تفاقم التوتر بين بولندا والكيان الصهيوني على خلفية اتهامات تاريخية ومطالب بالتعويض عن المحرقة

تتفاقم الأزمة الدبلوماسية بين بولندا والكيان الصهيوني ، على خلفية اتهامات الأخيرة للأولى حول دورها في المحرقة، وإنكاره وتشريع قانون جديد يمنع توجيه مثل هذه التهم لها.

ومن آخر تجليات الأزمة هذه مهاجمة السفير البولندي في تل أبيب مارك ماغيروبسكي من قبل أحد المارة في شارع مجاورة للسفارة حيث انقض عليه وهو يركله ويصرخ نحوه.

ويقول السفير البولندي إنه منذهل من الهجوم عليه، وإنه لم يفهم من الصراخ عليه سوى كلمة “بولندي بولندي” وكشف أن وزارة الخارجية البولندية قدمت شكوى لوزارة الخارجية الإسرائيلية التي توجهت للشرطة بفتح ملف تحقيق.

وأوضح الوزير أنه نجح بتصوير المهاجم وسيارته، فيما قالت شرطة الاحتلال إنها اعتقلت شخصا بشبهة الاعتداء على السفير وأبلغت السفير البولندي بذلك، ومن جانبه شكرها على نجاعة معالجتها للشكوى.

ويأتي هذا الاعتداء على خلفية التوتر والتراشق بين بولندا وبين إسرائيل حول الدور التاريخي للأولى في المحرقة.

يشار إلى أن بولندا كانت قبل أيام قد ألغت زيارة بعثة إسرائيلية إليها من أجل التفاوض حول “أملاك اليهود”، على أراضيها وذلك بسبب نيتها التركيز في المداولات على القانون الأمريكي الجديد الخاص بتعويض اليهود في دول العالم، عن فترة الحرب العالمية الثانية.

ووجه نائب وزير الخارجية البولندية، اتهاما لإسرائيل بمحاولة التدخل في حملات انتخابية داخل بولندا، معتبرا موضوع تعويضات اليهود موضوعا مغلقا لا يمكن فتحه ويرى بالمطالبة بها عملا غير أخلاقي وغير قانوني.

وكان من المفروض أن تصل البعثة الإسرائيلية لوارسو غداة تصريحات رئيس حكومتها ماتاوش مورياتسكي بأن البولنديين هم الضحايا الأساسيون للحرب العالمية الثانية معللا بذلك رفض بلاده لفكرة تعويض اليهود.

كما شهدت بولندا مظاهرات من قبل أوساط يمينية ضد القانون الأمريكي الجديد المعروف بـ447 والخاص بتعويض اليهود ووارثيهم، ودعا المتظاهرون حكومة وارسو لعدم دفع أي تعويضات لليهود.

وشهدت بعض البلدات البولندية عمليات إحراق دمى تحاكي شخصيات يهودية رفعت فيها شعارات ضد “الجشع اليهودي” ومنها “تعطي إصبعك لليهودي فيطلب كل يدك”.

يذكر أن وزارة “المساواة الاجتماعية” في دولة الاحتلال، تدفع مبادرات لتشريع قوانين في عدة دول تقضي بتعويض اليهود عن دورها في المحرقة.

وقالت الوزيرة غيلا غاملئيل إن حكومة الاحتلال ترى باستعادة أملاك اليهود وتأمين حقوق ورثة ضحايا المحرقة، فرضا أخلاقيا ملزما بالنسبة لدولة اليهود. موضحة في تصريحات للإذاعة العامة بأن أي جهة سياسية أو لاسامية لن توقف إسرائيل الساعية لتطبيق الفرض المذكور.

ألمانيا النازية

وقال محلل سياسي بولندي بارزمارتين ماكوبسكي، للقناة الإسرائيلية 13 إن المتضررين الأساسيين من الحرب العالمية الثانية هم البولنديون.

وعن إلغاء زيارة بعثة بولندية لإسرائيل قبل أيام قال المحلل البولندي، إن إبطال اللقاء جاء نتيجة قيام إسرائيل بأمر غير جدير، وتابع: “هذا موضوع حساس ومن المهم التداول به من زاوية النظر البولندية أيضا، فمعظم الشعب البولندي لا الحكومة فحسب يؤمنون أن البولنديين هم من أكبر ضحايا الحرب الكونية الثانية، وربما الأكبر من ناحية هدم منازلهم ومقدراتهم وفقدانهم الكثير من الضحايا”.

لافتا إلى أن بولندا لم تتلق يوما تعويضات من ألمانيا. متسائلا كيف يمكن لنا أن ندفع تعويضات على أمور حصلت في الحرب العالمية الثانية علما أننا لم نكون المبادرين؟

إلغاء زيارة إسرائيلية

وبعد حملات شنها وزراء ونواب إسرائيليون في المحرقة خلال الأشهر الأخيرة على بولندا، واتهامها بالمشاركة مع النازيين، أكد وزير المواصلات والمخابرات في دولة الاحتلال يسرائيل كاتس مجددا، أنه لا يأسف على أقواله ضد بولندا في السابق وقال إن عليه قول الحقيقة.

وتطرق ماكوبسكي لإلغاء البعثة الإسرائيلية لبولندا ولمصادقة الكونغرس الأمريكي، على قانون تقوم الخارجية الأمريكية في إطاره بمتابعة عمليات لإعادة الأملاك اليهودية لليهود في عشرات الدول وعلى رأسها بولندا.

وعلل ماكوبسكي إلغاء زيارة البعثة الإسرائيلية لها لأن الخارجية في دولة الاحتلال غيرت موضوع اللقاء مع الجانب البولندي، ورغبت ببحث التعويضات حسب القانون الأمريكي المذكور بخلاف اتفاق سابق مع حكومة وارسو.

وتابع: “من وجهة نظرنا يبدو أن إسرائيل قررت طرح موضوع التعويضات دون استشارة مسبقة مع حكومتنا ولدى الأوساط الدبلوماسية يعتبر هذا الأمر غير محترم ولذا تم إلغاء اللقاء في اللحظة الأخيرة”.

وأضاف: “تم الربط بين مطلب تعويض اليهود على أملاكهم في بولندا وبين قرار الكونغرس الأمريكي 447 وهذا بالنسبة لنا قرار إشكالي لأنه يقضي بتعويض ورثة أصحاب الأملاك أيضا. بحال لم يكن هناك ورثة فإن منظمات يهودية ستستولي على التعويضات وهذا غير مقبول لدى البولنديين”.

وخلص المحلل البولندي للقول إن هناك توترات وأبعاد كثيرة وسوء فهم متبادل، داعيا الإسرائيليين للفهم، بأن بولندا لن تستطيع دفع مليارات الدولارات وتتهم نفسها بحرب لم تبدأ بها، لافتا إلى أن المسؤولة هي ألمانيا النازية وربما تبدأ المفاوضات مستقبلا من هذه النقطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *