غزة تحيي جمعة «لا للتطبيع»… والهيئة الوطنية تؤكد استمرار الاحتجاجات… والحية: جريمة التطبيع جرّأت الاحتلال على القدس

شاركت حشود كبيرة من سكان قطاع غزة، في فعاليات الجمعة الـ 79 لـ «مسيرات العودة» على الحدود الشرقية للقطاع، والتي حملت هذا الأسبوع شعار «لا للتطبيع»، حيث اندلعت مواجهات شعبية في المناطق الحدودية القريبة من مخيمات العودة، أسفرت عن سقوط العديد من الجرحى.
وكعادة أيام الجمع الماضية، وصل المشاركون في الفعاليات لتلك المخيمات المقامة على الحدود الشرقية لمدينتي خانيونس ورفح جنوبا، ومخيم البريج وسط وغزة وجباليا شمال القطاع، عصر الجمعة، تلبية لدعوات الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة.
وقام الشبان المشاركون أمس برشق جنود الاحتلال المتخفين خلف ثكنات عسكرية وداخل آليات مصفحة، بالحجارة عبر مقاليع مصنوعة من الحبال، في إطار المواجهات الشعبية التي اندلعت في تلك الأماكن، فيما رد جنود الاحتلال فور وصول المتظاهرين بإطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن عددا من الإصابات وقعت في صفوف المتظاهرين، وأن طواقم المسعفين تمكنت من نقل العديد من الإصابات لمشافي القطاع، فيما جرى تقديم العلاج الميداني لآخرين أصيبوا بجروح بسيطة في النقاط الطبية المقامة في مخيمات العودة.
وقد استبق جيش الاحتلال كما الجمع الماضية وصول المتظاهرين، ودفع بمزيد من التعزيزات العسكرية على طول حدود غزة، ومن بينهم أفراد من وحدات القناصة، تماشيا مع الخطة المتبعة منذ انطلاق مسيرات العودة قبل أكثر من عام ونصف، والتي تشمل رفع مستوى الاستعداد للاشتباكات، واللجوء إلى استخدام «القوة المفرطة والمميتة»، ضد المتظاهرين السلميين.
وبشكل مستمر تؤكد المراكز الحقوقية، التي ترصد اعتداءات الاحتلال، أن تلك القوات لا تزال مستمرة في استخدام «القوة المفرطة» ضد المتظاهرين السلميين، حيث تكرر دعواتها لــ «تدخل دولي عاجل» لوقف هذا الأسلوب.
بشار إلى أن فعاليات الجمعة هذه جاءت في ظل تواصل حالة الهدوء، السائدة منذ نحو شهر في القطاع، والتي جاءت بعد تدخلات وسطاء التهدئة واتصالات أجريت مؤخرا مع الأطراف المعنية، في إطار العمل على منع التصعيد العسكري مرة أخرى.
وفي هذا السياق استقبلت العاصمة المصرية القاهرة، وفدا قياديا رفيعا من حركة الجهاد الإسلامي قدم من الخارج ومن قطاع غزة بقيادة الأمين العام زياد نخالة، حيث بحث الوفد مع المخابرات المصرية أحد وسطاء التهدئة العديد من الملفات المشتركة من بينها ملف التهدئة.
يشار إلى أن تنظيم فعاليات الجمعة بعنوان «لا للتطبيع» جاءت في إطار الرفض الفصائلي والشعبي لعمليات التطبيع التي تجري بين دول عربية وإسرائيل سواء السياسي أو الاقتصادي أو الرياضي، وفي ظل الرفض الذي عبرت عنه فصائل فلسطينية، لزيارة المنتخب السعودي لكرة القدم للضفة الغربية، ولعبة مباراة مع نظيره الفلسطيني، في إطار تصفيات منتخبات آسيا، حيث ترى الفصائل المعارضة للزيارة أن وصول المنتخب السعودي للضفة مرورا بالحواجز والنقاط الإسرائيلية يعد تطبيعا.
وأكدت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، على ضرورة استمرار الفعاليات الشعبية للمسيرات بطابعها الشعبي، حتى تحقق الأهداف التي وضعتها عند انطلاقها والمتمثلة في كسر الحصار والتأكيد على حق العودة، وجددت كذلك التأكيد على ضرورة إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة، ودعم جهود مصر الرامية لذلك.
كذلك حذرت من التعاطي مع محاولات الاحتلال لـ «اغتيال مقاومينا معنويا»، عبر إلصاقهم بقصص لا أساس لها، وحذرت كذلك من محاولات الاحتلال لاختراق الجبهة الداخلية، وأنذرت من أساليب المخابرات الإسرائيلية للحصول على المعلومات من المواطنين، تحت غطاء «الجمعيات الطبية».
وللدلالة على استمرار هذه الفعاليات الشعبية، افتتحت الهيئة الوطنية الأسبوع الماضي «حديقة العودة» على أرض المخيم المقام شرق مدينة غزة، وهي عبارة عن متنزه للمواطنين، وقال خالد البطش منسق الهيئة خلال الحفل «ان الهيئة الوطنية تفتتح حديقة العودة من على أرض مخيم العودة ملكة، كرمز للحياة في المناطق التي أراد الاحتلال أن يقتل فيها أبناء الشعب الفلسطيني ، ووفاءً لدماء الشهداء والجرحى»، مؤكدا أن المسيرات تحولت الي «مشروع حياة».
من جهته أكد خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خلال المشاركة في فعاليات الجمعة، أنه من المؤسف أن تكون تفتح بعض العواصم العربية أبوابها لـ «جريمة التطبيع» مع الاحتلال، مشيرا إلى أن الاحتلال والمستوطنين ما كانوا ليفعلوا كل هذه الأفعال في القدس والأقصى «لولا التطبيع العربي».
وقال «المنطقة العربية تغض في سبات عميق وأغمضت أعينها عن الأقصى، وقضية القدس هي فلسطين»، لكنه حذر من أن المساس بالقدس والأقصى يعد «تجاوز لكل الخطوط الحمراء»، وأكد ان الشعب الفلسطيني «لن يترك للاحتلال اليد للعبث في القدس العاصمة»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مسيرات العودة سوف تستمر حتى تحقيق أهدافها.
وفي إسرائيل، وبالرغم من تواصل التهديدات، التي يطلقها السياسيون الذين يتنافسون على تشكيل الحكومة الجديدة، والتي تتوعد غزة بحرب وضربات عسكرية، إلا أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، والقيادي في حزب «أزرق أبيض» والعضو في «الكنيست» غابي أشكنازي، قال إنه لا يوجد قرار في إسرائيل بالقضاء على حكم حركة حماس في غزة.
وقال أشكنازي إنه قبل الحرب الأولى على غزة نهاية العام 2008 وبداية 2009، وكان وقتها رئيس أركان الجيش جرى حوار شامل للغاية مع المستوى السياسي، في أعقاب مطلب الحكومة المصغرة بالقضاء على حماس. وتابع «عليك أن تستعرض الثمن وتبعات ذلك. التكلفة والتبعات وماذا سيحدث في اليوم التالي للحرب»، ومضى يقول أنه بعد تلك المراجعات جرى التوصل إلى القيام بتغيير «الواقع الأمني» من خلال توجيه ضربة شديدة لحماس وإعادة الأمن.
يشار إلى أن فعاليات «مسيرات العودة» انطلقت يوم 30 مارس/آذار، ضمن جهود سكان غزة لكسر الحصار المفروض عليهم، من خلال إقامة مخيمات قرب الحدود الإسرائيلية، ولجأت قوات الاحتلال منذ انطلاق الفعاليات إلى استخدام «القوة المفرطة والمميتة»، رغم الانتقادات الدولية.
وكانت وزارة الصحة أعلنت في إحصائية سابقة أن عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية فعاليات المسيرات، بلغ أكثر من 320 شهيدا، منهم 11 شهيدا، يحتجز الاحتلال جثامينهم، وأوضحت الإحصائية أن عدد المصابين فاق الـ 24 ألفا، عشرات منهم تعرضوا لحالات بتر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *