فيسك: لا ألوم اللبنانيين المحتجين فهم فقراء وجوعى وغاضبون

علق الصحافي البريطاني المقيم في بيروت منذ عقود، روبرت فيسك، على الاحتجاجات الحاشدة التي عمت لبنان مطالبة برحيل الحكومة قائلا: “اعتقدت أن الأيام التي كنت أركل فيها الإطارات المحترقة من الشوارع قد انتهت. فقد كنت أنظف الطريق في بلفاست عام 1971 وفعلت نفس الأمر في بيروت”.

وفي مقاله الذين ينشره بصحيفة “إندبندنت” بعنوان “لا ألوم مثيري الشغب اللبنانيين على إشعال بيروت فهم فقراء وجوعى وغاضبون”، أضاف أن سائقه سليم انتظره بصبر وهو يصافح مسلحا محليا ويوضح له السبب الذي يجعله يريد الوصول إلى الدامور التي تبعد 12 ميلا عن العاصمة بيروت، و”رفعت في وجهه بطاقتي الصحافية اللبنانية وقمت مستخدما حذائي البني بركل إطاراته المشتعلة من الطريق السريع”، مضيفا أنها كانت حارة ومجرد النظر إليها أضر بعينيه.

ولاحظ أن السائقين اللبنانيين خلفهما أرجعوا سياراتهم مثل “الأرانب” وعادوا إلى بيوتهم. واستطاعا المرور وساقا السيارة لمدة طويلة وضحكا عما فعلاه و”لكنه كان أمرا خطيرا” فقد نصحت الشرطة سائقي المركبات بالعودة إلى بيوتهم، فالنظام والقانون أهم من الحق القانوني بالمرور، ولكنه مع سائقه تمتعا بحقهما بالمرور. وأضاف أن معظم من أشعلوا الإطارات هم عناصر في حركة أمل، المنظمة الشيعية التابعة لرئيس البرلمان نبيه بري، وهو ما قالوه له ولم يناقشهم في هذا.

ويعلق فيسك بأن هذا يقول كل القصة و”لا ألومهم على أعمالهم، فلبنان لم يكن أبدا بلدا غنيا -باستثناء التجار السنة والمصرفيين المسيحيين- فهؤلاء ليس لديهم قوت يومهم، وقاموا لعدة أيام بالاحتجاج على وضعهم، فقد انخفضت قيمة الليرة اللبنانية وزادت أسعار الطعام. و”لم أندهش لكل هذا، ولكن كان هناك شيء مفاجئ بشأن كل هذا، فقد اشتعلت النيران في لبنان وعلى مدى الأسبوع، حيث اشتعل اللهيب في أشجار الصنوبر مصدر الفخر اللبناني وسفوح الجبال الرائعة. ولم تقم الحكومة بصيانة ثلاث مروحيات لمواجهة الحرائق وظلت قابعة في بيروت، واحتاجت لمساعدة من قبرص واليونان والأردن لكي تطفئ طائراتها الحرائق.

ويشير إلى أن السماء يوم الأربعاء أرسلت أمطارها وغمرت البلاد بالمطر والعواصف التي حملت الرمل والرماد من الجبال المحترقة. ويعلق فيسك أن هناك أمرا مهما وخطيرا يحدث؛ فالغضب اللبناني ليس فقط فورة ميليشيا وليس لأن الناس العاديين جوعى؛ ولكن بسبب النظام الظالم: ضرائب جديدة وأسعار ترتفع باستمرار مما يجعل من الصعوبة بمكان أمام الناس العاديين العمل والحصول على المال لشراء الطعام.

ويتابع الكاتب قائلا بأن كل الشقق في العمارات في الكورنيش حيث يعيش أو شارع باريس فارغة تقريبا باستثناء العمارات الصغيرة التي يشترك فيها الناس، مثل عمارته. ولا شيء سوى الظلام. و”يمكن قيادة سيارتك من الشارع حتى مركز بيروت ولا ترى إلا الظلام، لأن هذه العمارات والشقق هي استثمارات للعراقيين والسعوديين والسوريين الذين لا يعيشون فيها. وفي بلد يعيش فيه الفقراء بسهل البقاع واللاجئون السوريون والفلسطينيون الذين لا أحد يتحدث عنهم لأنهم بقايا الحطام من حروب إسرائيل ويعيشون في أكواخ- تجد هذه البنايات العظيمة تقف منتصرة فارغة وثرية وكعار. ولهذا أخشى من رؤية إطارات محترقة كثيرة في الطريق”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *