انتهت العواصف التي ضربت مخيمات اللاجئين السوريين في مناطق عدة بالبقاع شرقي لبنان، لكن تستمر معاناتهم خارج وطنهم، مشتتين في مخيمات عمرها ثماني سنوات.
حوالي 60 ألف لاجئ سوري في بلدة عرسال اللبنانية يعانون من شحّ المساعدات الغذائية وغياب وسائل التدفئة.
من بين هؤلاء 15 ألف لاجئ في مخيمات “وادي حميد” يواجهون خطر التشرد؛ جراء عدم تمكنهم من دفع إيجار الأرض، وشح مساعدات الأمم المتحدة، وانعدام فرص العمل.
وضربت عواصف وأمطار غزيرة مخيمات عرسال، الشهر الماضي؛ ما أضر كثيرا باللاجئين، وأوجد اهتماما إعلاميا وقليلا من المساعدات.
من سيء إلى أسوأ
وصف “الشاويش” (المشرف) رضوان، وهو من ريف حمص بسوريا، حالة مخيمات “وادي حميد” في عرسال ووضع المخيمات عامة في البلدة، بأنه “يتجه من سيء إلى أسوأ، في ظل تراجع المساعدات الغذائية ومواد التدفئة”.
وأضاف رضوان أن “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أوقفت البطاقة التموينية عن معظم اللاجئين في المخيمات، رغم أن أنها كانت تعطي فقط 27 دولارا للعائلة في الشهر”.
وأوضح أن “الـ27 دولارا لا تكفي ثمن الغذاء، في ظل عدم وجود فرص عمل لأغلب اللاجئين في البلدة”.
ودعا رضوان إلى “تأمين الحد الأدنى لمقومات العيش لهؤلاء اللاجئين، وهو إيجاد فرص عمل ليعيلوا أطفالهم وأراملهم وعجائزهم”.
وأردف أن نسبة العمال تمثل 2 أو 3 في المئة من مجمل سكان المخيم، والبالغ عددهم 83 عائلة، أغلبهم من بلدات القصير وريفها في حمص وريف القلمون بريف دمشق.
وشدد على أن مادة التدفئة (المازوت)، التي أتت بها جمعيات خيرية وإغاثية بعد العاصفة الماضية، لا تكفي ولن تكفي، في ظل الحاجة إلى المدفأة 24 ساعة يوميا خلال الشتاء.
وأعرب اللاجىء السوري عن أسفه بسبب تهديد صاحب الأرض لهم بالطرد، إذا لم يدفعوا إيجار الأرض، البالغ 8 آلاف دولار في السنة.
بلا عمل
وفقا للاجئ السوري محمد، وهو محامٍ من مخيم الكرامة (ضمن مخيمات وادي حميد)، فإنه “توجد 106 خيم تضم لاجئين من منطقة القصير وريفها والقلمون”.
وأوضح أن “هذا المخيم توجد فيه أرامل بكثرة وآخرون مفصولون من المساعدات الأممية (لا يحملون بطاقات خاصة للتغذية والمساعدات)”.
ولفت إلى أن منطقة “وادي حميد”، الواقع فيها المخيم، ترتفع عن سطح البحر حوالي 1600 متر، لذا فهي منطقة باردة جدا، واللاجئون هنا بحاجة إلى مادة التدفئة بشكل دائم”.
وشدد على أنه “لا يمكن لأي إنسان هنا أن يوقف المدفئة لأكثر من 5 دقائق، خاصة وأن الخيم مهترئة ولم نستلم الشوادر (غطاء بلاستيكي للخيمة) منذ أربع سنوات، والموجودة أصبحت قديمة لا تحمي من نزول المطر”.
وأعرب عن أسفه بسبب “شح المساعدات الأممية، والتي تكاد تنعدم في تلك المخيمات، إضافة إلى أن عددا قليلا فقط من اللاجئين يعملون في البلدة بتكسير الحجار، ولا يصل ما يتقاضونه إلى أكثر من 2 الى 3 دولار يوميا”.
وأوضح أن “الأمم المتحدة فصلت كبار السن والأرامل عن المساعدات دون ذكر أسباب”.
ومضى قائلا: “لدينا إيجار الأرض التي تتوزع عليها الخيم، ويبلغ مئة دولار عن كل خيمة في السنة، وهذا من الصعب تأمينه في ظل الظروف التي أصبحنا فيها دون عمل ودون مساعدات”.
ثمن العلاج
اللاجئة “خضرة مطر” قالت إنها مريضة بالديسك في ظهرها، ولديها شلل عصبي في وجهها، ولا تملك المال لشراء العلاج، إضافة إلى حرمانها من الاستفادة من مساعدات الأمم المتحدة.
وهي تبكي تساءلت: “كيف أحصل على المال لشراء الدواء والعلاج وأنا لا أستطيع العمل.. الجيران في بعض الأحيان ينظفون لي الخيمة”.
وتابعت: “نستدين لنأكل ولدي ديون للبقال بحوالي 330 دولارا، وعلى مفوضية اللاجئين أن تنظر في أمري وتعيد بطاقة الغذاء”.
ووصفت “خضرة” المعيشة في هذه الخيم بـ”التعيسة جدا.. نحن نموت بشكل بطيء في المخيمات بالمرض والبرد”.
وزادت بقولها: “ليس لدي معيل اتكل عليه.. لا أولاد ولا زوج.. كيف أعيش.. لي الله ولا أحد غيره”.
عودة المساعدات
اللاجئة السورية، منى أحمد عوض، أرملة لديها ثلاثة أطفال، وجاءت إلى المخيم منذ 4 سنوات.
وصفت الحالة بـ”السيئة للغاية”، وقالت إن أولادها بحاجة إلى معيل، فهم بحاجة إلى علاج، لأنهم مرضى؛ جراء البرد القارص هنا.
وتابعت: “نعيش أنا وأطفالي في خيمة نخاف أن تدركنا عاصفة ونصبح في العراء.. نأمل أن تعود المساعدات من جانب الأمم المتحدة والهيئات الإغاثية لكي تخفف آلامنا”.
وأردفت: “نشعر بحزن شديد بسبب ما آلت إليه أمورنا.. لسنا سعداء بالعيش في مخيمات خارج وطننا.. الآن الحياة ذل”.
وختمت بقولها: “لا نستطيع تأمين إيجار الأرض السنوي؛ جراء عدم وجود دخل مادي يعيننا على العيش”. (الأناضول)