عبد الرحمن قضى على فرصة العفو عن “الإسلاميّين”!

على الرغم من التضحية الباهظة التي قدّمتها القوى ​الأمن​يّة ال​لبنان​يّة من أرواح عناصرها، للحفاظ على الأمن والإستقرار في ​مدينة طرابلس​، ولحماية المدنيّين فيها، وعلى الرغم من تعكير أجواء عيد الفُطر في لبنان وهزّ حال الإستقرار السائد منذ فترة زمنيّة لا بأس بها، فإنّ ما فعله ​الإرهاب​ي عبد الرحمن مبسوط، سيرتدّ سلبًا على مُؤيّدي فكر الإرهابي مبسوط قبل أي شخص آخر. فما هي أبرز الإرتدادات المُتوقّعة لعمليّة طرابلس الإرهابيّة؟.

أوّلاً: لا شكّ أنّ الإعتداءات الأمنيّة التي نفّذها عبد الرحمن مبسوط وجّهت ضربت قاضية لجُهود الإفراج عن “المُتشدّدين الإسلاميّين” والتي كان يقودها-بعيدًا عن الإعلام، “تيّار المُستقبل”، مدعومًا من ​دار الفتوى​ ومن العديد من الشخصيّات والهيئات الإسلاميّة السنّية. وفي هذا السياق، من المُتوقع أن يزداد تشدّد الأفرقاء الذين عارضوا في السابق أن يشمل قانون العفو المَوعود، أيّ شخص مُدان بتنفيذ عمليّات إرهابيّة ضُدّ القوى الأمنيّة أو ضُدّ المدنيّين اللبنانيّين على حدّ سواء، لأنّ الإرهابي مبسوط أثبت حجم المخاطر التي يُمثّلها هؤلاء، حيث أنّه كان مسجونًا لفترة من الوقت وقد أفرج عنه في الماضي القريب. وليس بسرّ أنّ ملفّ ​العفو العام​ الذي جرت خلال السنوات القليلة الماضية مُحاولات عدّة لتمريره، كان يصطدم في كلّ مرّة بعقبة أساسيّة تتمثّل برفض أكثر من فريق سياسي الإفراج عن “المُتشدّدين الإسلاميّين” المُتهمين بتنفيذ عمليّات إرهابيّة، وبمُقاتلة وحدات ​الجيش اللبناني​، وبالترويج لأفكار مُتعصّبة تُشكّل خطرًا على السلم الأهلي. واليوم، ستُصبح المُطالبة بالإفراج عن هؤلاء “الإسلاميّين” مَرفوضة أكثر من السابق، حتى لو أدّى ذلك إلى تأجيل قانون العفو مرّة أخرى!.

ثانيًا: في المُقابل، تُوجد نظريّة أخرى تقول إنّ الداعمين لقانون العفو العام قد يعتبرون أنّ الوقت مثالي حاليًا لإعادة تحريك هذا الملف من جديد، بحيث يتمّ إستثناء “الإسلاميّين المُتشدّدين” منه، لأنّ أحدًا لن يجرؤ على المُطالبة بالإفراج عن هؤلاء بعد ما حصل، على أن يشمل العفو أعدادًا كبيرة جدًا من المَسجونين والمطلوبين بتهم مُرتبطة بزراعة الحشيش وبيعه، والترويج والإتجار بالمُخدرات والمَمنوعات على أنواعها، مع الإشارة إلى أنّ القسم الأكبر من هؤلاء يندرج ضمن فئة الهاربين من وجه العدالة والمَطلوبين بأحكام قضائيّة صدرت بحقّهم غيابيًا. ومن غير المُستبعد عندها أن يشمل الإستثناء من قانون العفو كبار التجّار والمُروّجين، وعصابات السطو المُسلّح، للإيحاء بأنّ قانون العفو لم يشمل كل الناس وكل الفئات.

ثالثًا: أظهرت إعتداءات طرابلس الأمنيّة حجم المخاطر التي لا تزال مُحدقة، على الرغم من كل الحملات الأمنيّة الإستباقيّة. والسبب أنّه يكفي أن يتحرّك إرهابيّ واحد ليُشكّل خطرًا كبيرًا، حيث أنّ إيقاع خسائر بشريّة ومادية جسيمة، لا يحتاج سوى لإرهابي واحد مع كميّة من الأسلحة والقنابل، خاصة وأنّ مُواجهة الإرهابيّين الإنتحاريّين هي من أصعب المهمّات على الإطلاق، مهما كانت القوى الأمنيّة مُتيقّظة وسريعة التدخّل. وبالتالي، من المُنتظر أن تتكثّف في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة عمليّات الدهم الإستباقيّة، بالتزامن مع تكثيف عمليّات الإستقصاء الإستخباري، لتتبّع تحرّكات بعض المشبوهين، لا سيّما أولئك الذين تشرّبوا من الفكر الإرهابي المُنغلق والمُتعصّب، والذين خرجوا من السُجون بعد إنقضاء فترة محكوميتهم. فمُواجهة ما يُعرف بإسم “الذئاب المُنفردة”، وكذلك ما يُعرف بإسم “الخلايا الإرهابيّة النائمة”، لا يُمكن أن يتمّ بشكل فعّال سوى عبر عمليّات الإستقصاء والبحث الإستخباري، وعمليّات الدهم الإستباقيّة.

رابعًا: من المُتوقّع أن يتعزّز موقف المُدافعين عن التدبير “رقم 3″، وعن حُقوق العسكريّين بشكل عام، لأنّ المخاطر المُحدقة بوحدات الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة الأخرى المُختلفة، لا تقتصر على الإنتشار على الحُدود، بل تطال مُختلف الأماكن في الداخل، حيث أنّ المخاطر الأمنيّة تُهدّد لبنان – كما سواه من الدول العربيّة والعالميّة. وبالتالي، سيكون من الصعب أكثر تمرير أي قوانين تحسم من المنافع التي يستفيد منها العسكريّون، بعد أن ذكّرت عمليّة طرابلس الإرهابيّة بحجم المخاطر التي تتعرّض لها القوى الأمنيّة، وبحجم التضحيات التي تُقدّمها، للحفاظ على أمن الوطن.

في الختام، من الواجب بطبيعة الحال تقديم العزاء لكل ذوي الشُهداء الذين إنضمّوا إلى قافلة طويلة من الشهداء الأبرار الذي سقطوا دفاعًا عن لبنان وأمنه وإستقراره، ولعلّ التعزيّة الوحيدة تتمثّل في عدم سُقوط ضحايا بين المدنيّين، وكذلك في تنبّه الجميع إلى أنّ الحملة ضُدّ الإرهاب لم تنته فُصولاً بعد، حيث من الضروري مُواصلة الجُهود الإستباقيّة بشكل كثيف مرّة جديدة، منعًا لتكرار ما حدث، وتجنبًا لأيّ مآسٍ جديدة.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *