أسواق طرابلس مقفرة عشية العيد.. اقفال أكثر من 300 مؤسسة تجارية

تعيش أسواق طرابلس أسوأ أيامها، هذا ما يمكن أن نصف به الممرات الضيقة التي تكاد تخلو من الناس، قبيل ساعات من عيد الأضحى المبارك. لا زبائن يسعون وراء حاجاتهم، ولا أطفال يبحثون مع أهاليهم عن فرحة “ثياب العيد”. المتواجدون أمام المحال التجارية يكادون لا يتخطون عدد أصابع اليد الواحدة، وهو ما يدفع تجار المدينة الى وصف حالتهم بـ”الكارثة”.

غالبًا ما تكون أسواق طرابلس في مثل هذه الأيام، مكانًا مقصودا تلتمس فيه بهجة العيد. لا بل تكون جزءًا أساسيًا من العيد وصورته. كانت شوارعها الضيقة تضج بروادها حتى ساعات الصباح الأولى، مِمَّن يريدون تأمين حاجات العيد ومستلزماته من ثياب ومأكل ومشرب وإلى ما هنالك من سلع تحتاجها العائلة عشية العيد. لكن هذا العام، يختلف عيد الأضحى المبارك عن سائر الأعياد في طرابلس. الأسواق فارغة من روادها وبعض المحال التجارية مغلقة، حتى أن الشوارع التي كانت تخنقها زحمة السير باتت اليوم مقفرة، فلا شيء يدل على أن المدينة على بعد ساعات من عيد الأضحى المبارك.

الداخل الى أسواق المدينة يلاحظ الفراغ الكبير في أسواقها ومحالها التجارية. كل هذا السكون التجاري عشية العيد هو على مرأى أصحاب المحال، الذين لا حول لهم ولا قوة، وهم لطالما كانوا يعولون على مواسم الأعياد لسد جزء بسيط من حالة العجز التي تصيبهم طوال السنة.

لا شك أن الأحداث الأمنية التي عاشتها مدينة طرابلس عشية عيد الفطر، جراء العمل الإرهابي الذي نفذه حينها الارهابي عبد الرحمن المبسوط، وأدى الى سقوط عدد من الشهداء من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ساهم بطريقة أو بأخرى في تراجع حركة الناس وساهم في تعزيز خوفهم من تكرار سيناريو ليلة الفطر، وهو ما ساهم بشكل كبير في منع الناس من ارتياد أسواق المدينة. مع الإشارة الى أن هذا العامل دفع الأجهزة الأمنية الى اتخاذ إجراءاتها الضرورية، حيث نفذت عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اجراءات أمنية لافتة في مختلف الشوارع والأزقة وانتشرت العناصر الأمنية في الساحات والأسواق وأمام المحال التجارية.

إضافة الى الخوف من تكرار أي عمل أمني أو ارهابي يضرب طرابلس عشية عيد الأضحى، يرى البعض أنه من الطبيعي أن تتراجع حركة الشراء وتنخفض الى ما دون المستوى، فالعيد هذا العام يتزامن مع مرحلة استعداد الأهالي لإدخال أبنائهم الى المدارس، مع ما يرافق هذه المهمة من متطلبات مادية وحاجات يحاول الأهل تأمينها.

في المقابل، ساهمت المتغيرات الاقتصادية والأسواق التجارية التي بدأت تنمو في مختلف المناطق المحيطة بطرابلس، في التأثير على أسواق العاصمة الثانية، وبدأت تنعكس سلباً على حركة الأسواق فيها، خصوصًا أن المدينة لم تعد سوقًا استهلاكية لعدد من الأقضية والمناطق الشمالية (البداوي ـ المنية ـ الضنية ـ عكار) حيث استطاعت تلك المناطق تحقيق الاكتفاء الذاتي وباتت لها أسواقها ومحالها التجارية. فضلًا عن أن أهل المناطق من خارج طرابلس، باتوا يحسبون ألف حساب لتكلفة الانتقال الى المدينة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، ولزحمة السير الخانقة في طرابلس.

في المجمل، ما تعانيه طرابلس اليوم هو كارثة تهدد أسواقها ومصالحها التجارية، حيث تشير المعلومات الى إغلاق ما يزيد عن 300 مؤسسة تجارية بين متوسطة الدخل وكبيرة. كل تلك المعطيات حولت طرابلس من منطقة تضج بالحياة والرواد أيام العيد الى منطقة شبه خالية، وهي لا شك باتت بحاجة الى مزيد من الاهتمام السياسي، عبر إقرار وانشاء عدد من المشاريع الإنمائية والتجارية، التي ستساهم في عودة رونق الحياة الى شرايين طرابلس، علَّ ذلك يساعد عاصمة الشمال الثانية في الخروج من كبوتها.محمد ملص: العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *