العالم يتذكر خاشقجي في ذكرى مقتله: القتلة تمازحوا حول تشريحه وفصلوا رأسه قبل تقطيعه

وكالات: قالت محققة من الأمم المتحدة لرويترز، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحاول إصلاح ما لحق بصورته من ضرر نتيجة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، عبر إصراره على وجود «طبقات فوق طبقات» في التسلسل الهرمي للسلطة تفصل بينه وبين قتلة خاشقجي.

وفي مقابلة مع برنامج «60 دقيقة» على شاشة قناة (سي.بي.أس)، التلفزيونية، نفى الأمير محمد أنه أصدر الأوامر بقتل خاشقجي، لكنه قال إنه يتحمل في نهاية المطاف «المسؤولية كاملة» بوصفه القائد الفعلي للبلاد. وأدلى كذلك بتصريحات مشابهة لقناة (بي.بي.أس) الأمريكية.

مصادر أمريكية: بن سلمان التقى نتنياهو قبل أشهر… وخبيرة في الأمم المتحدة: يراوغ للتخلص من مسؤوليته عن الاغتيال

وعندما سُئل الأمير محمد خلال المقابلة كيف يمكن أن تكون الجريمة ارتكبت دون علمه، أجاب أن من المستحيل بالنسبة له أن يعرف ما يقوم به يوميا ثلاثة ملايين شخص يعملون في الحكومة السعودية.
وفي مقابلة معها أرجعت أنييس كالامار، خبيرة الأمم المتحدة المعنية بجرائم الإعدام خارج نطاق القانون، تصريحاته إلى «استراتيجية لإصلاح الضرر في مواجهة الغضب في أنحاء العالم».
وقالت «إنه يخلق لنفسه مسافة، ويعفيها من المسؤولية الجنائية المباشرة عن جريمة القتل. إنه يضع طبقات فوق طبقات فوق طبقات من العناصر والمؤسسات، وهو ما يشكل حماية له من المسؤولية المباشرة عن القتل».
أدلت كالامار بهذه التعليقات قبل أن تنضم إلى أسرة خاشقجي وأصدقائه في إسطنبول اليوم الأربعاء لإحياء الذكرى السنوية الأولى لقتله.
هذا وخصص برنامج «بانوراما» الاستقصائي الشهير على قناة «بي بي سي» فيلما وثائقيا خاصا لشرح ملابسات اغتيال خاشقجي بمناسبة مرور عام على اغتياله بتلك الطريقة البشعة في قنصلية بلاده في 2 أكتوبر/ تشرين الأول.
الفيلم أعدته الصحافية البريطانية جين كوربن، وتؤكد في تقريرها الذي نشرته «بي بي سي» أن عدداً قليلا من الناس استمع للتسجيلات، وقد تحدث اثنان منهما حصريا لبرنامج «بانوراما».
فقد استمعت المحامية البريطانية، البارونة هيلينا كينيدي للحظات موت خاشقجي. وكتبت كينيدي ملاحظات تفصيلية عن المحادثة التي سمعتها بين أفراد فرقة الاغتيال السعودية. وكشفت أنه «يمكن سماع ضحكاتهم. إنه أمر مقزز. إنهم ينتظرونه في مقر القنصلية، يعلمون أن الرجل سيدخل، وسيقتلونه ثم يقطعونه».
وتلقت كينيدي دعوة للانضمام إلى الفريق الذي استمع للتسجيلات، من آنييس كالامار، مقررة الأمم المتحدة المعنية بالتحقيق في قضايا القتل خارج نطاق القانون.
وتنقل كوربن عن ديفيد إغناتيوس، كبير كتاب مقالات الرأي في الشؤون الدولية في «واشنطن بوست»، أن كتابات خاشقجي «غالبا ما أرّقت ولي العهد السعودي، وظل يطالب مساعديه باتخاذ أي إجراء تجاه جمال».
وفي اسطنبول، لاحت الفرصة للسعودية «لاتخاذ أي إجراء» بشأن خاشقجي. وتوجه خاشقجي في زيارته الأولى للقنصلية السعودية، وانتظرته خطيبته جنكيز في الخارج، وفي داخل القنصلية بدأ إجراء مكالمات مع الرياض فور دخول خاشقجي، سجلتها المخابرات التركية. ويُرجح أن المكالمة الأولى كانت إلى سعود القحطاني، أحد مساعدي محمد بن سلمان المقربين ورئيس مكتب الاتصالات الخاص به.
وتابعت: «أحدهم في مكتب الاتصالات وافق على العملية. ومن المنطقي أن يكون سعود القحطاني هو المعني عند الإشارة لمكتب الاتصالات». وأضافت كالامار أن القحطاني «ذُكر اسمه صراحة من قبل في حملات استهدفت أشخاصا بعينهم».
كان سعود القحطاني أحد مساعدي محمد بن سلمان المقربين ورئيس مكتب الاتصالات الخاص به.
واتُهم القحطاني بالضلوع في وقائع احتجاز وتعذيب أفراد في السعودية، من بينهم ناشطات سعوديات قدن سياراتهن قبل رفع الحظر عن قيادة المرأة، وعدد من المتهمين بعدم الولاء للنظام. واتهم خاشقجي القحطاني مرارا بإدارة «قائمة سوداء» لصالح ولي العهد.
ويقول إغناتيوس إن القحطاني «يقدم خدمات غير معتادة، والكثير من العمليات السوداء، وأصبح الأمر جزءا من سيرته الذاتية».
وفي صباح الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، وصلت طائرة خاصة إلى اسطنبول تحمل تسعة سعوديين، من بينهم الطبيب الشرعي صلاح الطبيقي ، ومن الجلي أن العملية نُفذت على يد مسؤولين في الدولة، وأنهم تصرفوا بناء على صفتهم الرسمية. حتى أن اثنين منهم كانا يحملان جوازات سفر دبلوماسية. ويقول إرسوز إن هذا النوع من العمليات الخاصة يستلزم موافقة الملك أو ولي العهد. وتلقى خاشقجي مكالمة في صباح الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، للحضور إلى القنصلية واستلام أوراقه. وبالتزامن مع مكالمة خاشقجي، دارت مكالمة بين مطرب والطبيب الشرعي الطبيقي. وتقول كينيدي إنهما تحدثا – ضاحكين – عن عملية التشريح. وقال الطبيقي، والكلام نقلا عن كينيدي، إنه «عادة ما أستمع إلى الموسيقى أثناء تقطيع الجثة. وأحيانا أحتسي القهوة وأدخن السيجار». وأضافت كينيدي أنه كان واضحا في التسجيلات أن الطبيب كان على علم بالمهمة التي عليه القيام بها. وذكرت على لسانه: “هذه أول مرة في حياتي أضطر إلى تقطيع الأجزاء على الأرض. فحتى إذا كنت جزارا، عليك تعليق الذبيحة للقيام بهذا الأمر”. وجُهّز مكتب القنصل العام للعملية، وغُطيت الأرض بطبقات من البلاستيك. ومنح الموظفون الأتراك إجازة في هذا اليوم. وتقول كينيدي: «تُظهر التسجيلات أصواتهم وهم يستفسرون عن موعد وصول خاشقجي ويقولون «هل وصلت الذبيحة؟»، هكذا كانوا يشيرون إليه». وكانت كينيدي تقرأ هذه السطور من دفترها الذي سجلت فيه ملاحظاتها عند الاستماع للسجلات، وقد اكتنف الرعب صوتها. وتظهر الكاميرات وصول خاشقجي إلى مبنى القنصلية في الواحدة والربع ظهرا.
وتظهر التسجيلات أن فريقا استقبل خاشقجي وأخبره بصدور مذكرة اعتقال من الإنتربول للقبض عليه وترحيله إلى السعودية. ويُسمع في التسجيلات وهو يرفض إرسال رسالة نصية لولده لطمأنة العائلة بأنه بخير. وهنا بدأت عملية إسكات خاشقجي. وتقول كينيدي: «يمكن ملاحظة التحول في صوت خاشقجي، من رجل واثق إلى شخص خائف، إذ تزيد معدلات التوتر والرعب، ثم يظهر اليقين بأن شيئا مفجعا سيحدث». وتابعت: «ثمة إحساس بالرعب الشديد عند الاستماع لتحول الصوت. فقسوة الموقف تنتقل إليك بمجرد الاستماع للتسجيلات».
وذكرت كالامار أن الأصوات التي سُمعت بعد ذلك «تُظهر محاولات خنق خاشقجي. غالبا باستخدام كيس بلاستيك حول رأسه. كما أُغلق فمه بعنف، ربما باستخدام اليد أو شيء آخر». وترجح كينيدي أن دور الطبيب الشرعي بدأ من هذه المرحلة «إذ يُسمع صوت ـ يبدو أنه لمطرب ـ يقول دعوه يقطع». وتابعت: «ثم يُسمع صياح أحدهم وهو يقول «انتهى الأمر»، وشخص آخر يصيح «انزعه، انزعه. ضع هذا على رأسه. لفها»… كل ما أمكنني استنتاجه من هذا المقطع أنهم قطعوا رأسه».
وبحلول السادسة والنصف، كان الفريق السعودي على متن طائرة خاصة تتجه إلى الرياض، بعد مرور أقل من 24 ساعة على وصولهم إلى اسطنبول.
ورفضت الحكومة السعودية التحدث إلى برنامج «بانوراما»، لكنها أدانت «جريمة القتل البشعة»، وقالت إنها تعمل على معاقبة الجناة. كما أكدت على عدم مسؤولية ولي العهد عن هذه «الجريمة النكراء».
هذا وأفادت تقارير إعلامية أمريكية أمس الثلاثاء، بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التقى قبل بضعة أشهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وجاء اللقاء في إطار وعود الأول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتراف المملكة بإسرائيل، في إشارة إلى تعزيز التطبيع العربي الإسرائيلي، حسب ما أفاد به التلفزيون الأمريكي «PBS».
ونقلت صحيفة «غلوبز» عن دبلوماسي سعودي القول إن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية كان مسألة وقت فقط، فيما أكدت تقارير «إسرائيلية» أن التطبيع مع السعودية آخذ بالازدهار والتطور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *