شنّت دولة العدو على غزة ثلاث حروب منذ العام 2008، وكادت في نهاية الاسبوع الماضي أن تصبح الحصيلة أربع، ولكن التصعيد الاخير الذي حصل في غزة، والذي يعدّ الأكبر منذ 10 سنوات، لم يصل لمرحلة الحرب بعد التوصّل فجر الاثنين لاتّفاق على وقف إطلاق النار برعاية مصرية-قطرية، حمل معه إيجابيات عديدة للشعب الفلسطيني والفصائل التي رفضت أن تخضع.
منذ انطلاق مسيرات العودة في آذار العام الماضي تحاول اسرائيل ضرب هذه التحركات عبر تخويف المشاركين فيها وقتلهم وضربهم واعتقالهم، ولكن ما حصل مؤخرا كان “شبه معركة” تم فيها اعتداء الجيش الاسرائيلي على غزة المحاصرة برا وبحرا وجوا، فأطلقت مئات الصواريخ على حوالي 350 هدفا، وقتلت 29 فلسطينيا وجرحت 150.
توقّفت الحرب قبل ان تبدأ ولكن تداعياتها لم تنتهِ، فمع كل تصعيد عسكري تتكشّف اكثر “هشاشة” الجيش الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي وعدم القدرة على شنّ الحروب، حيث تشير مصادر في فريق 8 آذار الى أنّ اسرائيل أضعف من أن تشنّ الحروب، وما حصل في يومين بقطاع غزة المحاصر خير دليل على ذلك.
وتلفت المصادر النظر الى أنه خلال 36 ساعة تقريبا أطلقت المقاومة الفلسطينية حوالي 700 صاروخ باتجاه المدن والبلدات الإسرائيليّة بعمق وصل الى أربعين كيلومترا، تمكّن 65 بالمئة منها الوصول الى اهدافه بنجاح، بعد فشل منظومة القبّة الحديدية باعتراض أكثر من 240 منها، وكانت النتيجة مقتل أربعة اسرائيليين وجرح العشرات، مشدّدة “على أنّ هذه النتيجة بساعات قليلة تؤكّد تفوّق المقاومة الفلسطينية وتطورها بشكل يجعل العدو يعيد النظر بأي عمل عسكري مقبل، سائلة “كيف سيكون الحال لو فكر هذا العدو مهاجمة لبنان”؟.
وتكشف المصادر أن المقاومة الفلسطينية التي تمكّنت خلال المواجهات الأخيرة من استهداف المركبات العسكريّة بصواريخ كورنيت موّجهة، فاجأت الجيش الاسرائيلي بامتلاكها صاروخ بدر 3 المطوّر والذي استعمل لاول مرّة بضرب مدينة عسقلان، مشدّدة على أنّ امتلاك الفلسطينيين القدرة على تهريب معدّات تصنيع هذه الصواريخ تعني أنّ بحوزتها ما هو أكبر وأهم وأقوى، لافتة النظر الى أن الصاروخ يشكل تحدياً كبيراً للحصار الإسرائيلي، إضافة لمداه الذي يصل إلى 40 كلم ووجود قدرة رأس تفجيري يستطيع حمل 250 كغ من المواد المتفجرة.
على صعيد آخر، يبرز من خلال مقطع استهداف المركبة العسكريّة الاسرائيليّة الذي نشرته كتائب القسّام ظهور القطار، الامر الذي تراه المصادر مقصودا. وتضيف: “مرور القطار لم يكن بالتزامن مع عمليّة اطلاق الصاروخ او مع مرور العربة، ولكن إظهاره يشير إلى أن كتائب القسام يمكنها استهداف القطارات وكل المرافق الحيويّة، إلا أن قواعد الإشتباك تحتّم اختيار الأهداف بدقّة دون توسيع دائرة اللعبة اليوم”.
ترى المصادر أنّ فشل اسرائيل في غزّة سيفتح الباب مجدّدا أمام نقاش داخلي اسرائيلي حول مدى جهوزيّة جيشها لخوض مغامرات عسكرية في لبنان، اذ تعلم أن ما تملكه المقاومة الفلسطينية من قدرات قتالية هو جزء بسيط مما يملكه حزب الله، مشدّدة على أن اليومين الماضيين أثبتا أنها أضعف من ان تشن الحروب، وفشلها في غزة يُبعد شبح الحرب عن لبنان.