تتواصل التظاهرات ضد الغلاء المعيشي في قطاع غزة، وسط قمع لها من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، حيث يرى مراقبون، ان الحراك متجه إلى مواجهة أوسع مع حماس، على ضوء غياب الحلول لتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
وبدأت المسيرات الخميس الماضي عقب توجيه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات للتحرك ضد الغلاء المعيشي والأوضاع المزرية التي يعيشها السكان، وغياب فرص العمل، وارتفاع الضرائب، تحت شعار “بدنا نعيش”.
وقامت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس بقمع المسيرة الأولى “الترنس يجمعنا”، التي انطلقت من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي القطاع، حيث اعتدت على المشاركين بالضرب واعتقلت عددا منهم، ثم تبعتها مسيرات مماثلة في مناطق مختلفة، واجهت المصير ذاته.
وأثار قمع أجهزة الأمن للشبان الغاضبين، استياء المؤسسات الحقوقية، بينما أدانت مختلف الفصال الفلسطينية عملية القمع، وبررت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس قمعها بعدم حصول المظاهرات على التراخيص اللازمة
وأثار قمع الأجهزة الأمنية للشبان الغاضبين، استياء المؤسسات الحقوقية، بينما أدانت مختلف الفصال الفلسطينية عملية القمع، وبررت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس قمعها بعدم حصول المظاهرات على التراخيص اللازمة.
من جهته، قال القيادي في حركة حماس، حسن يوسف، في حديث مع “القدس العربي: “انه غير راض حول ما يحدث بالقطاع وما يجري أيضا بالضفة من قمع”، مضيفا انه “مع التظاهر السلمي وحرية التعبير، لكنه ضد تخريب الممتلكات العامة بالاشارة الى مظاهرات غزة “.
وتابع ” يجب معرفة الاسباب التي دفعت هؤلاء الشبان للخروج، وهي اسباب تدعو الى رفع العقوبات التي فرضتها السلطة، ورفع الحصار الذي فرضته اسرائيل منذ 12 عاما” . واشار الى ان المعلومات المتوفرة لديه تشير الى ان الاوضاع متجهة الى الهدوء وإنهاء هذه الأزمة.
من جهته، قال المحلل السياسي طلال عوكل لـ”القدس العربي” ان الحراك موجه بالأساس ضد الغلاء وضد فرض الضرائب الزائدة، وضد الحالة المعيشة المزرية لقطاعات واسعة من السكان، وضد بقاء الوضع القائم، مضيفا ان الحراك يطالب سلطة الأمر الواقع بتحمل المسؤولية، على حد تعبيره.
وأوضح عوكل ان على حماس أخذ العبرة من مسيرات العودة التي أصيب بها 30 ألف شاب وما زالت مستمرة، والتي أظهرت ان الشباب مستعدون للتضحية لتغيير الأمر الواقع، وانهم مستعدون لتحمل التكسير والضرب لأنه لا يوجد ما يخسرونه.
وأشار الى انه ” من الخطر تجاهل هذه القوى والتوسع في قمع الحراك، لأنه في النتيجة ستخسر حماس كثيرا، فالأمن لا يمكن ان يكون وسيلة مناسبة للسيطرة على الناس”.
“إذا لم يتم تدارك الوضع القائم سيستمر الحراك ويتصاعد، لأن الناس في غزة باختصار مطحونون معيشيا”.
وقال عوكل: “إذا لم يتم تدارك الوضع القائم سيستمر الحراك ويتصاعد، لأن الناس في غزة باختصار مطحونون معيشيا”.
ولا يعتقد عوكل ان مصطلح الربيع ضد حماس تعبير مناسب لما يحدث، وانما هو حراك من أجل المشهد العام والوحدة، وتغيير الأمر الواقع الصعب.
وقال مدير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، الدكتور عمار الدويك، في حديث مع “القدس العربي: “اننا ننظر ببالغ الخطورة الى ما يحدث من عملية قمع للمسيرات السلمية من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، اضافة الى أن تدخل عناصر مدنية تابعة لحماس لفض الاعتصامات يشكل مدخلا خطيرا لفتنة عظيمة تمس السلم الاهلي”.
ودعا حركة حماس والأجهزة الأمنية لإتاحة الفرصة للمواطنين بالتظاهر، والإفراج عن المعتقلين، وتشكيل لجنة تحقيق تضم المؤسسات الحقوقية والفصائل وتقديم المعتدين على المتظاهرين للمحاكمة.
وأوضح الدويك، ان مدير الهيئة ومدير وحدة الشكاوى بالقطاع، تعرضا لاعتداء غير مسبوق في تاريخ عمل الهيئة، حيث قامت الأجهزة الأمنية باقتحام عمارة سكنية عندما كانت الهيئة تأخذ شهادة صحافي كان يقوم بتوثيق الأحداث، وقامت بإخراج الفريق المعروف لديها، وضربه بشكل وحشي متسببة برضوض وجروح بالرأس. وأشار الى ان هذه رسالة خطيرة للمؤسسات الحقوقية بأنها غير محصنة من عملية الضرب.
وقال الدويك، ان سكان قطاع غزة عانوا كثيرا على مدار 12 عاما، ويبدو ان قدرتهم على التحمل بدأت بالنفاد، لذلك سينفجر هذا الغضب في وجه الأجهزة الأمنية وسيزداد الأمر تعقيدا إذا لم تتدارك حماس وأجهزتها الأمنية الوضع، لذلك نأمل من العقلاء والشخصيات المستقلة والفصائل التدخل لتهدئة الأمور، وكف يد حماس حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة ويتحمل السكان مزيدا من الألم.
وفي السياق، قال المحلل السياسي، الدكتور أيمن يوسف لـ”القدس العربي” ان الحالة الغزاوية لها خصوصيتها في التظاهر، ومختلفة عما يجري في المنطقة العربية، حيث يمر القطاع بظروف معيشية سيئة منذ 12 عاما، لكن كانت هناك إشارات واضحة في المسيرات والهتافات ان هناك شكل من أشكال عدم الرضا عن حكم حماس، وأيضا دعوات إلى اتمام المصالحة”.
وأشار إلى ان هناك تجذرا في المقاومة الشعبية والاحتجاج في القطاع، تمثل باستمرار مسيرات العودة بالرغم من الشهداء والجرحى الذين سقطوا على مدار 12 شهرا، وهذا النهج قد يستمر ضد “حماس” والفصائل، وقد يتطور على شكل عصيان مدني، لكنه ما زال بعيدا عن ملامح “ربيع عربي في غزة” قد يطيح بحكم حماس.