفترض أن تكون صديقة أو شقيقة، ولا تفعل الحكومة ما ينبغي فعله للمتابعة، كما أوضح عطية مباشرة لـ»القدس العربي».
النائب البارز كان سباقاً في الضغط الشديد على الحكومة لدفعها لمحاولة الضغط بدورها على الكيان الصهيوني حتى تفرج عن شابين أردنيين تم توقيفهما إدارياً مؤخراً، وتتجاهل تل أبيب كل تدخلات سفارة عمان بشأنهما.
نجحت الأسيرة الأردنية هبة اللبدي تحديداً في لفت الأنظار، بالتعاون مع النائب عطية، إلى ملف يتدحرج في الشارع الأردني بعنوان «أبناؤنا في الخارج».
الاحتلال الإسرائيلي كان قد احتجز الأسيرة الشابة بظروف قاسية وغير قانونية وجدد توقيفها إدارياً بعد اعتقالها خلال زيارة لها للضفة الغربية ولأقارب لها هناك.

حجم التعاطف الشعبي الأردني مع الأسيرة الشابة كان كبيراً، ونظمت اعتصامات تطالب بالإفراج عنها وعن أسير شاب آخر مصاب بالسرطان هو عبد الرحمن مرعي.
هذا النشاط الذي يتضامن معه آلاف الأردنيين أحرج الحكومة الأردنية، التي ظهر أن تأثيرها في العمق الإسرائيلي محدود جداً وليست في موقع إقناع المخابرات الإسرائيلية بالإفراج عن الأسيرين.
الأهم، وهو ما يلفت النظر إليه عطية وغيره، هو التعقيدات التي تنتج عن «اعتقالات مقصودة» من الجانب الإسرائيلي بهدف التحقيق المفصل مع «أردنيين» يزورون الكيان تحت مظلة وعنوان السلام الدافئ بين البلدين.

عنوان أزمة حقيقية

والأسيرة اللبدي تحديداً، كفتاة شابة، أصبحت عنواناً لأزمة حقيقية بين الأردن وسلطات الاحتلال الإسرائيلية، يمكن التحدث عنها في عدة مسارات واتجاهات، خصوصاً أن الجانب الإسرائيلي لا يحدد الاتهامات ويتوسع بها ويتذرع بالاعتبارات الاستخباراتية التي لا يعلم شريك السلام الأردني عنها شيئاً.
لاحقاً، تطور الموقف الشعبي الأردني، ونظمت حملة شعبية تطالب بالإفراج عن «جميع الأردنيين» في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد التعنت الملموس والتجاهل في ملف الأسيرين مرعي واللبدي، حيث استذكر الأردنيون هنا المشهد القريب حين أفرجت السلطات عن موظف دبلوماسي إسرائيلي قبل أكثر من عام قتل بدم بارد أردنيين داخل السفارة، وبعد تسليمه تم تكريمه من قبل بنيامين نتنياهو.
بكل حال، الشارع الأردني وبدعم من شخصيات بارزة وعدة مؤسسات مدنية وحملات إلكترونية، يضغط بشدة الآن على حكومته لتأمين الإفراج عن نحو 22 أردنياً تعتقلهم إسرائيل.
هنا حصرياً أسست رسالة مناشدة وجهها النائب عطية إلى ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز لمقاربة سياسية من وزن دول شريكة وصديقة وشقيقة تعتقل، تعسفياً، مواطنين أردنيين ودون أن تتدخل سلطات بلادهم أو تتحرك للإفراج عنهم.
رسالة عطية هنا للملك سلمان طالبته بالإفراج عن «أولادنا» وإعادتهم إلى أحضان الوطن.

22 أردنيا محتجزون في السعودية

والحديث هنا طبعاً عن نحو «22» أردنياً، من المرجح أن السعودية تحتجزهم ويحملون الجنسية الأردنية ضمن حملة اعتقالات لأردنيين وفلسطينيين متهمين بالتعاطف مع حركة حماس. وحسب الكاتب الإسلامي حلمي الأسمر، لا يزال نحو 60 شخصاً خلف القضبان بظروف سيئة وحالة غياب قسرية ودون إجابات من الجانب السعودي.
ويبرز ملف المعتقلين الأردنيين لأسباب «سياسية» وليس «جنائية» في السعودية اليوم بالتزامن مع ملف الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية، الأمر الذي بدأ يتردد ولأول مرة على نحو سياسي وإعلامي وجماهيري في الشارع الأردني.
عملياً، العلاقات أصلاً مع الرياض وتل أبيب معقدة في الواقع، ومليئة بالألغام، ولا تحتاج إلى مزيد من التعقيدات، خصوصاً أن التهمة في الجانبين تثير موقفاً وجدانياً، حيث يعتقل الأردنيون في السعودية وإسرائيل بالتهمة نفسها تقريباً في مفارقة تكشف عنها اليوم أدبيات الحراك الشعبي المحلي الأردني بعنوان «أولادنا في السجون» .
التهمة في الحالتين على الأقل هي التقارب من حماس أو التعاطف معها ومع المقاومة الفلسطينية.
وهذه مفارقة تؤسس للمساحة السياسية التي تؤمن اليوم بأن نمو «التوافقات» بالباطن بين السعودية وأطراف في إسرائيل اليمينية هو بحد ذاته من العناصر التي تضغط بشدة على الدور الأردني وتزاحم المصالح الأردنية، وتؤدي إلى تشويش كل المعطيات، بدلالة أن العلاقات الأردنية مع اليمين الإسرائيلي ومع تيار ولي العهد محمد بن سلمان في «أسوأ» أحوالها، بالتزامن.
وهنا ليس صدفة إنتاج الانطباع بأن السعودية والكيان الصهيوني تتماثلان أيضاً في ملف وجود معتقلين أردنيين في سجونهما بسبب تأييد المقاومة.
وقد تكون صدفة بحتة مسألة العدد أيضاً، حيث «22» أردنياً بالعدد بالمعنى القانوني والوثائقي في سجون الجانبين، اللذين يفترض أنهما أقرب صديقين للمملكة الأردنية الهاشمية، في واحدة من المفارقات السياسية التي التقطتها بوصلة الشارع الأردني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *