كاتب صهيوني يسأل: كيف يمكننا مواصلة المواجهة مع إيران؟‎

“المركز المقدسي لشؤون الشعب والدولة” في كيان العدو – يوني بن مناحم

الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصر الله ظهر في خطاب تلفزيوني في الثامن من تشرين الأول/أوكتوبر وتطرق إلى التطورات الأخيرة في سوريا وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسجب جنود الجيش الأميركي من الحدود السورية.

إيران و”فروعها” إبتهجوا عند سماع القرار الأميركي، في حين أن الخشية إزدادت في “تل أبيب” من طريقة تصرف الإدارة الأميركية التي فاجأت في الأسابيع الأخيرة “إسرائيل” عدّة مرات بخصوص سياساتها في الشرق الأوسط.

ترامب يركز في الساحة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة الأميركية، وفي محاولات الحزب الديموقراطي لإزاحته من منصبه وفي الحملة للإنتخابات الرئاسية التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

مصادر اسرائيلية “رفيعة” تقول إن ترامب تنازل عن الشرق الأوسط لصالح روسيا وإيران. “تل أبيب” تفاجأت من قرار ترامب بسحب جنود الجيش الأميركي من سوريا وهو لم يكلف نفسه عناء إبلاغها مسبقا بذلك. واقع أن الرئيس الأميركي يظهر لا مبالاة بما يحصل في الشرق الأوسط ويركز بشكل أساسي على مستقبله السياسي، يخدم أعداء “إسرائيل” وعلى رأسهم إيران التي تشجعت من طريقة تصرف إدارة ترامب.

مصادر سياسية رفيعة في “تل أبيب” تقدر أن إيران ستصبح الآن أكثر جرأة وعدوانية حيال “إسرائيل” على فرضية أن الرئيس ترامب حيّد نفسه بسبب الوضع السياسي الداخلي في بلاده ولن يخرج لمساعدة “إسرائيل” في حال حصول هجوم إيراني. إيران أيضاً ستتصرف هكذا مع السعودية ودول الخليج، ولا يوجد مَن يدعوها إلى تسوية، فيما بقيت “إسرائيل” لوحدها.

أيضًا خطر أن تصل إيران في نهاية المطاف إلى السلاح النووي لم يتغير، الولايات المتحدة إنسحبت من الاتفاق النووي والإيرانيون إستأنفوا عملية تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي يضع من جديد الخيار العسكري على الطاولة من ناحية إسرائيل التي ستضطر للعمل لوحدها ضد إيران لمنعها من الحصول على القنبلة النووية.

“إسرائيل” أمام قرارات صعبة، وهي ستضطر إلى مواجهة إيران لوحدها، منذ الآن هناك قرارات مهمة على جدول الأعمال: إما بمواصلة الهجمات في العراق وفي
سوريا لمنع التمركز العسكري الإيراني في سوريا ونقل السلاح المتقدم إلى حزب الله في لبنان، أو بمهاجمة منطقة معبر القائم-البوكمال الجديد على الحدود السورية-العراقية، الذي أقام فيه الجنرال قاسم سليماني منشأة عسكرية كبيرة، تستخدم كجسر بري لإيران ومحور إمداد بالسلاح المتقدم لسوريا ولحزب الله في لبنان.

إستمرار الهجمات تفسيره هو أن “إسرائيل” تخاطر بهجوم ضد إيران بواسطة صواريخ جوالة وطائرات بدون طيار على منشآتها الحيوية كما فعلت إيران في السعودية في الرابع عشر من شهر أيلول الماضي.

معضلة أخرى مهمة، إيران بدأت بدفع عملية تخصيب اليورانيوم تمهيدًا للحصول على سلاح نووي، هل ستبادر “إسرائيل” إلى عمل عسكري ضد إيران هدفه تأجيل الحصول على قنبلة؟.

المستوى السياسي والأمني في “إسرائيل” بدأ يفهم مدلولات مهاجمة منشآت النفط في السعودية وبموجب ذلك العبر المطلوبة لـ”إسرائيل” هي أن يكون الجيش الإسرائيلي متأهب ويقظ لحماية الدولة من الخطر الإيراني، والمستوى السياسي يحاول الحصول على ميزانية ضخمة لتعزيز تشكيل الدفاع الجوي الإسرائيلي بعد أن أدرك مدلولات خطر الصواريخ الجوالة الإيرانية.

إيران تتصرف بحذر كبير وبذكاء، وهي ليست معنية بحرب إقليمية إنما بممارسة ضغوطات على الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، مثل السعودية و”إسرائيل”، لتتخلّص من العقوبات الثقيلة التي فرضها عليها الرئيس ترامب، لذلك هي تتبع سياسة “السير على الحافة” وإنتقلت إلى إستراتيجية شن هجمات ضد أيّة مبادرات لكي تردع الغرب من دون أن يؤدي ذلك إلى حرب، الأمر الذي يخدمها أيضا في سياساتها لتعزيز هيمنتها في الشرق الأوسط.

“إسرائيل” لا يمكنها السماح لنفسها بالتمركز العسكري الإيراني في سوريا وفتح جبهة جديدة في هضبة الجولان. يُحتمل أن الهجمات الجوية الإسرائيلية في سوريا والعراق تجمدت بشكل مؤقت إلى ما بعد الأعياد لكنها ستُستأنف بعد “عيد المظلة” وبعد أن يُنهي الجيش الإسرائيلي تقديراته وإستخلاصه للعبر من الهجمات الإيرانية في سوريا.

هذا هو الوقت المناسب لأن تعود فيه إسرائيل إلى سياسة الغموض وأن تفرض تعتيما كاملا على نشاطاتها العسكرية في سوريا والعراق. أيّة تصريحات رسمية في الموضوع قد تخدم إيران وتسمح لها بأن تستخدمها في المجتمع الدولي لتبرير شنّ هجمات في “الأراضي الإسرائيلية” (المستوطنات).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *