قالت المعلقة في صحيفة “الغارديان” نسرين مالك إن السعودية لن تقوم بشن هجوم على إيران بمفردها ولكنها قد تدفع لطرف آخر كي يقوم بالمهمة.
وبدأت بالحديث عن نكتة معروفة في الشرق الأوسط عن تردد السعودية في خوض حروبها بنفسها: “ستقاتل السعودية حتى آخر جندي باكستاني”، والنكتة هنا هي لأن القوات الباكستانية عادة ما دعمت كل مغامرات السعودية.
وقد تم إضافة كلمة جديدة إلى النكتة هي السودانيين الذين يعدون إضافة جديدة للقوات البرية السعودية. فهذه متعودة على شراء العمالة للقيام بالأعمال اليدوية التي يتورع أبناؤها عن القيام بها ووسعت هذه الفلسفة إلى قواتها.
وهناك دائما دولة فقيرة مستعدة لأن ترسل أبناءها كي يكونوا وقودا للمدافع ولكن بالسعر المناسب، خصوصا في العملية العسكرية التي يطلق عليها أحيانا بـ”التحالف العربي”، وهو اسم محترم تقوده السعودية وتشارك فيه المغرب ومصر والأردن والجنود الأطفال السودانيون الذين يتم تعويض عائلاتهم في السودان بأموال طائلة حالة وفاتهم في ساحات الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
وتضيف أن بعض الجنود السودانيين العائدين من ساحات اليمن قالوا إن القادة السعوديين الذين يعتبرون حياتهم ثمينة مقابل التقدم أمام الجنود الذين استأجروهم إلى خطوط القتال أصدروا تعليمات لهم عبر الهواتف النقالة لكي يتقدموا باتجاه الأعمال العدوانية. وحالة تحولت الظروف إلى خطيرة، يقوم السعوديون وطائرات التحالف بإلقاء قنابل من علو مرتفع بشكل يزيد من الضحايا المدنيين، وبهذه الطريقة تخوض السعودية حروبها عن بعد قدر الإمكان، فيما تدفع للآخرين كي يموتوا نيابة عن جنودها.
وقالت إن الحديث عن دخول السعودية في حرب جديدة جاء في سياق الهجمات التي تعرضت لها منشآتها النفطية الأسبوع الماضي، وحمل فيها المسؤولون السعوديون والأمريكيون إيران المسؤولية.
ولكن السعودية لا تخوض الحروب بل تدفع لجماعات وكيلة كي تخوضها بالإنابة عنها. وهي تعتمد على سذاجة الولايات المتحدة كي تواصل الكذب بأنها قوة لحفظ السلام وأن أي تهديد على البلد يقوض استقرار المنطقة. وتقول إن السعودية والولايات المتحدة اتهمتا وبشكل متكرر إيران بالمسؤولية عن الهجمات التي أعلن المتمردون الحوثيون، حلفاء طهران، مسؤوليتهم عنها، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن إرسال تعزيزات ومعدات صاروخية للدفاع الجوي إلى السعودية، فيما وصفته بالتحرك “الدفاعي”.
وتساءلت الكاتبة عن السبب الذي يدعو بلدا يعتبر أكبر مستورد للسلاح في الفترة ما بين 2014- 2018 حسب معهد السلام في ستوكهولم، بحاجة للمساعدة، ففي عام 2018 قدمت الولايات المتحدة 88% من السلاح الذي باعته إلى السعودية. وبنهاية عام 2018 كانت نسبة شراء البلد من السلاح العالمي هي 12%، وبهذه الحالة فليست بحاجة إلى المعدات الأمريكية لكي تدافع عنها من الهجمات بالطائرات المسيرة.
وتعود للتساؤل عن السبب الذي يجعل بلدا كالسعودية يخوض حملة عسكرية في اليمن ويتعرض بشكل دائم لهجمات الطائرات المسيرة، بحاجة مستمرة للحماية، “فماذا تفعل بكل السلاح الذي تشتريه؟”، وتجيب بأن شراء السلاح -وليس نشره- هو الهدف، فصفقات الأسلحة التي تعقدها بملايين الدولارات تحافظ على العلاقات التجارية مع حلفائها الغربيين الذين تستورد منهم السلاح والذين يغضون الطرف عن سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان والاغتيالات والاختطافات لأن هناك أموالا كثيرة على المحك.
فنموذج السياسة الخارجية السعودية قائم في مجمله على استخدام الثروة لشراء الأصدقاء والصمت. لكل هذا يجب على السعودية اللعب وباستمرار على المخاوف الأمريكية من إيران والتأكد من أن يد حارسها “على الزناد” كما قال دونالد ترامب في تغريدة له بعد الهجمات. وفي ذات الوقت، تواصل السعودية عمليات التلاعب باستقرار المنطقة من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وتزويد الديكتاتوريين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالسلاح، وكذا شن حملات عدائية عبر منصات التواصل الاجتماعي تهدف للاستفزاز والتضليل.
وأشارت الكاتبة إلى الحملة التي قامت بها شركة تويتر الأسبوع الماضي ضد حسابات سعودية، ومع ذلك يُنظر للبلد على أنه بريء وعرضة للخطر وحاجز ضد الفوضى في الشرق الأوسط. وترى مالك أن السعودية في خطابها الداعي للحرب ولاعتقادها أنها لن تعاني من تداعيات مشاكستها تواصل تصعيد النزاعات مع إيران واليمن وقطر، وتدعم أنظمة عسكرية في السودان ومصر وتتدخل بطريقة فوضوية في لبنان، وتدعم بطريقة عشوائية مغامرات سنية متطرفة حول العالم، وتفلت من كل هذا.
وفي النهاية تقول مالك إن السعودية لن تخوض حربا ضد إيران، ولكن أمريكا ربما تقوم بذلك نيابة عنها، وستواصل السعودية دورها في الشرق الأوسط كمحرض لا يخشى العقاب.