شهدت عدة مدن جزائرية خلال اليومين الماضيين حركات احتجاجية عفوية رافضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للولاية الخامسة، وهي مظاهرات خرجت بطريقة عفوية دون أي تأطير من أحزاب سياسية أو منظمات أو جمعيات، تأتي في إطار الاحتقان الذي خلفه الإعلان عن ترشح الرئيس بوتفليقة إلى فترة رئاسية جديدة، دون أن تسعى السلطات إلى قمعها، لكن المظاهرات شهدت بعض الاعتقالات في صفوف من رفعوا شعارات رافضة للخامسة.
وكانت مدن برج بوعريريج وبجاية وخراطة وغيرها قد شهدت مظاهرات سلمية رفعت فيها رايات سوداء منددة بالولاية الخامسة، وباستمرار الوضع القائم في البلاد، دون أن تعمل قوات الأمن على قمع المظاهرات، لكنها عمدت إلى اعتقال بعض المشاركين فيها، وخاصة أولئك الذين ظهروا في فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يعلنون موقفهم صراحة من استمرار الرئيس إلى فترة رئاسية جديدة، الأمر الذي حرك موجة من التضامن مع الموقوفين، والدعوة إلى الإفراج عنهم، على اعتبار أنهم لم يقترفوا أي جرم، عدا تعبيرهم عن رأيهم بحرية، مثلما ينص عليه الدستور، الذي يحرص على حرية الرأي بالنسبة لعموم المواطنين.
ولوحظ عبر بعض المظاهرات أن عددا من المتظاهرين حاولوا عن قصد أو بدونه إعطاء الاحتجاجات صبغة إيديولوجية، مثل رفع شعارات مطالبة بـ”إقامة الدولة الإسلامية”، وهو ما اعتبره البعض محاولة تيار نائم لاستغلال الاحتقان الذي خلفته الولاية الرابعة، فيما شكك آخرون في كون بروز هذا التوجه أمرا مقصودا الهدف منه التشويش والتخويف، وإقناع عموم الجزائريين هو أن بديل الولاية الخامسة هي “الدولة الإسلامية” وصعود التيار المتطرف.
ويتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للخروج إلى التظاهر عبر كامل التراب الوطني يوم 22 فبراير/ شباط فيما يدعو آخرون إلى التظاهر يوم 24 فبراير/ شباط، وهي المظاهرات التي يترقبها الكثيرون لمعرفة مدى استجابة الشارع لها، والطريقة التي ستتعاطى بها السلطات معها، خاصة وأنها من جهة لا تريد التشويش على الانتخابات وعلى مشروع الولاية الخامسة، ومن جهة أخرى تدرك أن القمع لن يزيد إلا في تأجيج نار الغضب.
المظاهرات حاليا مقتصرة على مدن داخلية، ولا تحظى بتغطية إعلامية، لكن نقلها إلى المدن الكبرى، وخاصة العاصمة سيعطيها صدى آخر وبعدا مختلف، لأن الصورة لم تتضح بعد، هل هي كرة ثلج تكبر يوما بعد آخر، أم مجرد تنفيس عن غضب ما ينفك أن يتبخر ويقبل الجزائريون بالأمر الواقع مثلما وقع في انتخابات الرئاسة لـ2014، التي خرجت فيها عدة مظاهرات رافضة لترشح الرئيس لولاية رابعة، لكن الأمور ما لبثت أن عادت إلى مجراها وسارت الانتخابات مثلما أراد السلطة.